يبدو ان مستشارية الاعلام برئاسة الجمهورية بدأت تتحسس رمال الثورات المتحركة بالمنطقة التي راح ضحيتها النظام التونسي واعقبه النظام المصري، فأخذت على عاتقها ادارة حوار بمشاركة مكونات المجتمع والاعلام والسياسة علها تستطيع اغلاق باب لطالما ازعجته صرير رياحها بتبني مبادرة لاشراك الجماعات السودانية بمختلف انتماءاتها لوضع خارطة طريق للمرحلة القادمة التي طالب فيها خبراء سياسيون بضرورة معالجة الاوضاع المعيشية والاقتصادية ووضع اسس متينة لنظام الحكم باقامة الحكم الراشد والشفافية وزيادة سقوف الحريات واعادة النظر حول النظام الفيدرالي والتخلص من سلبياته. وطالب عميد كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية بجامعة الخرطوم الدكتور حسن حاج علي بضرورة وضع موضوع الحريات على رأس الاجندة المطروحة في المرحلة المقبلة وترتيب العلاقة مابين الدولة والاعلام والاقتداء بالتجربة الفرنسية بعدم تركيز السلطات في يد رئيس الجمهورية واضاف» تقسيم العمل بين رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان ينبغي من القضايا التي ان تجد حظها من النقاش «. وعاب حاج علي انتفاضتي ابريل واكتوبر بعدم احداثها التغيير الحقيقي وقال ان الانتفاضة كآلية للتغيير لم تعد تستهوي السودانيين لاسباب واضحة ومعلومة للجميع لجهة تكريسها واعادتها لانتاج نظام حكم قديم بثوب جديد الا انه عاد وقال ان الانتفاضات احدثت بعضاً من الحراك الايجابي لصالح الشعوب وهي التماس الحكام للشرعية الشعبية وعدم تجاوز عملية القبول الشعبي. وقال حاج علي في لقاء تفاكري نظمته مستشارية الاعلام برئاسة الجمهورية امس ان نظام الحكم اصبح عسيرا عليه ان يتجاهل الشعب كالسابق واضاف «من المتوقع ان تنتج عنه مزيد من الانفتاح والحرية في الفترة المقبلة خاصة في ظل صعوبة التحكم من قبل النظام على الوسائط الاعلامية المتعددة «. وابان حاج علي انه لولا وجود قوى سياسية لمانجحت الثورات العربية في تثبيت دعائم ثورتها لافتا الى ان هنالك قوى مؤثرة في مصر وتونس استطاعتا توفير غطاء سياسي بفضل خبرتها السياسية في ادارة الصراع . واشار حاج علي ان موضوع التدخل في الخارجي في الشئون الداخلية للدول المضطربة لم يعد شيئا مقدسا كما كان في السابق حال توفر عوامل التدخل من تأثيرات واحداث داخلية . وطالب بادارة الدولة على اساس وجود التنوع العرقي والاثني وقال ان انفصال جنوب السودان لايعني وجود تجانس في الشمال بالرغم من توفر رابط مهم كالاسلام . وشدد حاج علي ان هنالك بعض التحديات التي ينبغي الحديث بشأنها باستفاضة شديدة مثل مستقبل نظام الحكم في شمال السودان في ظل بروز تحديات ماثلة للعيان والرؤية غير الواضحة حول اقليم دارفور بشأن اجراء الاستفتاء ومخرجاتها والمشورة الشعبية في النيل الازرق وجنوب كردفان التي ستنتج قسمة جديدة للموارد . وتوقع بخلق ارضية مشتركة حال نجاح الحوار الذي يدور بين حزبي الامة والاتحادي مع المؤتمرالوطني وصعود القوى الصغيرة لتشكيل معارضة في المرحلة المقبلة ورهن نجاحها في كيفية ادارة الازمة التي ستنجم عن فقدان ايرادات النفط جراء الانفصال وزاد» الاقتصاد من القضايا المهمة التي ستبين فعالية القوى السياسية في المرحلة المقبلة « في السياق ذاته اعتبر عميد كلية التجارة بجامعة النيلين الدكتور بهاء الدين مكاوي ان ماتم في جنوب السودان في عملية تقرير المصير لاينبغي القياس عليه لجهة انه وضع حدث نتيجة لاتفاق سياسي بين حزبي المؤتمرالوطني والحركة الشعبية وقال انه بالرغم من ادعاء البعض من ان عملية تقرير المصير حق اصيل الا انه يعتبر منتفيا اذا كانت لاقلية موجودة داخل الدولة وفقا لتعريفه في ادبيات وقوانين السياسة . وطالب مكاوي بمعالجة قضايا الضائقة المعيشية وتحسين سجل حقوق الانسان ومشاركة الجميع في الوطن على اساس المصلحة وترسيخ الديمقراطية ومحاربة الفساد واعتبار التعددية والعرقية مصدراً من مصادر التنوع لابراز مرحلة ثقافية تسهم في استقرار الدولة كما طالب بالاسراع في معالجة البطالة والفقر في اطار نظام الحكم القادم . وقال مكاوي ينبغي ان لانصل لدرجة الفساد البنيوي وهو درجة من الفساد ينظر اليه الجميع بشكل عادي والذي كان سببا في اقصاء الانظمة العربية . واضاف بان الولاياتالمتحدة الاميركية ساعدت الانتفاضات العربية بتدخلات عجلت برحيل بعض الانظمة بعد ان توصلت الى وجود فجوة بين شعوبها وحكامها . وحذر من ان السودان ليس بمعزل عن مايدور بيد انه رهن ذلك بتوفر الظروف الموضوعية لقيام الانتفاضة ورأى مكاوي ان المخرج هو الاتفاق على دستور بمشاركة كل القوى السياسية مع ضرورة الاخذ بان الحكومة لديها الشعور بالتفويض الشعبي الذي استمدته من الانتخابات الاخيرة مايستدعي اجراء حوار اقرب للمائدة المستديرة يستغرق زمنا كبيرا يمكنها ان تمتد حتى موعد الانتخابات القادمة مما يمهد لخوض الانتخابات لضمان ارضية مشتركة لادارة البلاد. وحذر مكاوي من تكرار تجارب حكم سابقة كرست لسياسة الاستيعاب دون الاعتراف بالآخر واتباع سياسة الاستبعاد كترياق لحل المشاكل بعيدا عن حلول داخل كيان الدولة ووضع حلول بطريقة يائسة ادت الى انفصال الجنوب .