مع العد التنازلي لإجراء الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان المقرر له التاسع من يناير المقبل بدأت حالة من الارتباك في السوق ونشاط واضح للسوق السوداء حيث قفزت أسعار السلع الضرورية جاء متزامنا مع ارتفاع لسعر صرف الدولار بعض العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني حيث تجاوز سعر صرف الدولار 3000 جنيه في السوق الموازي اختلف الخبراء أن تكون هي أحد إفرازات اقتراب عملية الاستفتاء، مما خلق حالة من التخوف وسط المواطنين حول ما ستحمله الأيام المقبلة. وكان البنك المركزي بالسودان قد وضع في الآونة الأخيرة بعض الإجراءات والتعديلات في سياسات النقد الأجنبي للحد من ارتفاع أسعار الصرف للعملات الأجنبية، وعزا المركزي هذا الارتفاع لعدم اليقينية وعدم الاطمئنان والمعلومات غير الصحيحة المتداولة بالإضافة إلى الجدل حول الاستفتاء والذي أدى إلى زيادة الطلب على الدولار بغرض المضاربة ، لكن اتحاد أصحاب العمل ارجعوا ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنية إلي شح الصادرات غير البترولية. ثم اتجه البنك المركزي إلى تخفيف قيوده عن حركة النقد الأجنبي، ووزع منشوراجديدا للصرافات عدل بموجبه المبالغ الممنوحة للمسافرين عبر الصرافات ،ورفع المبالغ الى »1310« دولارات بدلا من 700 دولار لكلٍ الدول ما عدا الأردن وسوريا ومصر، التي حدد لها مبلغ »950« دولارا بدلا عن » 700« دولار. وأعطي المركزي خيارين للصرافات حال وجود فوائض بالنقد الأجنبي من مشترياتها من البنك المركزي ببيع تلك الفوائض لبنك السودان المركزي وبسعر الصرف الجاري زائداً الحافز او الاحتفاظ بتلك الفوائض على أن يتم خصمها من الحصة التالية التي ستقوم شركة الصرافة بشرائها من البنك المركزي. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور بابكر محمد توم نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان في تصريحات للعربية نت، أن الدولار يرتفع عندما يقل عائد الصادرات وان الدولة اتجهت لتشجيع الصادر، وأبان أن اكبر طريقة لخفض الدولار مقابل العملة الوطنية هو تحفيز الصادرات والمغتربين وغيرها من الجهات التي تعود للبلاد بعملات أجنبية ، وقلل محمد توم من تخوف وقلق البعض من ذهاب نسبة كبيرة من العائدات البترولية للجنوب اذا انفصل عن الشمال، مشيرا الى انه بعد التشجيع الكبير للدولة للولايات لزراعة القمح والسكر حدث اطمئنان باعتبارهما اكثر السلع التي كانت الدولة تصرف عليهما عملات أجنبية وذلك في إطار سياسة الدولة تشجيع الإنتاج وترشيد الاستيراد. وقال إن الخوف من ارتفاع سعر الدولار مؤقت، وفي رده على سؤال حول أسباب انتشار السوق السوداء قال محمد توم أن والقرارات والحوافز التي اتخذها البنك المركزي لاحتواء ارتفاع سعر العملات الأجنبية وذلك بعد منح المركزي حافز 16% للصرافات أصبح سعر الدولار الآن في البنوك أفضل من السوق السوداء مشيرا إلى أن هذه القرارات تحتاج إلى وقت حتى تظهر نتائجها تدريجيا . وتوقع الخبير الاقتصادي أن تمر مرحلة الاستفتاء على أحسن حال دون أن يتأثر السوق أو الوضع الاقتصادي معللا ذلك أن الدولة أعدت العدة لهذه المرحلة مشيرا غالى تجاوز البلاد للازمة الاقتصادية العالمية الدولية بسلام. لكن الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي نفى في اتصال هاتفي مع العربية نت أن يكون سعر الدولار قد انخفض، وقال حمدي أن ارتفاع الأسعار والتضخم وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنية ناتج لاختلال في الميزان الداخلي والتدهور في الحساب الخارجي وهو العامل الرئيسي بسبب قلة المعروض وزيادة الطلب على هذه العملات، وقال أن المعالجات التي اتخذها البنك المركزي والمتمثلة في تخفيض سعر العملات عن طريق الحافز ورفع سعر الدولار الجمركي ومنح المسافرين نسبة من العملات الأجنبية قال أنها أصابت الجسم الاقتصادي بالهلع مما أدى إلى ظهور السوق السوداء والمضاربة في الدولار. ونفى الخبير حمدي أن يكون اقتراب الاستفتاء له تأثير فيما يحدث وقال أن الاستفتاء مسألة متزامنة فقط وليس لها علاقة مباشرة مع ارتفاع الأسعار وحول اتجاه الحكومة لزيادة الإنتاج وترشيد الاستيراد قال حمدي أنها معالجات جيدة لكنها تحتاج وقت، وأكد انه حتى ولو حدثت وحدة فإن الإشكالية ستكون موجودة وهي قلة المعروض وازدياد الطلب.