بالأمس صدقت توقعاتنا التي طالما ذكرناها عن الازمة القادمة قريباً من شرق السودان على لسان ابناء مخلصين للسودان ولدوا بالشرق ويحتفظون بكامل الاهلية القومية والوطنية ، الازمة المذكورة نعني بها أزمة إنقسام أبناء الشرق الى فسطاطين فسطاط مع وحدة السودان وفسطاط يحتفظ بآمال الإنفصال عن الوطن الام دون ان يترجم آماله تلك الى عمل ثوري مسلح في الوقت الراهن ، إن الأسباب الرئيسية لمعركة ( ذات الكراسي ) التي اندلعت ليل اول من أمس بين قيادات المؤتمر الوطني ببورتسودان لم تكن معركة في غير معترك وإنما ضربة البداية في الصراع المرير الصامت بين الفسطاطين . والشاهد في المسألة ان الحزب الحاكم بولاية البحر الاحمر رغم انه أشعل الصراع بنشره للمقال الكارثة تحت عنوان ( البيان الأول ) في صحيفة برؤوت الموقوفة الا ان ذات القيادات المسؤولة عن الصحيفة جاءت بالأمس لتحاكم الشمال عن التهميش الذي يمارسه ضد الشرق وكأنما تريد ان تقول إن المقال المنشور لم يكن الا الجزء الظاهر من جبل الجليد وما لم ينصاع المركز لمطالب قيادات البحر الاحمر المهيمنة علي العمل فإن الامور قد تتطور بإتجاه التصعيد الكبير . ومن الواضح ان القيادات القديمة المحسوبة على الوالي الغائب عن ولايته أرادت ان تحسم تأثير القيادات الشبابية داخل الحزب بعد ان ادرك الكبار ان الشباب لا يؤمنون ببرنامج النهج الإنفصالي وكراهية الشماليين الذي بدأ عرضه مؤخراً وكان مسرحه مدينة بورتسودان وصحيفة الحزب الحاكم ، نعم حاول كبار أعوان إيلا طرد شباب الحزب من إجتماع أبناء الأمرأر داخل المؤتمر الوطني بعد ان حمل أولئك أشخاصاً بعينهم مسؤولية النهج الإنفصالي وإشاعة كراهية الآخر وسط سكان الشرق البسطاء والزعم ان كافة البلاوي التي يعيشها الإقليم إنما خرجت من جلباب ( البلاويت ) . إندلعت معركة ( ذات الكراسي ) لتضع قيادة الحزب في المركز أمام أحد خيارين لا ثالث لهما إما العمل الفوري لإعادة ترتيب أمانة الحزب بالولاية عبر الاجراءات المؤسسية المعروفة وغير المعروفة بهدف إبعاد العناصر المتفلتة التي بدت تظهر ما كانت تبطنه منذ فترة ..أو بالعدم ترك الحبل على الغارب لتسوقه رياح البحر الاحمر نحو لجة البحر وجزر الإنفصال وفي هذه الحالة فإن قراصنة البحر موجودون وهنالك ألف من يشتري دعاوي التحرر والإنعتاق من ربقة الطغيان ولم لا ؟ ألم تنجح مساعي جنوب السودان في الإنفصال ؟. إن ما حدث بالأمس كان متوقعاً وكانت مخاوف المتورطين في أزمة دعاوي الانفصال أكبر من آمال قيادات الحزب الشابة والواعية التي أرادت ان تصلح أخطاء التنظيم عبر مطالب مشروعة بإعادة تكوين وتشكيل مجلس إدارة صحيفة برؤوت ومحاسبة مجلس الإدارة القديم على كافة التجاوزات ، كان يمكن ان تمضي الامور بهدوء ولكن طبيعة ( الكنكشة ) عند البعض أبت الا ممارسة اساليب الطرد والإقصاء ظناً منهم انها العلاج الانجع ولكن للأسف الشديد ذاع الخبر وانتشر وعم القرى والحضر، الامر الذي ربما يترتب عليه تركيز المركز على ما يجري في تلك الولاية والمبادرة بعمل إصلاحات جوهرية في الحزب وحكومته خاصة وان المرحلة المقبلة لا تقبل ارتكاب الاخطاء والحماقات او غض الطرف عن الاستقالات التي تمهرها الكوادر الشبابية المخلصة تعبيراً عن إستيائهم ويأسهم من جدية المركز في الإصلاح .