كثيراً أسمع ترديد عبارة «عقد عمل حر» بل طُلب مني في مرات عديدة أن أجتهد في الحصول على «عقد عمل حر» لصديق أو لقريب يسعى للاغتراب في منطقة الخليج، وعندما أقول لمحدثي لايوجد مايسمى «بعقد عمل حر» يصفني بأنني قليل الدراية بعالم العقود الحرة، للحد الذي حملني على طرح السؤال على أصحاب الدراية في المملكة العربية السعودية، عن حقيقة مثل هذه العقود، فتبين أن الأمر يختلف عن مزاعم «جماعتنا» الذي يعتقدون بأن الحصول على هذا العقد يُمكن صاحبه من العمل في المجال الذي يختاره بمزاجه دون كبير عناء، وعبر ذلك يستطيع أن يحقق أحلامه وأحلام الذين دفعوا به الى عوالم الاغتراب، غير إن الواقع يقول بحسب أصحاب الدراية بأن الامر لايعدو كونه تجارة « سرية» يطلق عليها في السعودية «تجارة التأشيرات» تقوم بها عدد من الشركات والمؤسسات «الصغيرة أو الوهمية» نظير مبالغ تراوح بين « 9 إلى 12 ألف ريال» وهو فعل لاتقوم به أبدا الشركات والمؤسسات الكبيرة، وهذه تقدم عقودا حقيقية أن ارادت. وتبذل السلطات حاليا جهود كبيره لمحاصرة تجار التأشيرات المسمى «عقود عمل» وماهي الا حبر على ورق، فالقادم عبر هذه التأشيرات لن يحظى بوظيفة كما هو مدون في عقد العمل، الذي يبدو في ظاهره انه مستوف لاشتراطات العمل، غير ان الأمر في نهايته لايعدو كونه تجارة ضحاياها دائماً هم الذين يبحثون على فرص عمل كيفما إتفق، فعندما يصل القادم الى العمل الى مقر «كفيّله» المفترض، سرعان مايساومه على دفع مبلغ يحدده الطرف الأول نظير إطلاق سراح طالب العمل، الذي عليه ان يبدأ رحلة جديدة في البحث عن عمل قد لايتوفر أحيانا، وحتى لو توفر العمل يكون الطرف الثاني أمام مطبات عصية أبرزها تغيير المهنة، فالقادم عبر تأشيرة «تربية مواشي» وهو اسم «الدلال» لرعاية الإبل في الجبال! وحاملها قد يكون من أصحاب المؤهلات العلمية، يجد صعوبة بالغة في الحصول على عمل وأن وجده يتوجب عليه أولاً أن يغير المهنة، وهذه رحلة اخرى من المعاناة، حيث يصعب تغيير مهنة « تربية المواشي» أما القادم وهو يحمل مهنة، عامل أو نجارأو حداد أوطباخ أو كهربائي.. إلخ وهي المهن المتاحة لسوق العمل السوداني، فسيواجه بمشاكل مختلفة فان حصل على وظيفة ان كانت في تخصصه او مهنته او دون ذلك، سيكون امام عقبة أُخرى إن هو اقدم على خطوة استقدام «اسرته او زوجته» حيث تمنع الأنظمة الاستقدام لمثل هذه المهن، وحينها لاتجدي محاولات تغير المهنة، والتي حتى ولو تحققت يكون الشخص أمام حقيقة مايعرف باسم مهنة المنشأ وهو التي دخل بها الى الدولة المضيفة. آمل أن لايتعجل القادم إلى العمل في الخليج الخطى، وعليه بمزيد من التأني، والصبر، وعدم القبول بأي مهنة والسلام.