بدلاً من أن يراجع الشيخ سعد الدين الحريري أسباب الفشل في إدارة الأزمة بموضوعية تجده مصراً على مواصلة ذات المسيرة الفاشلة التي ساقته لفقدان مقعد رئاسة الحكومة اللبنانية بسبب ركونه لبعض معاونيه وحلفائه المتطرفين، حيث يقود «الحكيم» سمير جعجع الشارع السني في «يوم الشغب» والتهجم على قيادات طرابلس وعائلاتها السنية العريقة بعد أن هدد اللبنانيين بالفتنة حال تسمية رئيس حكومة غير الرئيس سعد الحريري وكأن الرئاسة الثالثة صارت حكراً على فرد من الطائفة السنية . . في محاولة لإلغاء الآخر المذهبي والطائفي بتظاهرات الشغب الغاضبة التي يسيرها من يحاضرون ليل نهار في التقيّد باللعبة الديمقراطية والالتزام بالدولة ومؤسساتها الدستورية، ومع ذلك لا يتورعون عن مهاجمة الصحافيين ووسائل الإعلام التي تفضح إيمانهم بالممارسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة !! . أخطر ما يواجهه لبنان اليوم هو التوتير الطائفي والشحن المذهبي المنظم الذي تقوده قوى الرابع عشر من آذار بشكل لافت حيث انقسم هذا التحالف مؤخراً إلى «مسيحيين ومسلمين» من خلال كتاب رفع لرئيس الجمهورية العماد ميشيل سليمان باسم مسيحيي (14 آذار) لشد العصب المسيحي والتحريض ضد سلاح المقاومة بطلب الحماية العربية والأممية . . وللأسف شكل كل من البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني أهم رافعين لهذه التوترات الطائفية بانحيازهما لفريق سياسي ضد الفرقاء الآخرين من ذات الطائفة أو المذهب فضلاً عن التعصب ضد الطوائف الأخرى في تناس تام لواجب القيادات الروحية والمرجعيات الدينية في درء الفتنة وجمع الكلمة وتوحيد الصف الوطني بعيداً عن تجاذبات السياسة وتقلباتها . وفي تقديري أن مشاغبات مدرسة تيار المستقبل التي سادت إثر تسمية الرئيس نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً للوزراء سوف ترسمل في مشاورات تشكيل الحكومة العتيدة فلن يقوى رأس المال على الجلوس في مقاعد المعارضة حفاظاً على مكاسبه الاقتصادية . . ويُأمل أن تنقشع سكرة الغضب وتعود اللعبة الديمقراطية إلى المؤسسات الدستورية بعيداً عن الشارع المحتقن الذي لا يُقدر محركوه مخاطر النفخ في أوار الفتنة ولا يستطيعون التحكم بمآلات التظاهرات المنفلتة من عقالها وإبطال مفاعيل الشحن والتوتير المنظم طالما سقط الخطاب السياسي في درك الإفلاس باستدعاء الفتنة الطائفية والتمرغ في وحل التعصب المذهبي فلا رهان على عودة الوعي وإعمال الفكر والمنطق ما لم تنته القداسة عند عتبة السياسة .