بعد فترة ليست قصيرة، أتاحت لي رئاسة الجمهورية أمس أن أكون وسط أهلنا الكرام الصابرين في ولاية شمال كردفان، الذين يتوسطون السودان وكانت لهم الريادة في الإنتاج الزراعي والحيواني، لكن جار عليهم الزمان فمرت عليهم سنوات من القحط و»المحل»، لكنهم صبروا وعادوا لعهدهم الأول،وبعد طول انتظار استمتعوا بالكهرباء القومية التي دشن الرئيس عمر البشير أمس محطتها التحويلية الرئيسية في منطقة أم روابة،وتمرد المواطنون في المنطقة على البروتوكول واستجاب لهم البشير حيث لم تكن ضمن برنامجه مخاطبتهم، وكان فرحهم بالكهرباء لا يوصف،فهم طيبون مطالبهم لم تتجاوز الخدمات والتنمية ومحاربة العطش، أما قسمة السلطة فليست من أجندتهم الحالية. أم روابة التي كانت عاصمة صناعة الزيوت ودخلتها أول معصرة زيوت في البلاد، حالها اليوم لا يسر ومصانعها صار ينعق فيها «البوم»،بعد ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب الطاقة وتزايد الرسوم والجبايات وتدني الإنتاج، وسينعش وصول الكهرباء آمال مواطني المنطقة، ولكن وصول الكهرباء القومية إلى الأبيض وبارا وأم روابة ليس كافيا وحده، فهذه المدن تغطيها خدمات الكهرباء بنسبة بين 40% و50%، ولا يزال الريف يحلم بالكهرباء حتى يستطيع شباب محلية أم دم حاج احمد استخدام الانترنت والمشاركة في «الفيسبوك» كما قال البشير أمام اللقاء الجماهيري. أما الأبيض «عروس» الرمال»، فإن وصول الكهرباء القومية سيمنحها دفعة قوية وسيحيي مناطقها الصناعية، ويمنح مواطنيها أملا في تطور المدينة العريقة، وما يؤسف له أن الأبيض تشكو لطوب الأرض من تردي الخدمات الصحية والعطش،ومستشفى المدينة صار متصدعا يخشى من يدخله أن يتداعى فوق رأسه، وقد وعد البشير مواطنيها بإزالة مباني المستشفى الآيلة للسقوط وبناء مستشفى مرجعي. لقد تحدث شاعر الأبيض عبر كلمات منظومة في الاحتفال بلسان حال مواطنيها حتى وصفه البشير ب «الانتهازي الواعي»؛ لأنه عبر شعرا عن مطالبهم بمحاربة العطش وبؤس مستشفى المدينة وأستادها المتهالك،ولكن ما يؤسف له أنه على رغم حال الولاية فإن حكومتها لا تبدو على قلب رجل واحد، ولم يعد سرا وجود خلافات بين وزراء ومسؤولين كبار في حكومة الولاية،واعتقد أن والي الولاية معتصم ميرغني حسين زاكي الدين تقع عليه مسؤولية حسم الأمور التي يبدو أنها تمضي نحو مزيد من التعقيد؛ لأن حكومة برؤوس متنافرة وكتوف متلاحقة وتنافس على لا شيىء، لن يحصد منها مواطنو الولاية إلا مزيدا من المتاعب والتقدم إلى الخلف. شمال كردفان في حاجة إلى جهود أبنائها وما تحقق من انجاز في الكهرباء القومية ينبغي ان يستكمل بطريق أم درمان بارا، وينتظر أن تدفع وزارة المالية مقدم العقد الذي وقع مع شركة صينية حتى تبدأ مرحلة التشييد، وهناك نقاط صغيرة تحتاج إلى استجلاء من وزارة الطرق فبعض الناس هناك يتحدثون أن هناك تدخلا سياسيا أدى إلى تغيير مسار الطريق؛ حيث أن تصميمه الأول كان بمسار راعى الكثافة السكانية والتكلفة المالية، ولكن المسار الآخر الذي اعتمدته الوزارة يمر بمناطق غير مأهولة وبأراض غير منبسطة، مما يزيد من التكلفة بسبب الكباري ،وقد سألت وزير الدولة للطرق حامد وكيل عن ذلك فكان رده أن هناك تصميمين للطريق من دون مزيد من التوضيح،ما زاد شكوكي في هذا الشأن.