جاء إلى منزله من العمل مهموماً، لأن عليه التزامات مالية لابد من الوفاء بها وحكى لزوجته الوضع المالي السئ الذي يمر به قالت له لا تهتم بذلك وعندي لك الحل. ذهبت زوجته إلى الصائغ وباعت جزء من ذهبها وأعطت زوجها حصيلة ما باعته واندهش كثيراً للمبلغ الكبير الذي تحصل عليه من بيع الذهب، فقد اشترى لزوجته قبل عامين جرام الذهب ب40 جنيهاً والآن باعت زوجته الجرام ب140 جنيه، وأدرك الآن قيمة الذهب الحقيقية في الادخار وليس الزينة فقط. الذهب الذي تاقت إليه أفئدة النساء وطارت منه عقول الرجال، ما الذي يحدث له الآن من ارتفاع جنوني في العام السابق وما هي التوقعات للعام الجديد؟ ومن أين يأتي الطلب الشديد على الذهب؟ تاريخياً ثلث الطلب على الذهب يأتي من جانب صناعة الحلي والزينة وخاصة في دول الهند والصين والخليج وينظر إليه باعتباره عمل ادخار خاصة في المناطق الريفية البعيدة كلياً عن الخدمات البنكية والمفاهيم المالية. كما يتركز الذهب في نطاق النقود وبناء الاحتياطي للبنوك المركزية. وهناك الاستخدام التجاري للذهب في صناعة الالكترونات الخاصة بمجالات المعلوماتية والاتصالات. وباقي الطلب على الذهب يأتي من المضاربين والمستثمرين الخاصين والذي يقدر انهم يملكون حوالي 3 آلاف طن ذهب أي أكثر من مقتنيات جميع البنوك المركزية في العالم من الذهب. كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع أسعار الذهب بارتفاع الطلب عليه مع محدودية العرض من الذهب. والآن فاقت أسعار الذهب في الاسواق الفورية العالمية نطاق 1400 دولار للأوقية أي ما بين 140-149 جنيه للجرام. اتجهنا صوب مجمع الذهب الواقع فى قلب السوق العربى وقابلنا محمد أحمد النعيمة «محلات طيبة» وقال لنا:هناك عوامل تحدد سعر الذهب منها البورصة العالمية والعرض والطلب على السيولة وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار. واليوم سعر الذهب للشراء هو حوالي 120-125 وسعر البيع من 140-145 جنيه للجرام. ويبدو ان الذهب قد أنهى حركته عند 140 جنيه للجرام. ويعاود السعي مجدداً. وإذا تجاوز الذهب مقارنة 140 جنيه ستكون خطوة ايجابية ستساعده على الاندفاع مجدداً فوق 150 جنيه. وإذا ثبت الذهب عند 150 جنيه سيكون تطوراً ايجابياً. ومن المفترض ان يحافظ سوق الذهب على هذا المكسب ويسعى نحو مضمار 160 جنيه، لكن اذا عجز عن أخذ مكانه في 160 جنيه فالعودة إلى 140 تكون واردة ومن هناك يتوقع أن يقوم الذهب بمحاولة هجوم ثانية. لكن على ماذا بنينا احتمال مواصلة الذهب الصعود؟ لأن النظرة إلى المرحلة القادمة ستكون امتداداً للمرحلة السابقة. والمؤثرات التي أدت إلى ارتفاع المعدن الأصفر في 2010م لازالت قائمة وفعالة والتوجه التصاعدي للذهب يستمر. لكن ما هي المؤثرات التي ستفتح شهية دينامية الارتفاع؟ في الواقع الازمة المالية العالمية وهي التي أدت إلى زيادة الطلب على الذهب واللجوء إليه كملاذ آمن، كما ان موجات الغلاء في السلع الاستهلاكية وزيادة سعر الدولار في السوق الموازي رفعت وتيرة الطلب عليه، وفوق كل هذا قضية الاستفتاء والمآلات وحالة عدم اليقين في نتيجة الاستفتاء وقضايا ما بعد الاستفتاء ألقت بظلالها وألهبت السوق خصوصاً مع الزيادات الأخيرة في المحروقات وأسعار السكر وزيادة الدولار الجمركي. لكن على المدى المتوسط سيواجه الذهب معضلة ارتفاع أسعار البترول عالمياً والذي وصلت أسعاره هذا الأسبوع فوق سقف 90 دولار ومن المعروف ان هناك علاقة عكسية بين سعر البترول وسعر الذهب، كلما زاد سعر البترول قل سعر الذهب، وعلى المدى الطويل هناك مخاوف من حدوث ظاهرة الفقاعات والتي قد تلحق بسوق الذهب، مثلما حدث من قبل لشركات الانترنت المعروفة بفقاعة الدوت كوم أوائل عام 2001م. ولا ننسى فقاعة انهيار شركات الرهن العقاري بامريكا عام 2008م والتي أدت إلى الأزمة المالية العالمية الحالية. وكان قد سبق للذهب في ثمانينيات القرن الماضي عام 1980م تعرضه لموجة انتكاس عندما وصل سعر الاوقية إلى حاجز 850 دولار ثم تراجع في أوج حالات الذعر ونقص حوالي 60% من قيمته. لكن مخاوف تجار الذهب في السودان تتركز الآن في ارتفاع سعر الذهب لكن دون رغبة في الشراء من قبل المواطنين.