٭ عندما تحاصرني الهموم من كل جانب.. واخاف على نفسي من أن ابحث لي عن مكان خال في احدى زوايا هذا البلد الشاسع بعد أن أُزيلت «صواني الحركة» التي كان يلوذ بها الذين هجمت عليهم الهموم وذهبت بصحة نفسياتهم وعقولهم.. عندما أكون في هذه الحالة أبحث عن مهرب آخر واروح في البحث عن موضوعات أخرى غير التي تدور في الساحة السياسية.. كلام.. كلام.. الاستفتاء.. القضية الدستورية.. الانفصال.. كتاب الصادق المهدي ميزان المصير الوطني في السودان.. وما يدور على صعيد المجتمع.. الغلاء والفقر.. والمرض والجوع. ٭ تذكرت فجأة ان في الاسبوع الماضي وحده اتصلت بي أكثر من مجموعة تطلب مني أن احضر اجتماع جمعية عمومية لتكوين منظمة طوعية تعمل لنشر ثقافة السلام، أو رعاية شؤون النازحين..و.. الخ. ٭ ظاهرة في حد ذاتها صحية وايجابية أن يستشعر الناس واجباتهم حيال المجتمع.. لكن أن تصبح المنظمات الطوعية بهذا العدد الذي يفوق الألفي منظمة يستوجب الوقفة.. فهذه الكثافة تشتت الجهود وتوسع من دائرة علامات الاستفهام في رؤوس المانحين وتؤدي إلى ضمور معاني العمل الطوعي. ٭ بالطبع لست ضد هذا بشكل مطلق ولكن ادعو لوقفة حقيقية من أجل تجميع الجهود حتى تنتظم المجتمع المدني حركة قوية وراشدة ووطنية وبعيدة عن الالتفافات في المرحلة القادمة.. تأملوا معى هذه النقطة في هذا الزمان الغريب.. زمان العولمة التى كادت سلبياتها ان تغلب على ايجابياتها وتؤدي إلى استلاب يذهب بالهوية وربما بالسيادة ذاتها. ٭ قفز ذهني إلى ما يدور في العالم من حولنا.. في زمن القطب الواحد.. زمن امريكا والأممالمتحدة أو بالأصح زمن امريكا التى هى نفسها الأممالمتحدة. ٭ وقع السودان مع بداية الألفية الثالثة وضمن «98» دولة على ما يسمى «اعلان التنمية الالفية» ومن أهدافه استئصال الفقر والجوع وتحقيق التعليم الأساسي الشامل والعمل على المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من الوظائف العملية ومكافحة الايدز والملاريا والسل وأهم واخطر هدف هو تطوير شراكة عالمية شاملة للتنمية. ٭ ومنذ توقيع الوثيقة وحتى الآن كلنا يعرف تماماً ما تم ويتم في العالم. ٭ وفي عام 5002 صدر تقرير مجموعة مستشارين كلفهم الامين العام للامم المتحدة بوضع خطة عمل مدروسة لتنفيذ مباديء التنمية الالفية والتقرير احتوى على اربعة أجزاء: 1/ أهمية الاهداف وضرورة تحقيقها. 2/ واجبات الدولة الوطنية. 3/ واجبات المجتمع الدولي. 4/ التكلفة والعائد. ٭ ومناقشة الاجزاء الاربعة جاءت بعشر توصيات أهمها.. على كل الحكومات ان تقرر استراتيجية تنجز أهداف التنمية الالفية في موعدها 5102 وتسمى هذه الاستراتيجية تخفيض حدة الفقر. ٭ هذه الاستراتيجية يجب ان تستهدف الاستثمارات العامة وبناء القدرات واستنفار الموارد الداخلية وتحتوي على العون الحكومي والخارجي، هذه الاستراتيجية تستلزم الحكم الصالح ومبادئه واحترام حقوق الانسان ومشاركة المجتمع المدني.. وتشجيع القطاع الخاص.. هذه الاستراتيجية تستهدف ايضاً الاستثمار وسياساته لتحقيق الاهداف وتحديد كل ذلك للسنوات الثلاث أو الخمس القادمة مع التأكيد على الانتاجية الريفية والحضرية والصحية والتعليمية وحرية التجارة والحريات الاساسية والاقتصادية ونبذ العنف وتطبيق العلم والتكنولوجيا.. تأكيدا للشفافية واللامركزية وإصحاح البيئة ومشاركة المجتمع المدني والعناية بتنمية القدرات واستنفار الموارد بمعدل 4% من الدخل القومي وتقدير المعونة الرسمية والمخارجة منها. ٭ على الدول النامية والمتقدمة ان تقدم في هذا العام 5002 حوافز سريعة لانقاذ حياة المحتاجين أو تدعيم الاقتصاديات الهشة واعداد الخبراء والمقدرة الفنية. ٭ على الدول المتقدمة ان تفتح حدودها وأسواقها للبلاد النامية مطبقة مقترحات الدوحة في ميعادها بنهاية 6002م. ٭ انتهيت من تأمل بعض ما جاء في وثيقة الالفية الثالثة وبعض ما جاء في تقرير المستشارين بقيادة البروفيسور جفري.. وتساءلت نحن من الدول النامية ونأمل ونبحث عن الدولة الراشدة وحركة المجتمع المدني الناضجة.. فهل يا ترى ومع معطيات السياسة الدولية نحن مع موعد مع القدر ام ماذا؟.. أم ماذا؟؟!! هذا مع تحياتي وشكري