ليس ثمة ما هو أِشد ضرراً بالبيئة وصحة الانسان من النفايات الطبية التي تقدر في الخرطوم بحوالي 5000 طن تنتجها مؤسسات عاملة في الحقل الطبي ، اذ ان هذه النفايات علي خطورتها مسببة لمخاطر جسام ان لم يتم التخلص منها بصورة علمية. ويؤكد مدير الطب العلاجي بوزارة الصحة الاتحادية دكتور حسن عبد العزيز ان النفايات الطبية تختلف باختلاف انواع المخلفات الطبية، حيث منها المعدية التي تحتوى على كميات كبيرة متنوعة ومختلفة من الميكروبات المعدية، وطرق انتقالها تتم عن طريق اللماس أو وخز أو قطع الجلد بمواد حادة وملوثة قد تسبب امراض والتهابات الجلد، والتي تنشأ بسبب التعرض لانواع من البكتريا الجلدية التي تتواجد في المخلفات الطبية مثل القطن والشاش الملوث بصديد جروح المرضى بعد العناية بهم او في حالة الاصابة بالجمرة الخبيثة أو بالميكروب وافرازات جلد المصابين وفقد المناعة المكتسبة «الايدز» وفيروسات التهاب الكبد بانواعها g, d, c, b وكذلك امراض الجهاز التناسلي الناتجة عن المخلفات والعينات الملوثة بالافرازات التناسلية للمرضى المصابين. مخلفات ومخلفات وتعتبر المخلفات الحادة مثل ابر الحقن او الادوات الطبية الحادة الاخرى الملوثة مثل المشارط والامواس والمناشير من اهم واكثر المخاطر الصحية لتلك المخلفات ويرجع ذلك لسهولة ادخال الميكروبات للجسم عبر الوخز او القطع الى مجرى الدم مباشرة كما ان سُمِّية الادوية المستعملة في العلاج الكيماوي عالية جداً حيث تؤثر في الحمض النووي للخلايا، فقد اثبتت التجارب مقدرة تلك المواد على تكوين اورام سرطانية وطفرات غريبة ، كما ان مخلفات تلك الادوية تعمل علي تهيج الخلايا والانسجة الموضعية حيث ان تعرض الجلد والعين لها قد يسبب اعراضا مرضية اخرى مثل الصداع والغثيان والتغيرات والتشوهات الجلدية. إحصائية النفايات الطبية ويقول دكتور حسن عبد العزيز ان المؤسسات الطبية التي تنتج النفايات الطبية تشمل 28 مستشفى حكوميا ولائيا و 17 اتحاديا بالاضافة الى المستشفيات الخاصة التي تبلغ 92 مستشفى و 1445 عيادة خاصة وعدد 9 مراكز تشخيصية وعلاجية ويتسأل حسن اذ كان عدد المؤسسات الصحية بولاية الخرطوم وحدها يفوق 5000 «الخمسة آلاف» مؤسسة اذا افترضنا ان كل مؤسسة تنتج في اليوم «واحد كيلو جرام» من النفايات الطبية وهذا يعني ان هنالك ما يعادل خمسة أطنان على الاقل من المخلفات الطبية في ولاية الخرطوم . وشملت الاحصائية مراكز صحية تتبع للمنظمات بالاضافة الى الصيدليات والوحدات الصحية الاساسية والعيادات الجوالة ومراكز غسيل الكلى ومؤسسات علاجية اخرى ومصادر اخرى للنفايات الطبية مثل المعمل القومى «استاك» والمؤسسات والمراكز البحثية والتقنيات الحيوية ومراكز علم الامراض والطب الشرعي وابحاث الحيوانات والمعامل البيطرية ومراكز التجميل «كثقب الاذنين والوشم» وكليات الطب وكليات طب الاسنان وكليات الصيدلة والبيطرة وكليات المختبرات الطبية والاشعة والبصريات والعلوم الصحية. واكد ان النظام القائم الآن للتخلص من النفايات الطبية نظام اسعافي، و تعكف الولاية لجلب محارق للتخلص منها بطرق سليمة وقال إن المخلفات السائلة في المعامل يُتخلص منها داخل المعامل وكذلك مخلفات المستشفيات بطريقة خاصة بكل مستشفى حيث لا يوجد نظام متكامل لمعالجة الصرف الصحي بالولاية خطورة طبية وبيئية ويبين استشاري التخطيط الهيكلي والاستراتيجي بالجمعية السودانية لحماية المستهلك دكتورسيد سليمان سيد أن نسبة النفايات الخطرة ( المعدية) تشكل مابين 15- 20% من جملة نفايات المستشفيات وهذه النسبة تختلف بين الدول الصناعية والنامية . ويضيف دكتور سيد ان النفايات الملوثة بيلوجياً كالأعضاء المبتورة والبقايا التشريحية والأدوات الجراحية الملوثة بحاجة لعناية خاصة لتفادي انتقال أية عدوى وهنالك قلق متزايد من إمكانية انتقال الأمراض المعدية كالايدز وفيروس الكبد الفيروسي (ب) ، ويؤكد سيد أن نفايات المستشفيات ليست كالنفايات المنزلية وتتطلب بالتالي معالجة خاصة ولكن يجب التركيز أن هذه الفيروسات تدمر بسرعة بعد مغادرتها للجسم المضيف وبالتالي فإنه وبغياب الأدوات الحادة كالحقن فإن فرص انتشارها تبقى ضئيلة، وهذا الأمر يستوجب إيجاد طرق فاعلة في عملية التخلص منها، طالب بالابتعاد عن التخلص من النفايات الطبية بواسطة المحارق وذلك للاضرار الكبيرة التي يخلفها هذا النوع بانتاج مادة الدايوكسين المسرطنة والمعروف ان السرطان له تاثره على جهاز المناعة ومما يؤدي إلى ضعف المقاومة وإضعاف الخصوبة وعدم اكتمال فترة الحمل وعاهات خلقية على الأجنة وضعف النمو الطبيعي للأطفال وخلل هرموني ويحد من النشاط الجيني للخلايا . ويلفت دكتور سيد الي خطورة حرق النفايات التي تحتوي علي الزئبق لان الزئبق لا يذوب بالحرق بل ينبعث من المدخنة ويبقى لأجل غير مسمى فيلحق الضرر بالإنسان والموارد الطبيعية من ثروات سمكية و زراعية وخلافها ويؤدي إلى التسمم العصبي والإضرار بالدماغ والرئتين واختراق الحاجز الدموي الدماغي. وقبل ظهور المحارق العلمية التي توجد بولاية الخرطوم بواقع محرقتين كانت السلطات الصحية تعمد للتخلص من النفايات عن طريق نظام تخلص النفايات البلدية التقليدي وذلك عن طريق رميها او حرقها في المناطق المجاورة او داخل فناء المستشفى او المركز الصحي . . ويبين مدير ادارة صحة البيئة بوزارة الصحة د. الفضل عبيد ان هنالك محرقتين فقط للتخلص النهائي من هذه المخلفات الطبية وهي محرقة المستشفى الصيني التي تستقبل نفايات مستشفى الخرطوم وجعفر بن عوف للاطفال أما محرقة المستشفى السعودي فهي خاصة به فقط واكد أن قلة المحارق ناتجة من التكلفة الكلية الباهظة للمحرقة وهاتان المحرقتان تغطيان فقط مخلفات المستشفيين الخاصين بهما . تصدي الدولة للنفايات الطبية ويؤكد د/ عبيد اكد ان جهات الاختصاص وضعت خطة قومية للتخلص الآمن من نفايات الرعاية الصحية الاولية منذ العام 2006-2007م بمشاركة عدد من المختصين ورُوعي في الخطة ظروف السودان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث تم تدريب بعض الكوادر العاملة في المستشفيات في ست ولايات «الخرطوم-كسلا- القضارف- الجزيرة- النيل الابيض- شمال كردفان» حيث تعتبر ولاية الخرطوم الاكثر انتاجاً لنفايات الرعاية الصحية وبدأ تنفيذ البرنامج بمستشفى الخرطوم التعليمي. و تم عمل مسح للنفايات الطبية في خمسة مستشفيات وهي بحري - امدرمان - الصداقة الصيني- الولادة، وسوف يتم تدريب الكوادر الفنية الاخرى. وتعتبر شمال كردفان هي أكثر الولايات انتاجاً لنفايات الرعاية الصحية وبدأ تنفيذ البرنامج بمستشفى الخرطوم التعليمي وتم حالياً مسح للنفايات الطبية في خمس مستشفيات هي بحري، ام درمان، الصداقة الصيني، ومستشفى الولادة ، وسوف يتم تدريب الكوادر الطبية لاحقاً. رقابة قانونية وبما ان المسؤولية المباشرة في التخلص السليم من النفايات الطبية تقع على المؤسسة الصحية المنتجة لهذه النفايات حسبما نص قانون صحة البيئة 2008 الذي اجيز بالمجلس الوطني مؤخراً ،الا ان المؤسسة المعنية لا تضع القانون نصب عينها لتعمل في مجال التخلص من النفايات الطبية بفاعلية . و بحسب المراقبين فان القانون لم يفعل بالصورة المثلي التي تحد من خطورة النفايات و عدم التقييد بالتخلص منها بصورة علمية ، خاصة وان القانون قد انفرد بكل ما يتعلق بالنفايات الطبية من حيث النقل - الجمع - التخزين ومن ثم التخلص النهائي .