التصريحات التي أطلقها قادة المعارضة منددين فيها بالحكومة وتمسكها بالسلطة والتحركات التي يودون القيام بها للمطالبة بتحول ديمقراطي فاعل يسبقه إعلان حكومة قومية بعد الانفصال، وتزامن ذلك مع موجة غلاء واختفاء بعض السلع الاستراتيجية المهمة من الأسواق، كانت بالونة اختبار ردت عليها الحكومة بتصريحات كشفت فيها عن سياستها في المرحلة القادمة، وأكدت قدرتها على حسم من كل من تسول له نفسه باللعب بورقتي الأمن والغذاء. هذه الحركة من المعارضة وما تبعها من تخرسات أوكامبو حول مليارات الرئيس الكاذبة، ومحاولات البعض استغلال حادثة تطبيق حد الجلد على فتاة اليوتيوب، وتجييرها لصالح تحركاتهم لكشف ظهر الحكومة، جعلت الأخيرة تكشر عن أنيابها، وتؤكد جاهزيتها لكافة الاحتمالات، ففي الوقت الذي كان فيه الفريق البشير يخاطب اللقاء الجماهيري بأعياد الحصاد في ولاية القضارف في الشرق، موجها بذلك رسالة قوية للمواطنين «حكومة ومعارضة» بألا رجعة عن الشريعة والتمسك بتطبيقها بعد الانفصال، محذرا من وصفوا بالمنافقين والمرجفين في المدينة الذين اتخذوا من الحادثة ذريعة للتطاول على الإسلام، كان نائبه علي عثمان يخاطب النواب في مجلس تشريعي ولاية الخرطوم في الوسط بمناسبة إعلان الاستقلال من داخل قبة البرلمان، محذرا المتلاعبين بقوت المواطنين من سياسة تخزين السلع بغية تجويعهم أملاً في تحركهم ضد الحكومة، مؤكداً أن ذراع الحكومة طويلة وسيفها بتار، داعيا الأجهزة الأمنية لحسم كل من تسول له نفسه بالمتاجرة بقوت المواطنين. وفي الغرب كان الدكتور نافع يوجه رسالة مماثلة لمن في قلوبهم مرض، مؤكدا أن أعين الدولة ساهرة ترقب كل شيء، وألا رجعة عن توجه الحكومة الإسلامي، كما كان وزير الدفاع يخطب في الكلية الحربية بمناسبة احتفالها بتخريج عدد من الضباط، مشيدا بقدرة القوات المسلحة وجاهزيتها للدفاع عن الوطن، وإذا أضفنا إلى هذه الأحداث تصريحات الفريق مهندس محمد عطا المولى مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني في ندوة الأمن والسلم في السودان بتشريعي الخرطوم، عن احزاب المعارضة التي قال فيها إنها تتمنى وتتربص أن ينفصل الجنوب، وأن تحدث تداعيات تؤدي إلى خلل أمني يُسقط الحكومة، فإنه يمكن القول أن هذه التظاهرات الجماهيرية شكلت مناسبات استطاعت عبرها الحكومة إبلاغ رسالة مهمة للداخل والخارج، اختارت لها هذا الوقت لتؤكد أن الأمن مستتب، وأن أرض الوطن واعدة بالخيرات، وأن الرهان على ضعفها ومحاولات إسقاطها عبر هاتين الوسيلتين ليس سواء ضرب من الأحلام، وهكذا استطاعت الحكومة أن تبلغ رسالتها، ولكن هل استوعبتها المعارضة؟ ٭ صحافي مقيم بالسعودية