تلفت فكي عثمان يمنة ويسرة ليجد من يفسر له حديث الفتى الجالس بين يديه .. يعود اصل الحكاية الى ان الصغير آدم ابن الفكي عثمان قد توفي بعد ان دهسته احدى الشاحنات بوسط الخرطوم ضمن مجموعة من الصغار .. بلغ الخبر الاسرة بعد بحث عن الصبي وخلال ايام العزاء جاء فتى لم يتجاوز عمره الرابعة عشرة .. كان الصبي يحمل مبلغا من المال اعطاه للاب المكلوم قائلا له ( ان الجماعة برطعوا البرتيتة وسألوه ان يحملها للعفريته !) .. لم يفهم فكي عثمان حديث الفتى فنادى على ابنه الاكبر احمد عله يترجم هيروغليفية الفتى الاسمر الواقف امامه. وبعد حديث امتد بين الصبيين التفت احمد ناحية والده قائلا بان مجموعة من اصدقاء آدم قاموا بعمل كشف لوالد صديقهم للمساهمة في تكاليف العزاء ... انها لغة الراندوك التي باتت تنتشر وسط كافة الشرائح الاجتماعية فما هي حكاية هذه اللهجة والى أي مدى تشكل خطورة على اللغة الام ؟ فايزة مصطفى خريجة كلية القانون بجامعة النيلين حدثتني قائلة بان اللغة الدارجية السودانية هي اجمل اللغات كما ان العربية هي لغة القرآن مستغربة بروز مصطلحات وطلاسم متداولة بين طلاب الجامعات وبعض الشرائح الاجتماعية الاخرى واذا وجدنا العذر للاخيرة فان شريحة الطلاب والتي تصنف بانها حظيت بمستوى تعليمي جيد فقد كان عليها المحافظة على اللغة العربية حتى يحظوا باحترام المجتمع. وابدت فايزة دهشتها من حالة الانحطاط اللغوي حتى بين قاعات المحاضرات الجامعية مطالبة شريحة الطلاب باستخدام اللغة العربية ولا مانع من التحدث بالعامية ان كان لابد من ذلك . من جانبها قالت اروى الدسوقي وهي خريجة هندسة جيولوجيا من جامعة السودان انها قد تقبل بتداول تلك اللغة خارج اسوار الجامعات والمؤسسات العلمية غير انها تأبى على الطلاب الجامعيين الحديث بتلك المفردات الغريبة خاصة ان المجتمع يعول كثيرا على شريحة الطلاب في بناء مستقبل البلاد .. هوازن عمادالدين طفلة في السابعة من عمرها وجدتني اعد هذه المادة فسألتها عن لغة الراندوك فقالت انها (ما حلوة وهي لغة الشماسة) وطالبت هوازن الصغار بعدم استخدام المفردات الغريبة والتي لا معنى لها. محمد صلاح الدين طالب اعلام بجامعة السودان كان له رأي آخر اذ يرى بانها لغة انسانية لها كينونتها وقال محمد بانه يثمن كل الذين يضيفون مفردات جديدة لهذ اللغة الانسانية ولا يخفي ان يبعث بتحاياه الى اول من اوجد مفردات هذه اللغة مشبها اياه بانسان كرومر الذي اول من عرف الكلام في التاريخ الانساني ، غير ان علياء كمال المحامية بدأت كلامها متحسرة على ضياع اللغة مشيرة الى انها لم تعد تسمعها الا عبر الراديو والمحاكم وفي الخطب الدينية. واشارت علياء بضرورة توجيه طاقات الشباب لما فيه مصلحة الوطن بدلا من اضاعة وقتهم في المفردات الغريبة . من جانبها اشارت اعتماد محمد سعد ان الراندوك دليل على التدهور الثقافي والفني لشباب اليوم الذي يعاني الضياع في كافة انماط الحياة