العديد من مدن السودان تتمتع بمداخل جميلة تدخل الفرح والسرور فى نفس كل زائر لها، ولعل مدينة كسلا تعتبر من المدن التى تتميز بمدخل جميل تحفه الخضرة من كل جانب، وعندما تكون فى منتصف مدخلها تداعب وجهك نسمات رقيقة. ومن المدن أيضا التى تعتبر ذات مدخل جميل مدينة دنقلا، من خلال منظر النخيل الذى يحف جنبات النيل، وهو مشهد يدخل البهجة ويبعث على الراحة. وبالمقابل نجد أن معظم مدن القطر لا تتمتع بمداخل جميلة، ولعل مدن النيل الأبيض الرئيسية تأتى فى مقدمتها، حيث لا نشهد أية جماليات عند مداخلها، وهى مدن كوستي، الدويم ، ربك والقطينة، وهذا مما يدعو للاستغراب والتعجب من أمر هذه المدن والقائمين عليها وأولى الأمر بالولاية عامة، فليس هنالك أى عذر لما نشاهده من كآبة على مشارف هذه المدن، خاصة أنها تتمتع بأراضٍ خصبة وترقد على بحيرة من المياه. وبدأنا بمدينة كوستي باعتبارها أكبر وأهم مدن الولاية ومن نواح عدة، فعندما تجتاز الكبرى وأنت قادم من مدينة ربك، وتسير بك العربة على شارع الأسفلت الذى يقودك إلى المدينة، لا ترى منظرا يبعث على الارتياح، حيث أن أول ما تقع عليه عينك مشهد السيارات المتناثرة على جنبات الشارع وعدد من الصبية بعضهم شبه عراة وهم يغسلون بعض السيارات، وهو منظر لا يسر ولا يعجب كل من يراه، بل يجعلك تستغرب وتتحسر فى نفس الوقت أن يكون هذا أول ما تراه وأنت تتحفز لدخول هذه المدينة العريقة. والكثير من المواطنين والزوَّار يتساءلون عن دور الجهات الرسمية، وهل ترى هذا المشهد؟ وإذا كانت تراه لماذا لم تعمل على تغييره ومسح هذه الصورة التى تشوه وجه المدينة، فالأمر يحتاج إلى معالجة اليوم قبل الغد. معتمد كوستى دكتور أبو عبيدة العراقى رجل عرف عنه أنه يتمتع بحس جمالى كبير، وقد وضح ذلك من خلال اهتمامه فى الفترة الماضية بتشجير بعض الشوارع داخل المدينة وبعدد كبير من أشجار النخيل، وهذا ما يجعلنا نتحمس بل نتفاءل بأنه سيعمل على تحسين مدخل كوستى، فالمنطقة التى تلى الكبرى من ناحية المدينة فى أمس الحاجة للتجميل وبذات الطريقة التى تم بها تجميل بعض الشوارع الداخلية. وبالنسبة لمدينة الدويم فمدخلها يجعلك تشعر بأن هذه المدينة قد اصابها المرض وأصبحت عجوزا، حيث لا ترى عند مدخلها الذى يبدأ من مرسى المعدية غير متاجر متهالكة بعضها ساقط وآخر آيل للسقوط، فليس هنالك أى منظر يريح النفس، ولم تفكر المحلية فى السنوات السابقة فى تغيير هذه الصورة البائسة. والآن فإنه ومع قرب افتتاح الكبرى سيرتاح الناس من هذا المنظر الكئيب، ولكن هنا يبرز سؤال، هل وضع المسؤولون بالمحلية والوحدة الإدارية أمر تجميل مدخل المدينة الجديد الذى سيبدأ من مدخل الكبرى سواء من ناحية الدويم أو من الناحية الشرقية للمدينة، في حسبانهم؟ ومن خلال متابعتنا للأمور يمكن أن نقول إنه ليس هنالك أى اهتمام بهذا الجانب، فالمعروف أن الكبرى وحسب ما أعلن سيفتتح خلال الشهرالمقبل، وإذا كان هنالك أي اهتمام بأمر تجميل المدخل لبدأ منذ فترة، وهذا لم يحدث، بل حتى الشارع الذى سيربط الكبرى بداخل المدينة لم نر تحركاً لتشييده، وحتى الآن لا يعرف المواطنون بأى اتجاه يمر مدخل الكبرى من ناحية الدويم. ولنذهب إلى عاصمة الولاية ونعنى مدينة ربك، فهى مثل شقيقتيها لا يميزها مدخل واضح، فأنت تتفاجأ وبدون أية مقدمات بأنك فى منتصف المدينة، حيث تقابلك فى بدايتها أحياء متناثرة مبنية بصورة عشوائية، وحتى الشارع الرئيسى الذى تمر عبره كل السيارات المتجهة إلى كوستى وولايات الغرب أو الجنوب، فقير من ناحية الخضرة، فلا ترى فيه غير الجبال الأسمنتية التى لم تضف أية ناحية جمالية للشارع. وآخر المدن مدينة القطينة، فهى الأخرى رغم أن تربتها خصبة إذ تعتبر من أميز أنواع التربة لقابليتها لإنجاح زراعة أى نوع من الأشجار، فلا ترى أية خضرة واضحة، فعندما تسير فى الشارع الذى يقودك إلى داخل المدينة لا ترى غير سواد الأسفلت وبعض البيوت المتناثرة. والعديد من الفنانين من أبناء الولاية عبروا عن اندهاشهم لما تعانيه مداخل مدن الولاية من إهمال من جانب المسؤولين، حيث قال المصمم الأستاذ عبد المنعم محمد إن مدخل أية مدينة يعتبر عنوانها البارز، وقال إنه يعكس مدى إحساس أهلها بالجمال واهتمامهم بالخضرة. ومن جانبه دعا الأستاذ الطيب حسن المسؤولين الى الاهتمام بتحسين صورة مداخل مدن الولاية، وقال إن الأمر لا يكلف كثيرا، مشيرا إلى أن زراعة الأشجار فى جنبات الشوارع التى تقع على واجهتها هى أقصر الطرق لتجميل مداخل المدن. وأخيرا فإن تجاهل الجهات المعنية لأمر تجميل مداخل المدن لا نجد له مبررا، علما بأن بعض المداخل تمثل مصادر دخل لإدارة التحصيل بالمحليات، ومن باب أولى أن يتم تغيير شكلها الكالح إلى آخر يكون عنوانه الخضرة والجمال.