شكك خبراء واكاديميون في قدرة اتفاق الدوحة الاطاري، الموقع بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، في تحقيق سلام دائم وشامل في دارفور، وحذروا من مغبة تأثيرات الاتفاق الذي اعتبروه ناتجا «ثانويا» للتقارب السوداني التشادي الأخير، علي مجمل الاوضاع علي الساحة السياسية السودانية. واتفق المشاركون في منتدي مركز التنوير المعرفي الدوري مؤخراً، علي ان ثنائية اتفاق الدوحة ستفرز وضعا معقدا وشائكا في ضوء الاستحقاق الانتخابي المقبل والاوضاع الامنية في دارفور ، مشيرين الي تجدد القتال في منطقة جبل مرة، ورأوا أن الاتفاق من شأنه التأثير علي اتفاقية ابوجا، كما أشاروا الي تهديد حركة العدل والمساواة بالانسحاب من المفاوضات حال توقيع اتفاق اطاري اخر مع حركة التحرير والعدالة التي يتزعمها التجاني السيسي. ووصف استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الدكتور صفوت صبحي فانوس، الاتفاق بانه ارضاء للحكومة التشادية، بعد التقارب بين البلدين الذي شكل نقطة اختراق في جدار العلاقات السودانية مع المجتمع الدولي، ورأي أن الزمن المحدد للتوقيع النهائي بغير الواقعي، وتساءل عن امكانية توصل الحكومة والحركة الي اتفاق نهائي في هذه الفترة الوجيزة في ظل وجود كم هائل من القضايا الخلافية. وطرح المتحدثون عددا من التساؤلات عن الكيفية التي ستشارك بها حركة العدل والمساواة في الجهازين التنفيذي والتشريعي، مشيرين الي اجراء الانتخابات في ابريل القادم، كما تساءلوا عن كيفية المواءمة بين ما سيتم التوصل اليه من اتفاق مع الاتفاقيات المبرمة أصلا. وابتدر الحديث مدير معهد الادارة العامة واستاذ العلوم السياسية جامعة الخرطوم دكتور صفوت فانوس بطرحه لعدد من التساؤلات عن امكانية قدرة الاتفاق علي حل أزمة دارفور ؟ وتحدث فانوس عن دلالة التوقيت الذي جاء في اعقاب التطبيع السوداني التشادي ، ورجح فانوس ان يؤدي التقارب الجديد بين الخرطوم وحركة العدل والمساواة الى احداث توترات جديدة ، واضاف ربما يكون هذا الاتفاق مصدر تهديد لاتفاقية ابوجا الموقعة مع الحكومة من قبل فصيل حركة جيش تحرير السودان اركوي مناوي، واستبعد فانوس ان يفضي الاتفاق الاطاري الي سلام دائم وشامل في دارفور في ظل النزاع الدائم بين حركات دارفور، والصراع علي الموارد والحواكير وحقوق الرعاة والبعد الاقليمي ومصالح الدول المجاورة، ووصف فانوس الاتفاق بانه جاء ارضاء للحكومة التشادية قبل ان ينتقد ثنائية الاتفاق، مؤكدا بانها ستؤدي الي افراز وضع معقد، رغم ادعاء الحركة بانها الممثل الوحيد والشرعي للاقليم ، مشيرا الي تجدد القتال في منطقة جبل مرة بقيادة عبد الواحد محمد نور، وتساءل فانوس هل سيتضمن الاتفاق النهائي المقرر له 15 مارس الجاري اتفاقية ابوجا ؟ رئيس قسم العلوم السياسية جامعة الخرطوم الدكتور الشفيع محمد المكي اكد خلال حديثه ان الاتفاق حرك ساكن الكثير من القضايا الشائكة، وطرح المكي جملة تساؤلات عن الاتجاه الذي سيقود اليه الاتفاق في ظل الظروف النوعية التي يمر بها السودان والمتعلقة بقيام الانتخابات والاستفتاء، ورأى المكي ان الاطار كان يمكن ان يؤدي الي حل شامل لمشكلات دارفور لو شمل بقية الحركات الاخري ، واعتبر المكي ان اغفال دور القوى الدارفورية الاخري يدخل المشروع فى دائرة الاتفاق الثنائى ما بين الحكومة و الحركة واعتبارها ممثلاً وحيداً لدارفور في ظل وجود عشرات الحركات ، مشيرا الي ان الاتفاق ،سيفتح الباب للمزيد من التنافر فى دارفور، وتساءل المكي عن الكيفية التي ستشارك بها حركة العدل والمساواة في الجهازين التنفيذي والتشريعي ، مشيرا الي اجراء الانتخابات في ابريل القادم، وانتقد ربط الاتفاق بالانتخابات المقبلة ،معتبرا ان سرعة الاتفاق ستقود الي تعقيد القضية، وجدد المكي تساؤلاته عن امكانية قيام تحالف بين الحكومة والحركة حال قيام الانتخابات ؟ وهل يمكن قبول الدعوة بتأجيل الانتخابات حتي تتمكن الحركة من ترتيب بيتها والتسجيل كحزب سياسي ، كما تساءل عن كيفية المواءمة بين ما سيتم التوصل اليه من اتفاق مع الاتفاقيات المبرمة أصلا ، فيما شن رئيس مركز الاسلام والعالم المعاصر اللواء مهندس حسب الله عمر هجوما عنيفا علي الاتفاق الذي اعتبره ناتجا «ثانويا» للتقارب السوداني التشادي الأخير، ورأى حسب الله ان ثمة مشكلات قد تنتج في حال الأخذ بمشروع الاتفاق الاطارى، وجعل حركة العدل والمساواة ممثلاً لدارفور، دون اشراك المكونات السياسية الدارفورية الأخرى، مضيفا ان العامل الحاسم في انهاء قضية دارفور يتمثل في قيام الانتخابات التي ستجرد الحركة من الدعم الاقليمي والدولي وستفرض نظاما سياسيا. ورفض حسب الله الاعتراف بوجود أزمة في دارفور، مشيرا الي انها قضية ثانوية تم اختلاقها لتشكل برنامجا للحركات المتمردة، ورفض تشبيه الاوضاع في دارفور بما كانت عليه في الجنوب، مؤكدا ان الحركة الشعبية حركة معترف بها من الجميع حكومة ومجتمع دولي، مبينا ان حركة العدل والمساواة لا تمثل اجماعا دارفوريا .