بعد ان وصلت عملية الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان الى محطتها الأخيرة في انتظار إعلان نتيجة الانفصال المرجح ،بدأ في ولاية النيل الازرق تنفيذ اجراء آخر يرتبط ايضا باتفاقية السلام هو عملية المشورة الشعبية ،واعلنت المفوضية البرلمانية عن سير العملية وفقا لما هو مخطط له ووفق ما جاء في الاتفاق من اجل الاجابة على السؤال الرئيس عن مدى رضاء المواطنين هناك عن اتفاقية السلام وما مدى تلبية الاتفاقية للطموحات التي انتظرها الناس هناك بعد ان وضعت الحرب اوزارها ؟ وانطلقت امس الاول المشورة الشعبية لسكان ولاية النيل الأزرق بشأن ما إذا كانت اتفاقية السلام الشامل لبت طموحات مواطني الولاية،وتستطلع مفوضية انتخبها المجلس التشريعي للولاية آراء المواطنين بشأن الحزم الأربع للاتفاقية السياسية والاقتصادية والدستورية والإدارية. ويقصد بالترتيبات الدستورية والسياسية والإدارية والاقتصادية الترتيبات المتعلقة بهيكل ونوع ومستوى الحكم اللامركزي والمؤسسات والصلاحيات، والعلاقة بين الولاية والمركز، والصلاحيات التنفيذية والتشريعية، ونصيب الولاية في الثروة والسلطة القومية المفصلة في اتفاقية السلام الشامل. ومن المقرر أن ترفع المفوضية تقريرا إلى المجلس التشريعي ليقوم الأخير بمناقشة التقرير، وفي حالة اعتماد المجلس اتفاقية السلام الشامل بوصفها تلبي تطلعات شعب الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية للنزاع السياسي في الولاية وتحيل حكومة الولاية الأمر إلى رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري بهذا الشأن. أما إذا لم يعتمد المجلس التشريعي الولائي المعني اتفاقية السلام الشامل باعتبارها لم تلبِ تطلعات شعب الولاية المعنية، تدخل الولاية في التفاوض مع الحكومة من أجل تضمين وإقرار تلك التطلعات في الاتفاقية وذلك بمرسوم جمهوري. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الولاية والحكومة بشأن تقرير تلك التطلعات أو أي منها خلال ستين يوما من تاريخ بدء التفاوض، تحال المسائل الخلافية إلى مجلس الولايات للوساطة والتوفيق، ويكوّن المجلس لجنة لهذا الغرض خلال أسبوع من تاريخ الاستلام. وتوجه صباح امس المئات من الاهالي للإدلاء بآرائهم في عملية المشورة الشعبية، ورصد تدافع أعداد كبيرة من المواطنين إلى مراكز أخذ الرأي والتي شملت كافة مناحي الولاية وسط عمل دؤوب من قبل المفوضية البرلمانية وباهتمام متعاظم من قبل الشارع في الولاية والذي ينظر لعملية المشورة الشعبية بانها فرصة كبيرة من اجل تحقيق تطلعاته ومن اجل صياغة علاقة جديدة بين الولاية والمركز خصوصا بعد ان أزفت ساعة الرحيل بالنسبة للجنوب . المشورة الشعبية إذن هي معرفة رأي شعب في ولايتين هما النيل الازرق وجنوب كردفان، وما يبدو ماثلا الآن، من خلال استعراض الآراء الاولية للمواطنين هو تباين الآراء حول تلبية الاتفاقية للطموحات التي انتظرها المواطنون وهو رأي صريح قال به المواطن بشير عبد الله في احد مراكز المشورة بالدمازين ومازال انسان المنطقة يبحث عن اساسيات الحياة وعرج للاوضاع الصحية والتعليمية في المنطقة التي وصفها بالسيئة وسط استماع اعضاء المجلس التشريعي له مطالبا اياهم بايصال صوتهم الى المركز من اجل ايجاد المعالجات في اطار الوطن الواحد. من جانبه قال عضو المجلس التشريعي لولاية النيل الازرق يوسف الطيب ل»الصحافة» ، ان عملية اخذ الرأي تسير بصورة سلسة وسط تباين في آراء المواطنين حول مدى المكاسب من الاتفاقية في محاورها الاربعة ومدى قبولهم لها ،ولم يخفِ يوسف ارتفاع الاصوات القائلة بعدم تلبية الطموحات المنتظرة وهو امر سيضعونه نصب اعينهم في كتابة التقرير النهائي قبل رفعه لحكومة الولاية من المجلس التشريعي الذي يحوي في داخله 29 عضوا للمؤتمر الوطني في مقابل 19 عضوا للحركة الشعبية الا ان هذا الامر وبحسب حديث يوسف لن يؤثر على التقرير الختامي في ايصال رسالة شعب المنطقة. من جانبه اكد رئيس مفوضية المشورة الشعبية بولاية النيل الازرق سراج حمد عطا المنان انسيابية العمل في اجراءات المشورة الشعبية بالولاية دون معوقات وبحرية وشفافية وان الناس يدلون بآرائهم وفق ما يريدون وبالعبارة المناسبة باعتبار ذلك حقاً كفلته لهم الاتفاقية والدستور ،وفيما يتعلق باتجاهات الرأي في مدى تلبية الطموحات من عدمها امتنع عن الافادة وكذلك امتنع عن الخطوات مابعد اخذ الرأي اذا ما جاء بعدم تلبية الرغبات من قبل المواطنين تجاه الاتفاقية قبل ان يضيف ان القانون هو الفيصل، والقرار في البداية والنهاية هو قرار شعب الولاية وسيقومون بايصاله. وفي الوقت الذي بدا فيه حالة من الاتفاق مابين مواطني النيل الازرق حول ضرورة تحقيق مكاسب عبر خيار المشورة الشعبية بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والحزبية وفي اتجاه غير بعيد فوض امس رجالات الادارة الاهلية والي الولاية مالك عقار القيادي بالحركة الشعبية الحديث باسمهم وايصال رسالتهم القائلة بان الاتفاقية لم تلبِ الطموحات وما زالت الولاية تحتاج للكثير وفي الحزم الاربعة وهو امر بدا واضحا في شوارع وازقة الولاية التي لا حديث لها سوى عن المشورة ويبدو من الآراء الاولية ان الجميع يمضي في اتجاه تسوية جديدة مابين الحكومة المركزية وحكومة النيل الازرق من اجل اكمال النقائص في الحزم الاربعة خصوصا ان اشياء كثيرة منها تتعلق بالخدمات الاساسية وهي حق للمواطن وواجب على الحكومة القيام به انطلاقا من مسؤوليتها وان الامر نفسه يفتح الابواب لمجموعة من التساؤلات تتعلق بتنفيذ الاتفاقية في ولاية النيل الازرق بعد الكثير من التجاوزات في تنفيذها في جدول المشورة نفسها، وامر آخر سيلقي بظلاله وهو انفصال الجنوب في ظل علاقات التواصل مابين شعب النيل الازرق والجنوب في فترة النضال المسلح ومعادلة اخرى داخل الولاية نفسها، ففي الوقت الذي يمتلك فيه المؤتمر الوطني الشرعية الدستورية بأغلبيته داخل المجلس التشريعي تقف الحركة في الجانب الآخر على قمة السلطة التنفيذية يسندها جيشها الذي لم يسرح بعد .