٭ يتحدث الناس عن المدارس وأبرزها مدرسة الحياة التي خرّجت العديد من الكفاءات الذين تلقوا دروساً من الحياة في فنون التعامل مع بني البشر في مختلف الجوانب، لأن إدارة الموارد البشرية أصعب بكثير من إدارة الموارد المالية، وتصريف أمور البشر يختلف كثيراً عن تصريف المال، وتصاريف الأمور في مدرسة الحياة تقوم قواعدها على المصالح لا المبادئ والقوة لا الضعف، سواء أكانت قوة المال أو المركز أو الجاه أو الوظيفة أو السلطة، لذا قال فيها الشاعر: إن الحياة صراع فيها الضعيف يُداس ما فاز في ماضغيها إلا شديد المراس ووصفها الشاعر الإسكافي بمدني التوم نمر ب «الحياة مدرسة وأستاذها الظروف وقلمها الأمل وحبرها الدموع وكتابها حياة إنسان». ٭ أما المدارس الأخرى غير مدرسة الحياة، فهي مدرسة المجاملة ومدرسة المحسوبية ومدرسة المحاباة، وهذه من المدارس التي تقوم قواعدها على الفساد على حساب الناس والمجتمع، لأنها لا توفي كل ذي حق حقه، بل تعطي الحق لمن لا يستحق، سواء أكان ذلك في الوظيفة العامة أو التوظيف العام في مؤسسات الدولة. وبالتالي فإن هذه المدارس تكسر القاعدة التي تقول: «بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب» حسب خبراته ومؤهلاته وقدراته وكفاءته بما فيه نفع للبلاد والعباد، أي تطبيق قاعدة «الأداء قبل الولاء» لا «الولاء قبل الأداء».. فكل من هو وطني وله مساهمات وطنية فاعلة على أصعدة مختلفة، ومؤهل وصاحب خبرات وكفاءة واقتدار.. ينبغي توظيفه أو وضعه في الوظيفة العامة التي تتناسب مع المقومات المطلوبة للوظيفة المحددة، دون إجحاف في حقه أو ظلمه، فهؤلاء ينبغي أن تسعى إليهم الوظيفة العامة «تجرجر أذيالها» دون أن يسعوا إليها، فتحفى أقدامهم ويسوء حالهم، وينبغي على الدولة ألا تجعل الوظائف العامة في كل محيط حكراً على مجموعة معينة، وأسماء معينة يتم نقلهم من هنا إلى هناك وفي شكل تبادل المواقع والوظائف العامة في الدولة، وكأنما حواء السودانية لم تلد غير أولئك، فالذين كلفوا بتصريف أمور الناس عليهم أن يصرفوها بأمانة وذمة ومسؤولية لأنهم مساءلون أمام الله سبحانه وتعالى قبل أن يكونوا مساءلين أمام رؤسائهم في الدنيا من باب «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ومن باب «لو عثرت بقرة في العراق لظننت أني مسؤول عنها لأني ما عبدت لها الطريق»، فالذين خلوا من قبلنا وطبقوا هذه المبادئ العادلة، هل نحن اليوم سائرون على دربهم ونهجهم القويم؟ أم اتبعنا ساداتنا وأخلاّءنا فأضلونا السبيل؟ [email protected]