وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الموضوعية اسمها، شكلها ، هيكلتها وضوابطها الدستورية والاخلاقية
نشر في الصحافة يوم 08 - 01 - 2011

مدخل (1) لسنا قادرون دائما على بناء المستقبل لاطفالنا ولكننا قادرون على بناء شبابنا للمستقبل (فرانكلين د. روزفلت - 1940)
مدخل: (2) ليس هناك من حزن يفوق فقدان الوطن وضياعه (يوربيديوس - 431ق.م)
(1)
غدا (الاحد 9 يناير 2011) يبدأ استفتاء اهل الجنوب على تقرير مصيرهم سواء بالوحدة مع الشمال او الانفصال عنه - وهو ما نصت عليه المادة 219 في الدستور الانتقالي لسنة 2005م - وقد ارتبط ذلك بقانون استفتاء جنوب السودان وبإنشاء مفوضية استفتاء جنوب السودان (المادة 220) ويصوت مواطنو جنوب السودان اما لتأكيد وحدة السودان بالتصويت باستدامة نظام الحكم الذي ارسته اتفاقية السلام الشامل وهذا الدستور او اختيار الانفصال (مادة 222) أ و ب وتنص المادة 226/10 من الدستور الانتقالي على انه اذا جاءت نتيجة الاستفتاء على تقرير المصير لصالح المصير فان ابواب وفصول ومواد وفقرات وجداول هذا الدستور التي تنص على مؤسسات جنوب السودان وتمثيله وحكومته والتزاماته تصير ملغاة - واذا كان المرجح - هو تصويت اهل الجنوب للانفصال - فإن قضايا مهمة تطرح نفسها - تهمنا منها طبيعة الوضع الدستوري في الشمال:
ثمة (لغط) ، يدور في المنتديات والمناسبات العامة - عن مدى مشروعية استمرار الحكومة بعد انفصال الجنوب - ويهم - ان نثبت - استنادا الى الدستور الانتقالي لسنة 2005م، ما يلي:
٭ ان الدستور بحكم الفترة الانتقالية (ويكون خاضعا لأي تعديل او مراجعة وفقا للمادة 224 ، ويظل ساريا الى حين اعتماد دستور دائم (المادة 226 بند 119 - فاذا لم يتم تعديل ذلك الدستور وفقا للمادة 222 بفقرتيها 1 و 2 ، فإن منطق البند 9 من المادة 226 يفيد استمرار نصوص الدستور الانتقالي الى حين اعتماد دستور دائم (بالنسبة للشمال)، واعمالا بنص المادة 226/1 من الدستور الانتقالي ، فإن ضمن المصادر التي تحكم ما تبقى من دستور او تمثل قاعدة انطلاق للدستور الدائم، هو اتفاقية السلام الشامل ودستور جمهورية السودان لعام 1998م، ولعلي اضيف اجتهادا ممكنا ومعقولا :
1/ ان العمل على اصدار دستور دائم للشمال - يسقط تماما - منطوق او تفسير طرفي الاتفاقية (المؤتمر الوطني/ الحركة الشعبية).
2/ ان الدستور - بمفهومه الفقهي - والعملي - هو ارادة كل الشعب فالاتفاقية (نيفاشا) التي اعتبرت مصدرا للدستور الانتقالي لا تخرج عن كونها (اتفاقية بين طرفين يحكم احدهما الشمال ويحكم احدهما الجنوب).
3/ ان تجارب الحكم في السودان، وهي غنية ثرة ، تشكل ارضية ممتازة - لدستور - يمكن ان يقترب من تجربة دستور جمهورية جنوب افريقيا .
4/ الدستور الدائم رهين، في مراحل مخاضه الاولي، بموضوعية ومنهج الدستور المقارن ، من خلال اهل الاختصاص (المؤسسات والافراد) وليس رهينا بأي حال من الاحوال بالانطباع او مراكز القوى.. يمثل الدستور القادم - او هذا ما ينبغي - خلاصة تجربة السودان في الحكم والادارة - وهي فرصة لا تعوض لإثباتها .
5/ يقوم الدستور القادم - على مرجعيات محورية.
- الارادة الحرة النزيهة.
- الديمقراطية - كأسلوب حكم - وفقا لتجربة الممارسة في السودان ويعني ذلك بالضرورة التداول السلمي للسلطة .
- مبدأ المشروعية بحيث تخضع وظائف الدولة وسلطاتها لحكم القانون.
- الفصل بين السلطات.
- حقوق الانسان bill of rights (المساواة - الحرية - العدالة).
- استخلاص منهجي - لمعياري المؤسسية والشراكة الفاعلة،.
- قراءة - لنفوذ القبيلة - كوحدة سياسية - من مقومات المجتمع السوداني.
- الحكم الاتحادي (بقراءة تقوم على مدخلي الثقافة والتاريخ - وبحق حكم ذاتي) .
- الحكم المحلي - وفقا للخصائص الثقافية - لكل من المقاطعات التي يتم الاتفاق عليها.
- قراءة نافية لاساليب الحكم الرئاسي والبرلماني والبرلماسي - وبأي قدر.
(2)
من اشكالات ما بعد الاستفتاء - واعتبرها من الفرص والمحطات التي يمكن اعادة النظر فيها (اسم الدولة) - وهو ما فعلته كثير من الدول قبلنا - وهي تستعيد قراءة تاريخها ، واشكر للاستاذ فتح الرحمن شبارقة إثارته للامر ، وللاستاذ الطيب مصطفى على تعقيبه عليه، والمسألة تحتاج بالفعل للنظر القويم ويبدو مهما اثبات ما يلي:
- ان مسألة (اسم السودان) قد تعرض لها قبل وبعد الاستقلال بقليل عدد من الكتاب واهل السياسة والفكر وكان من اوائل هؤلاء الاستاذ داؤود عبداللطيف (جريدة الرأي العام - منتصف الخمسينات) - ثم تعرض للمسألة فقهاء وعلماء - كالبروفيسور حسن الفاتح قريب الله في بحثه بعنوان السودان بين الوصفية والاسمية (مجلة الثقافة السودانية العدد 16 ديسمبر 1980 - ص 46، بالاضافة لتعليق البروفيسور محمد ابراهيم ابوسليم على هامش مسودة كتابنا دراسات في الذاتية السودانية - كمدخل للمقدمة التي كتبها عنه ، وفي كل الاحوال كان الموضوع يعود في هذه المرحلة من مراحل تاريخنا السياسي ليطرح نفسه - (في جدية) .
وكنت قد ناقشت في مطلب من مطالب كتابي عن الذاتية السودانية،: دراسة في المكان والانسان والاحداث، مطبعة مدبولي، فبراير 2006، ص 56 - 62 الامر تحت عنوان: السودان: اشكالية النفس الحضاري، وكانت اهم نقاط الموضوع كما يلي: هل يماثل مصطلح (السودان) الذي ظهر في العقد الثالث من القرن 19 الى شخصنة الدور التاريخي الذي قامت به (الممالك والسلطنات في تلك الرقعة؟).
٭ الكلمة مشتقة من السواد وهي نقيض البياض والجمع سود وسودان (لسان العرب بن منظور ، ج 3) ، فهي تتعلق بلون البشرة، وهي ذات معنى اثيوبيا - التي اطلقها اليونان على سكان المنطقة بمعنى ذوي الوجوه المحترقة ، ثم انها اي السودان وصف لاقليم جغرافي كبير هو حزام السافنا الفقيرة والمناطق شبه الصحراوية التي تمتد عبر افريقيا شرقا وغربا، واستخدم المصطلح - ليميز بين كيانين سياسيين هما (السودان) المصري الانجليزي - و (السودان ، الفرنسي).
٭ رد البعض اسم (السودان) - للسؤدد والسيادة (وهو امر غريب لغويا، ولكنه طريف .
٭ عرفت الرقعة الحالية في ازمان ماضية، وعلى مدى الكيانات السياسية التي غطت مسافة (السودان الحالية بكوش في جناحيها (نبتة / ومروي، (وقد ذكرت (كوش) في الثورات في موقعين 1/ كما سميت في شمالها المجاور لمصر (بخسيو) بمعني اهل الجنوب وتقترب من مصطلح (محص) ونطقت عند العبرانيين (بفنحاس) - ولقد عنَّت (بانحس) النوبي - وسميت تلك المناطق في بعض مراحل التاريخ - باسم القبائل التي سكنتها كالواوات ويام ومجا وكاو - كما سميت الممالك التي سكنت جنوب اسوان (صارت نوباديا اولا والمريس ثانيا) بتاسيتي بمعنى ارض رماة الاقواس (بالنوبية) ورماة الحدق عند العرب فيما بعد، وسميت عند قبائل جبال النوبة - هي احد اهم تلك المناطق بتاكتير بمعنى ارض الرماح وهي جزيرة في النيل عند الشلال الاول، ثم سميت المنطقة بالنوبة، بمعنى الذهب (سرنوب عند قبائل جبال النوبة -هي ذات معني سوار الدهب في الشمال) وكاسو كما رأى الملك الآكسومي (عيزانا) بعد تدميره لمملكة مروي 350ق.م.
ولتظهر بعد ذلك نوباديا (المريس) والمقرة وعلوة وسجل المسعداي ان اهلها من النوبة والبجا والزنج.. ثم سنار فدارفور وتقلي والمسبعات - ومن ثم عبر الحكم التركي (1821) والحكم الثنائي (1899/1956) ظهر مصطلح (السودان) والذي حددته اتفاقية 19 يناير 1899 ، فقد اوردت المادة الاولى : تطلق لفظة (السودان) في هذا الوفاق على جميع الاراضي الكائنة الى جنوب الدرجة 22ْ من خطوط العرض وهي :
- الاراضي لم تخلها قط الجنود المصرية منذ 1882م.
- الاراضي التي كانت تحت ادارة الحكومة المصرية قبل ثورة السودان الاخيرة وتخلت عنها وقتيا ثم اتتحتها الان حكومة جلالة الملكة والحكومة المصرية .
- الاراضي التي قد تفتتحها بالاتحاد الحكومتان المذكورتان من الآن فصاعدا وهو الذي اشارت اليه فيما بعد المادة 2/2 من دستور 1956م، بان تشمل الاراضي السودانية جميع الاقاليم التي كان يشملها السودان الانجليزي المصري قبل العمل بهذا الدستور مباشرة وحدده دستور 1964، المؤقت في المادة 2/2 بانه يشمل جميع الاراضي الواقعة داخل حدود الدولة ويلاحظ ان دستور 1973م، (الدائم آنذاك) لم يتعرض لذلك وكذلك دستور 1998م، ولكن الدستور الانتقالي لسنة 2005م، اورد في المادة 156 ان تنشأ حكومة في جنوب السودان بحدوده في الاول في يناير 1956م.
- في ضوء اعلاه - فان ثمة ملاحظات تبدو مهمة :
- ان شكل الدولة بالنسبة لنتيجة الاستفتاء سوف يتغير تغيرا جذريا حيث يغيب المستوى الثاني من مستويات الحكم اللامركزي وهو الجنوب ومادة 24/ب:
- ان ترسيم الحدود - يميز في واقع الامر - بين دولتين - كما يقضي بذلك القانون الدولي - (القانون الدستوري (الاقليم بحدوده، الشعب، السلطة السياسية والسيادة..
- ان هذا الوضع - يفرض بالضرورة اعادة النظر في شكل الدولة واسمها شمالا وما يتعلق بذلك من اعادة ترتيب.
وعلى كل حال 0 فانني اثبت هنا خلاصة ما توصلت اليه في كتابي:
- اسم (السودان) تغلب عليه الوضعية - فهو لا يعبر بحال - عن شحنة وثراء الدور التاريخي الذي لعبته (الرقعة) بمسمياتها المختلفة .
- يهم النظر في اسم جديد يعبر عن ذلك الدور (بموضوعية) عبر كل الاسماء التي نشأت في الرقعة وليس ذلك بجديد فقد غيرت كثير من البلاد اسماءها لتكون ذات علاقة مباشرة بحضارتها، مثال غانا ، زائير ، بنين وفولتا العليا.
- ماذا ترون في اختصار الاسم ببداية اسماء الممالك السابقة او سنار او كوش (هل يسبق الجنوب الى هذه الاخيرة ) واذا حدثت فسوف تكون بعيدة عن حكم التاريخ).
(3)
- يسوق تداعي قضايا ما بعد الاستفتاء الى هم (شكل الدولة) وهي علميا - لا تقوم على الانسجام العرقي والثقافي الكامل ، فهناك اقليات لا يمكن بحال تجاهلها.. وتظل اعادة هيكلة الدولة في سياق شكلها ضرورة استراتيجية، من خلال تقويم منهجي لتجربة الحكم الاتحادي في ظل المرسوم الدستوري الرابع لسنة 1991م، المرسوم الدستوري العاشر 1994م، والمرسوم الدستوري الثاني عشر لسنة 1995م، ودستور 1998م، وتجربة اللامركزية حقيقي الدستور الانتقالي لسنة 2005م، والسؤال الملح:
- اذا كان النظام الاتحادي - هو الذي يحقق بالفعل معادلة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي - - كما يمثلها ميزان السلطة والثروة - فلماذا هذا الاخفاق المستمر والذي ادى - الى صراعات العرق والجهة.
- ما هي اوجه القصور والخلل التي تحتاج للتقويم في القراءة الثاقبة ، وتتداعى في هذا المقام الكثير من الاسئلة التي ترتبط باعاد الهيكلة ، فيما ينبغي من مستويات الحكم (القومي - الولايات - الحكم المحلي - المشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ، استفتاء محلية ابيي).
- هل يبدو واقع الولايات الجغرافي - معيارا صحيحا لمعادلتي السلطة والثروة - بالواقع لا - فقد تم التقسيم على ذات مفهوم ال pistrief البريطاني الذي لم تطله يد التغيير النوعي فقد ظل كما هو يتطور في داخله الى مديرية ومحافظة ومحلية ومعتمدية وولاية.
- غياب الدراسات التي تعبر عن واقع الاقاليم الجغرافية - الثقافي -التاريخي - لما ذلك من خصوصية تنعكس بالضرورة - على مطالب واشواق اهل المنطقة.
- غياب المشاركة Participation في اجهزة الحكم والادارة ويضاف لذلك غياب المؤسسية Iustitulaisatiow .
- قبضة المركز الخانقة الى درجة الموت على العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي على مستويات الولايات والحكم المحلي مما افقدها خصوصياتها.
- غياب الفهم الصحيح على مصطلح الحكم الاتحادي او الفيدرالي من حيث ان فكرة (القانون الاطاري المصدر من المركز قد نسف حق المستوى الاقليمي في حقه في التشريع بما يلائم خصوصيته على الاقل وان مستوى الحكم قد منح تخويلا وبمقتضى الدستور الاتحادي حتى سلطات التشريع والتنفيذ والدليل على ذلك:
٭ تشابه دساتير الولايات وهذا ينفي معادلة الخصوصية.
٭ القوانين في اغلبها ظلت كما هي وان نقلتها الولايات فعلى هدي (القانون الاطاري).
٭ غياب جرأة مستوى الولايات في ممارسة حقوقها المنصوص عليها دستوريا.
٭ غياب فكرة المشاركة والمؤسسية عن الحكم المحلي مما أدى في كثير من الاحيان الى وجود هوة بينه وبين قواعده من المواطنين وطالما هو احد المستويات السياسية فالاجدر ان يكون مرحلة أولى من مراحل الانتخاب السياسي لوظيفة المعتمد بعد النظر في اختصاصاتها وسلطاتها ومسؤولياتها.
- لابد من انتقال نوعي في ظل التغيير الهيكلي المطلوب الى طبيعة العلاقة بين مستويات الحكم والمركز في ظل المتغير الجديد ما هو الرأي في صيغة الحكم الذاتي الاقليمي بالنسبة لبعض ان لم يكن كل الولايات القائمة فعلاً (دارفور شرق السودان جبال النوبة).
- ان من أهم الموضوعات التي يلزم اصطحابها في قراءة التجربة الماثلة:
٭ القراءة الصحيحة تجربة الولايات، الحكم المحلي.
٭ القراءة الصحيحة لمفاهيم الحرية والمساواة والعدالة بالنسبة لمدى قدرة الولايات.
٭ تجربة القضاء الدستوري في مواجهة تجربة المحكمة الدستورية العليا.
- مدى وجود النظام الحزبي المتعدد الفعال.
- مدى الفصل بين السلطات.
ويبدو في ظل ذات التجربة قراءة التكلفة المالية للوظائف الدستورية بامتيازاتها (ما هو حساب التكلفة بالفعل منذ بداية تطبيق الحكم الاتحادي.
- مدى تناول الوظيفة العامة كحق دستوري دون ان تكون احتكارا بطريق مباشر او غير مباشر.
- مدى الرقابة على المال العام في التجربة السابقة من حيث غياب المساءلة وضعف اداء لجان التحقيق التي تحقق التحقيق وغياب دور اجهزة الرقابة او بالاصح عدم الالتزام بما ترفعه من توصيات هي بالاصح جرائم مالية تستحق المساءلة (تقارير المراجع العام السنوية).
- ان اعادة الهيكلة.. هم اخلاقي وهم قانوني وهم دستوري، واسم الدولة الجديد.. محل سؤالي..
والصدق والشفافية.. والكفاءة.. معايير للنهضة دون ذلك يظل الجمود!
- النجاح المنشود يرتبط اخلاقيا ودستوريا ودينيا بالمسؤولية وهي اشكالية في فلسفة السلطة السياسية لانها تقوم بين اطراف ثلاثة هي الشعب والسلطان والمؤسسات وتقوم تلك العلاقة على أساس العدل والحرية والمساواة كما تنص عليها الدساتير وتفصلها القوانين والسياسة العامة في طرحها وتنفيذها هي محل الرضا ومحل الرفض وللرأي العام في ذلك معايير وضوابط.
- الدولة هي مؤسسة المؤسسات وهي (موضوعية)، لا تقوم في اي حال من الاحوال علي(الشخصنة) أو كونها (غنيمة) وعلى أي حال فان مرحلة (اعادة الهيكلة) تقتضي الدراسة العلمية بعيدا عن الامزجة او الانطباع او التسطيح.. فقد اورثنا ذلك كثيرا من الضنك!!
ملاحظات:
٭ وفقا (للبروفسور محمد عمر بشير) في كتابه جنوب السودان: دراسة لأسباب النزاع الهيئة العربية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، 1981م، ص 22 (كان الغزو التركي/ المصري بداية لمرحلة جديدة في السودان الجنوبي وفي علاقته بالشمال اذ خضع الجنوب ولأول مرة لسلطة حكومة واحدة تحكم الشمال والجنوب معاً واصبح جزءا من الامبراطورية المصرية.. ورغم ان الغزاة يملكون قوة كبيرة ، فانهم قد احتاجوا الى وقت طويل ليفرضوا سلطتهم على الجنوب).. وبطريقة (أستاذنا عبد الله علي ابراهيم) وبافتراض ان متوسط السلطة التركية على الجنوب هو 1821م فيكون علاقة الشمال بالجنوب قد استمرت:
= 190 عاما.
= 2280 شهراً..
= 68400يوما
= 1641600 ساعة
= 39398400ثانية
ويمكن بمتوسط هذا القياس استخراج زمن كل منطقة في الجنوب بتاريخ استعمارها التركي.
- ما هي المتغيرات المحورية؟!
- ما هي تكلفة الصراع؟
- في مواجهة كثير من أوجه القصور والخلل التي شابت المجالات الدستورية والادارية.. وبعيداً عن التغول غير المريح على الاختصاص الدقيق في تلك المجالات وترسيخا لمفاهيم الدستور والقانون الاداري وثبا للمزيد من الوعي.. تشارك في ايجاب المنظمة الوطنية للاصلاح الدستوري والاداري (م و أ د) في تسليط الضوء على كثير من قضايا ومسائل المرحلة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.