«يا أم أحمد، دقى المحلب، احمد غائب، فى الركائب، جانا كلب، سنونو صفر، حلب الناقة، فى الشنقاقة» الى زمن قريب كان الأطفال خاصة فى الأرياف يتجمعون فى الليالى المقمرة يرددون أغنيات المرح والأهازيج، تتعالى صيحاتهم وضحكاتهم فى الساحات الواسعة عندما كان القمر يطلع فى «السادسة والنصف» بالزمن القديم ، ولكن تلاشت تلك الصور الجميلة حتى فى القرى التى غلب عليها طابع التمدن، واصبحت أغنيات «إسبيستون» وافلام الكرتون هى سيدة الساحة واختفت أغنيات «شليل وينو ختفو الدودو شليل وين راح ختفو التمساح» بعد التحولات الاجتماعية والثقافية بفعل العولمة. الألعاب الغنائية الشعبية فى البلاد كثيرة ومتعددة بتنوع قبائل السودان ولهجاته، فمازال بعضها حياً ومتوارثا يمارسه الأطفال فى البوادى والأرياف النائية التى لم تطلها أيادى المدنية، بيد أن نشاطها قل وتآكل بسبب المد الحضارى المتصاعد خاصة عن طريق الإعلام المرئى واجهزة الحاسوب والألعاب الإلكترونية «بلى استشيشن». وتنقسم ألعاب الأطفال فى الغالب الى ثلاثة انواع، ودائماً ما تنشط فى الليالى المقمرة، وبعضها خاص بالجرى والمسافات والمنافسات والفروسية والشجاعة وهى أقل نوع تصاحبه الأهازيج، وألعاب جماعية، والأغنيات جزء من تركيبتها وتغنى فى شكل «كورالى» ودائماً ما تكون ايام يكون القمر ساطعاً، بجانب الأغانى الشعبية التى يؤديها الأطفال أفرادا وجماعات، وقد ارتبطت بالبيئة مثل الأغنيات ل «الحيوانات والطيور». ومن الأغنيات التى يستخدمها الأطفال لتجميع «الشلة» وهى بمثابة نداء جماعى بعدها يتوافدون الى الساحة «الميس»، وعندما يصل احدهم وبعد ان ينضم اليه آخر يرددون يا مطارق يا عصى الدايرنا اليجي القدرنا اليجى مطارق يا عصي الى كبيراً مستحى ولا صغير ما بعرف شي وعندما يكبر التجمع ويتبقى بعضهم يتغنون بصورة جماعية مصحوبة بالتصفيق «البتعشى تخنقو القشة، والحامينو ما دايرنو»، ومن ثم تتوالى الاهازيج بين الصراخ والضحكات فيغنى «زعيمهم» والآخرون يرددون بصورة جماعية ايضاً: يا أولاد حلتنا .. ناكل ايه نأكل عجوه .. نشرب ايه نشرب قهوه .. نضحك كيف قه قه قاه .. قه قه قاه. ومن الالعاب المشهوره «شليل» ويمارسها الأطفال فى ليالى القمر، وهى قطعة صغيرة من عظم البقر او الأغنام، شرط ان يكون العظم شديد البياض حتى يطلق عليه شليل، ومن ثم يصطف الأطفال فى خط واحد ويرميه احدهم بعد تمويه فى احدى الاتجاهات، وبعدها ينطلق الأطفال بحثاً عن شليل وهم يغنون بصورة جماعية: «شليل وينو ختفو الدودو شليل وين راح اكلو التمساح»، ومن يعثر عليه يركض الى «الميس» لينهى اللعبة ويكون له فضل رمى شليل مرة أخرى. ومن أغنيات الأطفال الشعبية التى ارتبطت بالحيوانات خاصة عندما يمر قطيع من الأبقار امام مجموعة من الأطفال يرددون بصورة جماعية «التور اب جاعورة .. اب رقبة ً قرقورة .. شم الدم .. قال حرم»، ومن الأغنيات التى ارتبطت بالطيور خاصة فى فصل الخريف عندما يظهر طير «السمبر» يردد الأطفال «يا مطيرة صبي لينا في عينينا» «السمبرية ام قدوم .. عيش ابوى بقوم متين .. بقوم باكر .. مع العساكر». وفى الحصاد «موسم تجمع الطيور» وهى فترة ازدهار الأغنيات وفرصة ثمينة لاصطياد الطيور، بالنبال والشرك، وهو شرك مصنوع من السلك يطلق عليه فى بعض المناطق «القلوبية»، ويوضع على الأرض ويغطى هيكله الحديدى بالتراب عدا «حبة العيش» او «الدودة» التى تتغذى عليها الطيور الصغيرة لتكون فخاً، وعندما تقترب الفريسة الطائر الصغير «قدالى» يغنى صاحب الشرك وهو يضرب على صدره برفق «هب هب يا قدالى .. هب هب شركك عالى.. هب هب. هب هب دنقر شوف .. هب هب شوف الدودة .. هب هب كيف منصوبة» ويرددون للطيرة الصغيرة «خالة» ايضاً «الداى الداى خالة .. قطع إيدى خالة .. بالجلد النى خالة .. شوفى القنطور .. ابدوداً بفور خالة». ولكن أصبحت تلك الأغنيات من الماضى بعد ان أصبح الأطفال يرددون اغنيات افلام الكرتون و«اسبيستون» مثل «اسمى فلفول.. أحب الفول.. اما اللحم سريع الهضم .. اما الدجاج فله احتاج .. واحب المعجنات والطيبات»، وكثير من الأغنيات الحالية التى يرددها الأطفال مثل «مودى مودا، كابتن ماجد، كعبول، تنكى ونكى» والقائمة تطول.