عادل أمام في إحدى مسرحياته يسأل بحيرة عندما قالوا له إن الرئيس مات.. فرد عليهم متسائلا ببلاهة واستغراب.. هو في رئيس بموت .. والحياة مسرحية طويلة بطلها الألم .. ويبقي سؤال هل هناك رئيس زاهد فى الرئاسة .. هو يرأس لمصلحة الشعب .. فالرئيس المصري لا يريد التنحي حسب حديثه لأنه يحب مصر والشعب .. والشعب لا يريده .. أذن الموضوع يدور في دائرة الكذب .. فالشعب هو الكاذب والرئيس هو الصادق. وانظروا وقارنوا .. بيننا ودول العالم الأول .. ومنذ أن وعينا أنه في جميع الدول العربية ودول العالم الثالث الرئيس إلى ما لا نهاية.. و «حلك» عندما يموت احد الزعماء ويحل رئيس آخر .. فقط في أوربا ودول الغرب الرؤساء يتغيرون وتبقى السياسة ثابتة لا تتغير.. يسير عليها الذي يليه.. أما عندنا في الدول العربية تتغير السياسة حسب مزاج الرئيس، فتارة صديق وأخرى عدو .. والبركان يغلى في باطن الأرض قبل أن يخرج .. هكذا بدأت الثورة التونسية .. والرئيس وزوجته وأقاربه يهربون .. والفضائح تفوح.. والشيء الذي يحيرني أن الأملاك التي تحدثوا عنها .. شيء محير ماذا يريد أن يفعل بها.. هل هؤلاء ينسون الموت .. وهل كل هذه الأموال تنفعه يوم الحساب الأعظم. والسؤال هل يستطيع أن يصرف عشر هذه الأموال التي استولى عليها من قوت الشعب .. في ما تبقى له من عمره؟ طبعا لا.. وهل يفكر أن هذه الأموال التي يصرفها أبناؤه وأحفاده هل ستصلحهم.. ما أكثر العبرة وما أقل الاعتبار. عموماً على ما يبدو أن الإنسان كلما ارتفع قدره وزاد ماله ونفوذه انخفض تأثره بالفقراء والمساكين.. وعلاقتنا بالعزيزة والأخت مصر علاقة محبة صامتة.. والسودانيون كلهم تابعوا ما يحدث في جارتنا وأكثر الشعوب متابعة لأحداث مصر الشعب السوداني .. والرئيس المصري لم يكن في نيته التنحي .. وقاتل للبقاء «لياقة». والرئيس المصري لا يريد أن يستسلم .. متمسك بالرئاسة كتمسكه بالحياة .. شيء غريب .. هل حب وشهوة الرئاسة جميلة لدرجة أن تغضب الرب والشعب.. كنت اعتقد أن الرؤساء يزين لهم المتملقون أن الشعب يحبهم، فما بال ذلك بعد خروج الشعب عليه؟ وفي خطابه وكأنه نادم على الحريات.. وقال لعل إتاحة الحريات والصحافة والإعلام كانت سبباً في ما نتج عنه الآن من حرية التعبير .. وآخر خطاب يقول يحز في نفسي أن بعض أبناء وطني .. الخ .. وحديث ممل طويل وهكذا عهده انتهى بعد «لياقة» منه ومماطلة، وفي خطابه قبل يوم من التنحي كان يعتقد أن بعضاً من أبناء الشعب ضده هكذا كان رأيه .. ولكن على ما يبدو أن الإنسان تكوينه غريب .. والصورة وهو فيها لا يستطيع أن يراها، بينما غيره من العالم وحتى الجاهل يرى .. وما أكثر التبريرات وانعدام المواجهات. ما أطول ليالي الحكم «30» عاماً وما أقصر الثورة «18» يوماً لاقتلاع أقوى نظام عسكري في المنطقة والتحية لشهداء الثورة المصرية. ومازال الشعب يجلس بالرغم من تنحي الرئيس .. ولديهم مطالبات عديدة منها محاكمة رموز الفساد .. والتلفزيون يعرض بعض أملاك رموز الفساد. وهكذا مصر بلد «7» آلاف سنة مازالت تعطى الدروس والعبر.. نحن جربنا التغير ولم ننجح بكل أمانة .. لذلك نترقب التغير بصبر طويل ومستقبله ونتائجه في مصر. هكذا الأزمة العربية.. ولكن الكبت مع تجويع الشعب نتيجته الانفجار.. ولعلهم يتعظون.. والفيل الضخم يحك أذنه بأنفه والشعب لا يستطيع برغم ضخامته سوى أن يلطم خدوده .. هكذا كان رأينا المعكوس ..