حذر د. جمعة كنده من الأخطاء التي ترتكب فى التعامل مع تاريخ السودان، واعتبر ان اخطرها هو» محاولة تكوين السودان و توحيده من خلال التوحيد»، وطالب ، فى منبر «الصحافة» حول خطوات الاصلاح الدستوري والاداري، ب»الوعي ان المجتمعات المكونة للسودان تاريخيا هى فى الأصل مجتمعات فدرالية»، فيما رأى د. أمير عبد الله خليل ان الحديث عن الاصلاحات الدستورية وغيرها من القضايا ، كمدخل للاصلاح بالبلاد، قد تجاوزه الواقع الراهن، مشيرا الى نزول حركة شباب التغيير الى الشارع ، ومعتبرا «ان من واجب الجميع دعم هذه الحركة الشبابية». وانتقد د. خليل بعنف جهاز الخدمة المدنية وقال انها « خدمة عقائدية ظلت لعشرين عاما تقدم الولاء قبل الكفاءة الى السلطة «مرجعا انهيارها الكامل الى ذات السبب .، مقللا من تأثير هذه الحوارات والندوات التى تخرج بتوصيات « لا تخرج من المائدة التى كتبت عليها» ، لافتا الى ان الحكومة تمضى فى تنفيذ مخططاتها، مشددا على ان « التغيير جاي جاي، غصباً عننا وغصباً عن الغير» . وقال الدكتور جمعة كنده ان عدم وجود دستور دائم بالسودان يعني انه مازال في حالة البحث عن نقطة الثبات ، و ان الدولة مازالت في حالة صيرورة، لان الدستور الدائم والثابت هو احد معايير الدولة الناضجة. ولقد ظللنا نبحث فى نصوص الدساتير التى اعتمدت في تاريخ السودان ووجدنا ان بعضها سميت بالدائمة رغم انها لم تكن كذلك ،ولهذا فأنا ادعو الى البحث عن» نقطة الثبات» في هذه الدساتير ، اذا اننا ما زلنا مختلفين ، وطنيا ، حول الاصول والثوابت والقطعيات ، ومالم يتم اتفاق حول هذه المرتكزات ، فان الدستور القادم سيكون ورقاً غير قابل للثبات . النقطة الثانية التي أريد الإشارة اليها، ان هناك كثير من الاخطاء التي ترتكب فى التعامل مع تاريخ السودان، واكبر خطأ بنظري هو» محاولة تكوين السودان او توحيده من خلال التوحيد»، وان تقبلنا نحن ، كسودانيين « مسألة التنوع في البلاد يجب ان نعي ان المجتمعات المكونة للسودان تاريخيا هى فى الأصل مجتمعات فدرالية . وان الدولة الجديدة تكونت من ممالك لها اصول و انظمة قائمة بذاتها ، تجمعت في دولة واحدة . ويمضي د. كنده ليقول: اذا نحن في الاصل مجتمع فدرالي فكيف يتم الحديث عن المركزية القابضة؟،ان انفصال الجنوب اليوم هو مؤشر حقيقي حول خطورة التفكير المركزي، وحول دمغ الفيدرالية بتغذية القبلية . ان القومية عبارة عن تجمع عناصر اولية للمجتمعات المحلية . واتفق د. جمعة كنده فى النقطة الثالثة من مداخلته مع ما ذهب اليه د. الساعوري من ان جذور ازمة السودان تعود الى المنهج الذى تتبعه مؤسساته السياسية ، معتبرا ان الاحزاب الحاكمة والمعارضة لا تمارس النظام الراشد للحكم داخل المؤسسات . مضيفا « ان لم يحدث ذلك لا نتوقع ان يكون هنالك حكم راشد فى البلاد «، وطالب باعمال النقد الذاتي لمعالجة أسباب هذا التحلل قبل مناقشة طريقة الحكم الفضلى. وقال كنده فى ختام حديثه ان الدولة حينما تعكس العناصر المحلية في حكمها يتقوي الولاء الوطني ويشتد الوطن من اطرافه نحو المركز،ولكن عندما يعمل المركز ضد ارادة المحليات و ضد ارادة الثقافات والهويات المحلية يحدث العكس تماما ، وهو ما تثبته عملية انفصال الجنوب . اما د. أمير عبد الله خليل فقد رأى ان الحديث عن الاصلاحات الدستورية وغيرها من القضايا ، كمدخل للاصلاح بالبلاد قد تجاوزه الواقع الراهن، مشيرا الى نزول حركة شباب التغيير الى الشارع ، ومعتبرا «ان من واجب الجميع دعم هذه الحركة الشبابية». وانتقد د. خليل بعنف جهاز الخدمة المدنية وقال انها « خدمة عقائدية ظلت لعشرين عاما تقدم الولاء قبل الكفاءة الى السلطة «مرجعا انهيارها الكامل الى ذات السبب . واضاف ان المعاملة التى قابلت بها السلطات احتجاجات الطلبة تدفع الآن الى مناقشة كيف يمكن حماية الدستور، وكيف يمكن وضع اطار عملي بتكوين مجموعة تحاول وضع الخطوط العريضة للدستور مع اشراك الشباب فى ذلك. وقلل خليل من تأثير هذه الحوارات والندوات التى تخرج بتوصيات قال انها لا تخرج من المائدة التى كتبت عليها ، لافتا الى ان الحكومة تمضى فى تنفيذ مخططاتها، مشددا على ان « التغيير جاي جاي، غصباً عننا وغصباً عن الغير» . وارتكزت مداخلة الدكتور عبد الهادي الصادق على أربع نقاط اساسية ابتدرها بقوله : ان كل مسعانا السياسي الآن في التوفيق بين متطلبات السلطة والحرية ،اي كيف توفق بين ضرورة السلطة لانها شئ اساسي في حياة البشر ، وبين الحرية التي نبغي ان تتاح للناس في كل المجالات . لابد للسلطة من مؤسسات ساترة ورشيدة، والآن نحن في الالفية الثالثة نتكلم عن الحكم الراشد، والحكم الراشد يقوم على اربعة اركان اساسية، الركن الاول ان تكون الحكومة المركزية حكومة رشيدة . الركن الثاني اللامركزية والفدرالية عقيدة مهنية وسياسية وادارية نستمسك بعصبها لكن لابد من ترشيدها واصلاح شأنها ، والآن نحن نعمل في هذا المجال من خلال لجان متعددة في الدولة. الركن الثالث هو القطاع الخاص التجاري الذى ينبغي ان يتصدر عملية التنمية الشاملة. اما الركن الرابع فهو المجتمع المدني ، ولابد هذه الرباعية ان تتأكد وتتمازج في الحكم الراشد فبأي اهمال لأي ركن منها لن تكون مثالاً لدولة رشيدة. وتقول الاستاذة شادية خلف ان الدولة يجب ان تكون دولة مدنية ديمقراطية ، بها دستور قائم على سيادة القانون وعلى ارادة الشعب، وعلى الديمقراطية واستقلال السلطات الثلاث، وعلى تضمين الحريات الاساسية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية في الدستور، بغض النظر عن الظروف التى وضع فيها. ورأت شادية ان دستور 2005 من اميز الدساتير التى مرت على البلاد فقد تضمن جميع نصوص الحريات الاساسية كما تضمن المعاهدات والاتفاقيات الدولية حول حقوق المرأة والطفل بصورة واضحة لا لبس فيها ، الا اننا افتقدنا الآليات التى تضمن تنفيذها .. الاستاذ الصادق الشامي بدأ مداخلته بطرح ثلاث اسئلة قال انها فى غاية الاهمية . السؤال الاول : عن اي دستور نتحدث.. هل نتحدث عن الدستور الانتقالي من سنة 2005 وتعديله ام نتحدث عن دستور دائم؟. السؤال الثاني: اذا كنا نتحدث عن دستور دائم فما هي الجهة المراد لها اصدار هذا الدستور الدائم. السؤال الثالث: متى يتم ذلك وقال ان كنا نريد ان نحدد اذا كان هذا هو الدستور الدائم فلابد لنا ان ننظر اولا في نشأة الدستور في ظروف سياسية معينة تتعلق باتفاقية السلام وبغرض وهدف معين ، ولا بد ان ينظر للجهة التي اصدرته وفقا لاتفاقية السلام ، فمصدر هذا الدستور حكومة السودان من جهة والحركة الشعبية من جهة اخرى. ويتضح من ذلك ان هذا الدستور ليس له السند الشعبي او الموافقة الديمقراطية. والاتفاقية اوضحت هذا المفهوم اذ نجد في نصوص الاتفاقية انها جزء لا يتجزأ من الدستور الانتقالي ، بل ذهبت ابعد من ذلك واوضحت في احدى موادها انه في حالة حصول تعارض بين احكام اتفاقية السلام والدستور التالي فان اتفاقية السلام هي التي تسود، معنى ذلك ان الدستور مصدره هو الاتفاقية حيث جاء في المادة( 1/226 ) ا ستمد هذا الدستور من اتفاقية السلام الشامل ودستور السودان لسنة (98) ما وصلت اليه من ذلك ان هذا الدستور قد صدر في ظل ظروف سياسية معينة، وبهدف معين وهو انتقالي لانه يغطي هذه الفترة الانتقالية، معنى ذلك اننا نحتاج الى دستور دائم. و يبقى السؤال الثاني.. ما هي الجهة التي مراد بها اصدار هذا الدستور الدائم لان اي دستور لا بد ان يصدر عن جمعية تأسيسية تكون محددة او مناط بها هذا الغرض او ان يصدر عن استفتاء عام، الا ان الدستور الدائم ليس من شروطه ان يكون اعداده وتحضيره من قبل الجمعية التأسيسية ومن الممكن ان يكون الاعداد والتحضير من اي جهة او هيئة او لجنة ، فاذا اتفقنا على ان هذا الدستور الانتقالي لم يصدر بارادة شعبية فمن الممكن ان نكلف او نعين اي جهة او هيئة او لجان لاعداد المسودات ومشروع الدستور الدائم . وفى رأي ان تشارك في التكوين هذ الهيئات والاحزاب السياسية المختلفة و منظمات المجتمع المدني فى كل انحاء السودان، لكن السؤال الاساس من يعطى هذه اللجنة المراد بها اعداد المشروع المصداقية ؟، واعتقد ان الاعتماد حدده الدستور نفسه عبر آلية الاستفتاء الشعبي وذلك حسب منطوق المادة 217 التى تفيد بأن كل ما يصدر لابد ان يكون عن طريق الاستفتاء الشعبي. . النقطة الثالثة هى ان البعض قد طرح ترقيع و تعديل هذا الدستور الانتقالي بدلا من اصدار دستور دائم، وهذ الدستور الانتقالي يتكون من 226 مادة بها اشارة للجنوب وإلى حكومة الجنوب وإلى دستوره، وكل ما يتعلق بالجنوب لا بد ان يعدل(110) ، «فاذا كلنا حنعدل 110 مادة من 226 مادة سيصبح هذا الدستور مسخا مشوها لا قيمة له». ويواصل الشامي : لا بد ان يكون هنالك دستور دائم وهنالك نص ورد في الاتفاقية يتعلق ايضا بموضوع تعديل الدستورو يقول «في حالة تعديل الدستور لا بد من توفر عنصرين هما مراعاة عملية التعددية السياسية والمشاركة الجماهيرية، وهما شرطان وضعتهم الاتفاقية فاذ كنا نريد ان نعدل الدستور واذا كنا نتحدث عن التعددية السياسية وعن المشاركة الجماهيرية، يصبح اقصر الطرق الى ذلك هو الاستفتاء العام ، وهنالك اقتراح محدد بان تتكون لجنة او هيئة تحضيرية لاعداد مشروع هذا الدستور الدائم،ومن بعد ذلك يعرض للاستفتاء العام، وقد يكون هذا المنتدى نواة للعناصر التي يمكن ان تكون منها هذه الهيئة او الجهة. ويقول د.محمود مكي استاذ القانون العام انه يتفق جزئيا مع البروفيسور الساعوري بان القضية هي قضية سياسية في المقام الاول ، ويضيف ان الدستور نفسه ليس وثيقة قانونية فقط وانما ايضا وثيقة سياسية، لانها تحدد الحقوق والحريات العامة وتحدد السلطات العامة وعلاقتها بالافراد والرقابة على اعمال الادارة والرقابة الدستورية ، وكل ذلك لتأمين تمتع الافراد بحرياتهم الشخصية والاساسية. لذلك فان الدستور مهم من ناحيتين اولا لان شرعية اي نظام تقوم عليه ، خاصة وان الآن لم يعد وجود للشرعية التقليدية والشرعية الكارزمية. والدستور الآن مهم للغاية لانه اداة من ادوات تكوين المجتمع ويجب ان يستجيب لكل المطالب العالمية ويلبي المطالب الخصوصية ، وبالذات خصوصية البلد ، وهذا الدستور يمكن يكون آلية مهمة جدا لادماج المجتمع السوداني ،و المباديء العامة للدستور معروفة مثل توازن السلطات حتى لا تطغى السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والقضائية.