٭ «الملل والنحل» كتاب ألفه العالم الفارسي ابو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني قبل ما يزيد عن الثمانمائة عام، وقال فيه ان الجريمة الاولى في الخليقة ارتكبها ابليس ،وقال انها تفسر لنا كل الجرائم التي ارتكبت من بعدها- منذ ان كانت الدنيا الى يومنا هذا الجرائم التي اتخذت من الدين أو من التفسير الديني مبرراً لها. ٭ وقال الشهرستاني في شرح هذه المسألة ان مصدر جريمة ابليس هو الاستبداد بالرأي واختياره الهوى في معارضه الامر الإلهي الصادر له بالسجود لآدم وغروره واستكباره لأنه توهم ان مادة النار التي خلق منها افضل من مادة الطين التي خلق منها ادم. ٭ وقد ذكرت الكتب المقدسة جريمة ابليس.. فجاءت في التوراة على شكل مناظرة بين ابليس والملائكة، وقد علل ابليس رفضه للامر الإلهي بطريقة لا تختلف كثيراً عما يردده الذين يرتكبون الجرائم البشعة باسم الدين. ٭ قال ابليس انه يؤمن بربه وهو إله الخلق وهو عالم قادر لا يسأل عن قدرته ومشيئته وهو مهما اراد شيئاً قال له كن فيكون وهو حكيم أي ان ابليس صمم على تأكيد ايمانه ثم برر بعد ذلك عصيانه لامر ربه بالسجود لآدم بأنه لا يسجد لغير الله. ٭ وفي كتاب ( الملل والنحل) يقول الشهرستاني ان البدع والضلالات التي جاءت بها فرق الزيغ والكفر باسم الاسلام انما فعلت نفس الذي فعله ابليس وان اختلفت العبارات وتباينت الطرق فكل هذه الفرق تعترف بالحق وتتمسك بعبادته وتتخذ من هذا التمسك وسيلة للتنكر للبشر ورفض الاعتراف بالانسان.. انهم يقولون البشر يهددوننا؟ لا فرق بين هذا القول وقول ابليس عاصياً امر ربه أأسجد لمن خلقت طيناً. ٭ هذا هو الموقف المتكرر الذي تنحصر فيه كل الجماعات والفرق التي تبيح ارتكاب الجرائم بتكفير البشر في حين تزعم لنفسها حصانة خاصة واهمية خاصة.. مدعية انها وحدها صاحبة الايمان الصحيح بالله عز وجل. ٭ وعندما اعلن نفر من هؤلاء المدعين وحدهم اصحاب الدين وحماته وان عليا بن ابي طالب قد كفر.. والصقوا نفس التهمة بمعاوية لانهما قبلا تحكيم البشر في الخلاف الذي نشب بينهما وادى الى اقتتالهما (لا حكم إلا لله). ٭ فانهم كانوا يكررون نفس كلام ابليس عندما قال لربه لا اسجد إلا لك.. أأسجد لبشر خلقته من صلصال.. ٭ والذين قالوا لا حكم إلا لله هم الخوارج وسرعان ما دبروا جرائم القتل التي راح ضحيتها علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وعاثوا في البلاد تخريباً وفساداً يرهبون الناس بتهمة الكفر ويسفكون دماءهم ويبيحون حرماتهم. ٭ وارتكاب الجرائم باسم الدين ليس بالامر الجديد او الغريب في تاريخ الانسانية فعلى الدوام هناك ابالسة البشر الذين يخلطون بين الخير والشر والدين والجريمة والتقوى والاغتيال.. وعلينا فقط ان ننبه لهذا الامر.. والمتأمل لما يجري حولنا على الصعيدين الداخلي والخارجي يدرك حجم هؤلاء الابالسة الذين تناول ظاهرتهم قبل اكثر من 008 سنة العالم الفارسي ابو الفتح. هذا مع تحياتي وشكري