تعاني معظم المجتمعات العربية وللأسف الشديد من سوء الفهم لنهج تربية الأطفال الذين هم جيل المستقبل، بل لا تعطي معظم الأسر قضية تربية الأطفال اهتماما كبيراً مثل الأكل والشرب. ويزداد الأمر سوءا عند أسر المغتربين، حيث نجد الأب في دوامة العمل منذ الصباح وحتى المساء، وعند العودة يستسلم للراحة والنوم، أما الأمهات غير العاملات فمعظمهن يقضين كثير من الوقت في «النوم» ويتركن الأطفال إما للعلب على أجهزة الكمبيوتر، أومشاهدة قنوات الأطفال. ومن هنا تنشأ المشكلة الكبرى،لأن ترك الأبناء على هذا الحال يؤدي إلى غياب الدور التربوي والتوعية والقدوة الحسنة، فيتصرف الأطفال كيف ما يريدون ويقعون في كثير من الممارسات الخاطئة دون رقيب. والمشكلة الثانية التي تتعلق بأطفال المغتربين بصورة خاصة تتمثل في غياب تواصل الإجيال، فعدم وجود الحبوبة والجد والخال والخالة والعم والعمة، يؤدى إلى انقطاع تواصل الإجيال، فنجد كثيرا من اطفال المغتربين محرومين من حنان الحبوبة والجد، فالحبوبة التي يجلس الأطفال حولها وتحكي لهم قصص البطولة والشهامة لا تكمن غاية هذه القصص في المتعة فقط، بل تلعب هذه القصص دورا كبيرا في تعميق القيم والقدوة الحسنة والدروس العبر. وايضا وجود العم والعمة والخال والخالة يجعل الأطفال يشعرون بشئ من الاطمئنان والسكينة الشئ الذي يجعلهم يقومون بإظهار الاحترام للكبار ومن بعد يصير هذا الاحترام والتقدير جزءاً من سلوك الطفل، وهذا مايفتقده الكثير من أطفال المغتربين. لذلك نجد أن غياب دور هؤلاء الأقارب عن أطفالنا بدول المهجر يؤثر تأثيرا سلبيا في تربية الأطفال، فعندما تجد طفلاً في ديار الغربة لا يظهر احتراما لرجل في مقام عمه أو ابيه فلا تستغرب لأن هذه نتيجة طبيعية نشأت بسبب إنقطاع تواصل الاجيال، فغاب بالتالي عن اطفال الغربة أعمدة مؤثرة في تربية الأطفال. ومن الملاحظ أن الكثير من أطفال المغتربين غير اجتماعيين وغير لبقين في التعامل مع الغير، بل يجهلون الكثير من المفردات السودانية ومفردات التواصل من الغير، وهذه مشكلة اجتماعية كبرى، تحتاج منا لوقفة طويلة. ويرى الكثيرون أن أطفالنا في الغربة مظلومون مكانا وزمانا، مظلمون لأنهم يعيشون في بيئة غير بيئتهم وديار غير ديارهم، لذلك يحتاجون لنوع معين من التربية تتمثل أولى خطواته في محاولة أن نجعلهم يتواصلون مع اقاربهم في السودان ، فزيارة أرض الوطن بصحبة اطفالنا أمر في غاية الأهمية، حيث يتعرفون على وطنهم وذويهم، ويشربون من ماء النيل وغدا أفضل إن شاء الله. [email protected]