الاسبوع الماضي شغلت ولاية البحر الأحمر السودان كما لم تشغله عملية سير الاستفتاء لجنوب السودان او اي حدث آخر غيره ، وتعود الاسباب الى مقال افتتاحي نشر بصحيفة محلية بالبحر الاحمر ( صوت برؤوت ) وتعتبر لسان حال المؤتمر الوطني بالولاية ، المقال فجر ازمة يوصفها البعض بانها مسكوت عنها حيث ذكر كاتب المقال الزميل الصحافي عبدالقادر باكاش تحت عنوان ( البيان الاول ) ان سكان شرق السودان يؤيدون انفصال الجنوب عن الشمال ويبشرون باقتراب فصل الشرق عن قبضة النخب الشمالية الحاكمة ، ومبعث الازمة ان الصحيفة تتبع للحزب الحاكم ولو ان المقال نشر في صحيفة معارضة لما أثار دهشة الكثيرين باعتبار ان قوى المعارضة بشرق السودان سبق وان بشرت بالرغبة في معالجة ازمة الاقليم بذات الاسلوب الذي عولجت به ازمة الجنوب . ولكن ومع ذلك كون المقال نشر بصحيفة حكومية فإن قطاعات واسعة من سكان شرق السودان وعبر الإدارات الاهلية اصدرت بيانات شجب وإدانة بحق الصحيفة والمقال والذين يقفون خلف دعاوي فصل الشرق من ابناء المنطقة ، وافاد بيان صادر من أبناء قومية الأمرأر اكبر الإثنيات المنتشرة في سواحل وجبال البحر الاحمر انهم يرفضون وصف الصحيفة لأهل الشمال بأنهم دون مستوى المستعمر الاجنبي البغيض وجاء في البيان ان قبائل شرق السودان من أمرأر وبني عامر وهدندوة وحباب وبشاريون وارتيقة وحلنقة وكميلاب وأشراف يؤمنون بوحدة السودان وتراب السودان ولم يطالبوا بالإنفصال ويتساءلون من أين استقى محررو وكتاب صحيفة برؤوت رأيهم الإنفصالي ؟ وكيف تسئ صحيفة تنتمي الى المؤتمر الوطني ويديرها قياديون بارزون ويرأس مجلس إدارتها نائب رئيس الحزب بالبحر الاحمر ..كيف تسئ الصحيفة للسودان . ومضى بيان أبناء الأمرأر في إيراد تساؤلاتهم عن الكيفية التي تم بها نشر المقال متهمين صراحة ان ما كتب بالصحيفة ليس رأياً لكاتب وإنما تم بتوجيه من الإدارة مطالبين بالتحقيق الدقيق في المسألة وتغيير الشخصيات التي تتولى الاعلام بالبحر الاحمر الا من يؤمن بوحدة السودان وسلامته من رجس الانقسام والتشتت ، ويضيف البيان ان قبائل الأمرأر حراس امن السودان والبوابة الشرقية تقف مع الاخوة في الشمال صفاً واحداً وفي خندق واحد ضد المتربصين من ابواق وطبول الإرتزاق . ان بيان قومية الأمرأر القى باللائمة على جهات بعينها في قيادة المؤتمر الوطني متهماً إياها بالوقوف وراء المقال الكارثة المنشور في صحيفة برؤوت من واقع الرغبة في تحقيق مكاسب قبلية محددة على حساب استقرار وامن الولاية ، ومن الواضح بحسب المصادر ان السلطات الامنية والحزبية المركزية شرعت من فورها في اجراء تحقيق حول المسألة وتم استدعاء المحرر مدير التحرير للإستجواب بيد ان رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة مازالا طليقين في الوقت الذي يدور فيه الهمس عن تورط قيادات عليا في المسألة . ان المشكلات المزمنة التي ظلت تشكو منها الولاية تشابه الى حد ما المشكلات الصحية التي ظلت تلازم والي الولاية وتغيبه قسراً عن التواجد في سدة الحكم خلال الأزمات الحادة فقد ضربت من قبل ازمة السخط الشعبي على سياسة التنمية المقلوبة وكان الوالي وقتها قيد العلاج ثم جاءت ازمة مذكرة الثلاثمائة قيادي من قيادات المؤتمر الوطني وكان الوالي خارج الولاية ثم جاءت اخيراً ازمة ( البيان الأول ) والوالي خارج السودان لأغراض العلاج - شفاه الله - فهل ستقوم الجهات العليا بمنحه إجازة طويلة لإستكمال مشاوير التداوي ويتم تعيين والي جديد ؟ ان الخطوة مطلوبة خصوصاً وان المبررات موجودة ولا توجد موانع قانونية او تشريعية فالجميع يعلم الكيفية التي تمت بها الإنتخابات السابقة . ان الأزمة التي تعيشها ولاية البحر الأحمر كما يقول حسن بعلاب القيادي بالمؤتمر الوطني أكبر من حكاية مقال فالت وجد سبيله الى النشر ومن الواضح ان ماحدث مؤخراً فتح الباب واسعاً لمناقشة حقيقة الأزمة بالبحر الأحمر ..غداً نواصل سرد الحقائق وإيراد بقية البيانات وأسماء المتورطين المفترضين .