القوة المشتركة تكشف عن مشاركة مرتزقة من عدة دول في هجوم الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. حسناء أثيوبية تشعل حفل غنائي بأحد النوادي الليلية بفواصل من الرقص و"الزغاريد" السودانية    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبعاد الدولية لمياه النيل في حالة انفصال جنوب السودان
قضايا ما بعد الاستفتاء(1)
نشر في الصحافة يوم 28 - 01 - 2011

يعتبر الماء العنصر الأساسي للكائنات الحية وسراً لخصوبة الأرض وازدهارها، مصداقاً لقوله تعالى: { وجعلنا من الماء كل شيء حي } . فالحياة مرتبطة بالماء وجوداً وعدماً، ويستوي في ذلك حياة الإنسان والحيوان والنبات، والقصور في وجود الماء يعني تهديداً خطيراً للحياة والأحياء على السواء.إن السكان بطبيعة الحال يتزايدون وبمعدلات متفاوتة في جميع أنحاء العالم بصورة عامة، وفي العالم الثالث بصورة خاصة. هذا النمو المتسارع للسكان خاصة في دول حوض النيل أفرز احتياجات متفاوتة للمياه ، لتأمين الغذاء والاستهلاك المنزلي،وتوليد الطاقة الكهرومائية وغيرها من الاستخدامات المتعددة للمياه. ولأجل هذه الاحتياجات المائية المتزايدة لدول حوض النيل،انعقدت الكثير من المؤتمرات والندوات، لتأمين شريان الحياة للإنسان والحيوان والنبات، وسخرت التكنولوجيا المائية لتحد من الفواقد المائية، فضلاً عن تكنولوجيا تحلية مياه البحر. يجئ الاهتمام بالحديث عن مياه النيل هنا لاشتراك عشرة دول فيها، وربما أحد عشرة دولة إذا انفصل جنوب السودان . ولوجود اختلافات وعلاقات متباينة بين تلك الدول، وكذلك لارتباطها باتفاقيات وبروتوكولات قديمة ، متجددة بالمطالبة بإلغائها وفقاً لنظرية التغيير الجوهري في الظروف ، تلك النظرية التي تعطي الدولة المتضررة الحق في إنهاء أو إيقاف العمل بالاتفاقية وفق شروط معينة، فدول حوض النيل مرت وتمر الآن بظروف وتغيرات عديدة جعلتها منقسمة بين دول مطالبة بإلغاء الاتفاقيات القديمة الاستعمارية الموروثة « إثيوبيا ، يوغندا ، كينيا ، رواندا ، بوروندي ، الكنغو الديمقراطية، تنزانيا»، وهذه جميعها دول منابع. ودول متمسكة بالحقوق المكتسبة من الاتفاقيات القديمة «مصر والسودان». ودولة غير منضوية حتى الآن في مجموعة دول حوض النيل « اريتريا» وتشارك بصفة مراقب. إن الإشكالية الكبرى في اتفاقيات مياه الأنهار الدولية تتمثل في أن القانون الدولي لم يوفر أساساً قانونياً واضحاً يتيح للأطراف المتنازعة فرصة الاحتكام لمبادئه ، كذلك ومن وجهة أخرى تتزايد أزمة المياه في العالم المعاصر في الوقت الذي لا يخضع فيه حوض نهر النيل لاتفاقية شاملة لتقسيم المياه. إن القاعدة الأساسية في النظام القانوني الدولي ، هي العقد شريعة المتعاقدين أي الثبات ، ولكن الإستثاء أن هناك جانباً متغيراً ومتطوراً في الحياة عامة بكل نظمها الطبيعية والبشرية والنظام القانوني فيها.
الوضع القانوني لمياه النهر الدولي:-
تنقسم الأنهار من حيث مركزها القانوني الدولي إلى نوعين (1):-
أ. أنهار وطنية: النهر الوطني هو الذي يقع بأكمله داخل إقليم دولة واحدة. وهو ملك للدولة صاحبة الإقليم ويخضع لسيادتها وحدها، حكمه في ذلك حكم أي جزء آخر من إقليم الدولة ، تنظم الدولة استغلال موارده والقوى الطبيعية الموجودة في مجراه كما تشاء.
ب. أنهار دولية: النهر الدولي هو ذلك النهر الذي يفصل بين إقليم دولتين أو أكثر ، أي هو الذي تقع أجزاؤه في أقاليم أكثر من دولة « النهر المتتابع» .كنهر النيل ، نهر الدانوب ، وغيرها. ويخضع النهر الدولي من حيث الملكية باختصاص كل من الدول التي يجري فيها بملكية الجزء من النهر الواقع بين حدودها ، وعليها أن تباشر فيه جميع أعمال السلطة العامة بشرط مراعاة الحقوق المماثلة للدول الأخرى التي تشاركها في النهر وعدم القيام بأعمال من شأنها الإضرار بهذه الحقوق. (2).
الأسس والمبادئ القانونية لمياه النهر الدولي:-
هناك نوعان من الأسس والمبادئ القانونية التي تحكم تنظيم استخدام مياه النهر الدولي(3):
أ. القواعد العامة والمبادئ الأساسية في القانون الدولي والعرف الدولي لاستخدام وإدارة مياه الأنهار وتتمثل في:-
* المبادئ التي أقرها القانون الدولي العام في عام 1961م فيما يتعلق بواجبات وحقوق الدول المنتفعة بالأنهار الدولية ووجوب تعاونها لاستغلال مياه النهر .
* قواعد اجتماع هلسنكي لجمعية القانون الدولي عام 1966م.
ومن خلال هذه الأسس تبلورت مجموعة من القواعد العامة لاستخدام وإدارة مياه الأنهار ، تتمثل في الآتي(4):-
1. قاعدة المساواة القانونية بين الدول النهرية المشاركة في النهر.
2. قاعدة الاقتسام العادل ، وهي القاعدة الرئيسية في قانون الأنهار الدولية وتعني الاقتسام بالعدل وفق الحقوق المكتسبة والعوامل الجغرافية والطبيعية للبلد والكثافة السكانية والظروف المناخية والاحتياجات الفعلية لكل دولة من الدول المشاركة في النهر الدولي.
3. قاعدة تحريم الضرر .
4. قاعدة احترام الحقوق التاريخية المكتسبة من المياه بموجب الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية التي حددتها القوانين حتى ولو كانت صادرة في حقبة الاستعمار ، وذلك بعدم إقامة السدود أو تشييد مشاريع هندسية.
5. قاعدة التزام الدول الشريكة بالتشاور عند تنفيذ أي مشاريع خاصة للاستفادة من النهر.
6. قاعدة عدم السماح لأي دولة غير شريكة في النهر ممارسة حقوق استخدام أو استغلال النهر ، إلا إذا وافقت كل دول النهر بالإجماع.
ب. الاتفاقات الفعلية الموقعة بين الدول الأطراف في أعلى وأسفل النهر:-
ولكل نهر اتفاقيات خاصة به تختلف عن اتفاقيات الأنهار الدولية الأخرى ،عليه سوف يترك الحديث عنها عند الحديث عن اتفاقيات نهر النيل».
نظريات القانون الدولي التي تحكم استخدامات المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية:
على الرغم من أن لكل نهر دولي خصائصه الخاصة ، إلا أن هناك نظريات متفق عليها بشأن حل مشكلة الأنهار المشتركة ، ويمكن لنظرية معينة أن تحل مشكلة نهر دولي معين أن تفشل في حل مشكلة نهر دولي آخر . والنظريات هي:-
1. نظرية السيادة الإقليمية المطلقة:
وترى أن للدولة حق التصرف كما تشاء في جزء المجرى المائي الذي يقع في إقليمها بغض النظر عن النتائج الضارة التي تترتب من جراء ذلك التصرف على الدول الأخرى المشاطئة للمجرى. (5)
2. نظرية الوحدة « التكامل « الإقليمية المطلقة:
تقوم على أساس أن المجرى المائي يشكل وحدة إقليمية ، لا يمكن تجزئتها بالرغم من جريانه داخل حدود عدة دول ، ولكل دولة يجري في إقليمها الحق المطلق في أن يظل الجريان الطبيعي للمياه في إقليمها على حاله من حيث الكم والكيف(6).
3. نظرية السيادة الإقليمية المقيدة:
تعني أن لكل دولة الحق في الاستخدام المنصف لمياه المجرى المائي الذي تشاطئه وذلك بدون أن يتسبب استخدامها بإلحاق الضرر بالدول الأخرى المشاطئة للمجرى. (7)
4. نظرية تضافر المصالح:
تعني أن النهر الدولي وحدة طبيعية ، يعد بأكمله ملكاً مشتركاً لجميع الدول التي يجري النهر في أقاليمها(8).كما تعبر النظرية عن شكل نظام مشترك للإدارة المؤسسية للمجرى المائي.
العوامل التي يمكن أخذها في الاعتبار عند تقسيم مياه الأنهار الدولية
أ/ الظروف الطبيعية:
(1) المناخ السائد (جاف/ شبه جاف/ رطب). وكمية الأمطار الساقطة ومدي اعتماد الدولة المشاركة في النهر الدولي كمصدر للمياه.
(2) نصيب الدول من مساحة الحوض.
(3) طول النهر أو أطوال الأنهار داخل الدولة المشتركة في النهر الدولي.
(4) المساهمة المائية للدولة في الصرف النهري.
(5) الصرف النهري في الدولة المعنية.
(6) المواقع الصالحة لبناء المشروعات المائية (السدود ، الخزانات ، القناطر) داخل الدولة.
ب/ العوامل الاجتماعية:
(1) عدد الدول المشاركة في حوض النهر الدولي.
(2) عدد سكان الدولة وكثافتها.
(3) النمو السكاني والهجرة.
(4) التركيبات السكانية (النوع/ العمر/ التعليم/ المهنة).
(5) نسبة سكان الحواضر في الدولة.
(6) المدة الزمنية في التاريخ المعاصر التي تم فيها استغلال مياهه النهر الدولي.
ج/ الأوضاع الاقتصادية:
(1) الناتج القومي الإجمالي ودخل الفرد.
(2) مشاركة القطاع الزراعي في الناتج القومي.
(3) الأراضي الزراعية المروية من النهر.
(4) الأراضي الصالحة للزراعة بالري من النهر.
(5) الأراضي الصالة للزراعة بالري من النهر.
(6) إنتاج واستيراد الغذاء.
(7) الأنظمة الزراعية والمحاصيل المزروعة.
(8) نظم استخدامات المياه في الزراعة (الري بطمر الأراضي ، الرش ، التنقيط).
(9) الاستخدامات الأخرى للمياه [الصناعية ? المنزلية ? البلدية ? النقل - الترويحية].
(10) مشاركة القطاع الصناعي في الناتج القومي.
(11) أنواع الصناعات السائدة.
(12) توليد الطاقة الكهرومائية.
(13) اكتمال شبكات الصرف الصحي.
(14) مدي تطور شبكات المياه القطرية.
(15) وجود الموارد الاقتصادية ، عدا الزراعة أو الصناعة التحويلية (المعادن/ النفط/ السياحة).
المورد الطبيعي المشترك في الشريعة الاسلامية:-
تتمثل مصادر الشريعة الإسلامية الأصلية في القرآن الكريم والسنة ، والإجماع والقياس ، وهذه مرجعيات أساسية تستنبط منها الأحكام والمبادئ المتعلقة بالمياه وطرق استخدامها. المبدأ الأساسي في الشريعة الإسلامية هو اعتبار الماء غير المحرز من الأموال المباحة عملاً بالحديث النبوي في قوله « ص» : الناس شركاء في ثلاثة ، الماء والكلأ والنار»(9)
إن الشريعة الإسلامية كانت سباقة في إيجاد قواعد استقلال مياه الأنهار فقد اشتملت أحكامها على الأتي :-
1/كفالة حق استغلال مياه النهر للجميع باعتبار النهر مورداً طبيعياً مشتركاً.
2/إقرار مبدأ الاقتسام المنصف للمياه بمعيار كل حسب حاجته .
3/ عدم الإضرار بالمياه وبحقوق الآخرين وفقاً لقاعدة « لا ضرر ولا ضرار».
4/ تطبيق مبدأ الإخطار والتشاور قبل إقامة المشروعات على النهر .
5/ إقرار مبدأ التعاون والمساهمة في تكلفة المشروعات المشتركة التي تحقق المصلحة العامة(10) .
الجزء الأول
وضعية مياه النيل في ظل السودان الموحد
نهر النيل :
يعتبر نهر النيل من أطول أنهار العالم ، (11). كذلك يعد نهر النيل من أكثر المجاري المائية الدولية تعقيداً، لكثرة الدول المشاطئة له واختلاف مصالحها وتوجهاتها تبعاً لمواقعها الجغرافية، إذ تطل على شواطئ نهر النيل وروافده عشر دول هي: اريتريا ، إثيوبيا ، كينيا ، تنزانيا ، أوغندا رواندا ، بور ندي ، الكنغو الديمقراطية ، السودان ، مصر. تصنف بعض هذه الدول ضمن دول العالم الأكثر فقراً وتخلفا، كذلك معظم دول حوض النيل هي دول منبع « ثمانية دول» ، أما السودان فهو دولة ممر، ومصر دولة مصب. وتتجلى أهمية نهر النيل في المرتبة الأولى من ناحية استغلال المياه في الزراعة والمرافق الحيوية الأخرى مثل الصناعة و التوليد الكهرومائي.
تعود معظم معاهدات واتفاقيات مياه النيل إلى فترة الاستعمار الأوروبي لأفريقيا ، فقد اهتمت بريطانيا صاحبة النفوذ في وادي النيل بإبرام اتفاقيات مع دول النفوذ الأوروبي الأخرى كايطاليا وبلجيكا وفرنسا ومع الإمبراطور منليك الثاني إمبراطور إثيوبيا ، والحكومة المصرية ، لحماية مياه النيل من أية تحولات قد تحدث في الأحباس العليا للنهر. وتستند هذه الاتفاقيات على مجموعة من الاعتبارات التاريخية والاقتصادية والسياسية، وهي اعتبارات تتسم بالتغير مع مرور الزمن .
اتفاقيات مياه النيل:
*بروتوكول روما 15/5/1902م *معاهدة 9/5/1906م * معاهدة 13/12/1906م ، * ديسمبر 1925م «. *إتفاقية7/5/ 1929م حيث وقعت الاتفاقيات بين مصر بشكل أساسي وبريطانيا نيابة عن السودان وكينيا ، أوغندا ،» تنجانيقا تنزانيا حالياً « *معاهدة في 13 /11/1934م بين بريطانيا نيابة عن تنزانيا وبلجيكا نيابة عن رواندا وبور ندي * معاهدة 1939 م بين مصر وبريطانيا نيابة عن السودان ، كينيا ، وتنجانيقا ويوغندا * مذكرات متبادلة بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا في يوليو 1952م وحتى يناير 1953م شلالات أوين « * 1932م بين مصر والسودان بخصوص خزان جبل أولياء. * اتفاقية مياه النيل 1959م بين السودان والجمهورية العربية المتحدة .
تحليل وتقييم عام لإتفاقيات مياه النيل من الناحية القانونية :-
* الاتفاقيات السابقة لعام 1929م تتعلق بالوضع الإقليمي وبحدود الأطراف الموقعة علي تلك الاتفاقيات(12).
* الاتفاقيات الأولى كانت مبنية على أساس التعاون الوقائي لحفظ الميزان المائي في دول حوض النيل .
* كذلك أنها اتفاقيات ترسيم حدود أو تتعلق بنظام الامتيازات الأجنبية والمصالح الاستعمارية في دول حوض النيل، وكان هدفها الأساسي هو تعزيز مراكز النفوذ للوجود الأجنبي في القارة الإفريقية . رغم اشتمالها على بند مائي أو أكثر .
* اتفاقية عام 1929م أعطت وضعاً قانونياً مميزاً للسودان ومصر، قسمت بموجبه حصص المياه على أساس عقد ثنائي في مواجهة بقية دول حوض النيل الأعلى .
* السودان، كينيا ، أوغندا ، تنزانيا ، لم تكن أطرافاً في اتفاقية عام 1929م ، واتفاقيات مياه النيل ذات طبيعة ثنائية ، تخضع لالتزامات متبادلة ومتوازنة ، والدول التي تستند على تغيير الظروف تستند إلى فقدان هذا التوازن نتيجة لتحملها عبء كبير أكبر من جراء ذلك التغيير في ظروفها .
* إن اتفاقية عام 1929م بين مصر وبريطانيا نيابة عن السودان وكينيا ويوغندا وتنزانيا ، كانت أكثر اتساعا وشاملة لدول حوض النيل مقارنة باتفاقية عام 1959م التي عقدت نتيجة لتغيير الظروف في مصر،فجاءت غير متكافئة مع السودان .
* إن نظرية السيادة المطلقة على الموارد المائية قد استخدمت كحجة قانونية دفعت بها دول المنبع « إثيوبيا ، كينيا، أوغندا، تنزانيا».
* لا يوجد في اتفاقية 1959م بند يحدد إمكانية المراجعة ويحدد زمانها.أي أن اتفاقية 1959م لم تذكر تاريخ مستقبلي لتجديدها حسب المستجدات الظرفية، وهذا بند متعارف عليه في كل الاتفاقيات الدولية.
* إن مضمون اتفاقية 1959م أعطى بقية دول الحوض أحقية في المياه أي اعتراف بحقها ، ولكنه اعتراف بحق دون الاستعداد لإعادة الحصص والتوزيع العادل في التنفيذ.
* إن الاتفاقية لم تقم على المعايير المعمول بها دولياً مثل المناخ في البلد المعني ، عدد السكان ، حجم الحاجة للمياه.
* إن الاتفاقية تخصص كميات محددة بدلاً عن الكمية النسبية من المياه ، الأمر الذي يحد من مقدرة الاتفاقية على مواجهة التغير المناخي وتذبذب تدفق الأمطار. لأنها لا تنص على مستوى جودة المياه الأمر الذي لم يكن قضية هامة آنذاك لأن الوعي البيئي لم يكن قوياً كما هو عليه الآن. والجودة مهمة بالنسبة لمصر لأنها آخر قطر أسفل المجرى ، وأن السودان يستعمل المزيد من الكيمائيات والمخصبات في الأراضي المروية بطريقة متنامية.
* اتفاقية مياه النيل بين السودان ومصر تقوم على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين «ثابت» (13) .ومبدأ الحقوق المكتسبة الذي نص عنه صراحة في الاتفاق .
* اتفاقية مياه النيل بين السودان ومصر 1959م ذات طبيعة عقدية ، ثنائية تقوم على تبادل المنافع والالتزامات بين دولتين فقط .
* اتفاقيات مياه النيل غير محددة المدة .
* اتفاقية عام 1959م غير متكافئة بين السودان ومصر .
* انتهي استخدام السلفة المائية السودانية لمصر في نوفمبر 1977م .
* اتفاقية عام 1959م ،وقعت في ظروف متغيرة أملتها ظروف بناء السد العالي.
* الإشكالية الرئيسية تتمثل في كيفية حصول دول حوض النيل على حقوقها وحصصها في المياه وفقاً لحاجتها ، مع الاحتفاظ بعلاقات سلام وتعاون فيما بينها، في ظل محدودية الموارد المائية العذبة وازدياد الحاجة .
* من الأفضل الوصول إلى حد أدني من التفاهم المشترك بين دول حوض النيل ، حول توزيع المياه.بما يحقق المصلحة العليا للجميع ،وتجنب الصرعات والحروب .
* ورقة قدمت في المؤتمر السنوي الرابع للجمعية السودانية للعلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.