ثلاثة مواسم زراعية انصرمت ومشروع النهضة الزراعية الذي تبنته الدولة يمشي بين الناس وخاب عشم الجميع في أن تكون نتائجه متسقة وحجم الدعم السياسي والمالي المفرد له ويكفيه دعما أيلولة الإشراف عليها لنائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي لم يألُ جهدا ولم يدخر وسعا من أجل الوصول بها إلى غايتها المنشودة ولم تتوانَ أجهزة الدولة ذات الصلة بالمساهمة في إنجاح البرنامج إذ أصدرت وزارة المالية وبنك السودان قرارا في فبراير الماضي قضى برفع رأس مال البنك الزراعي الى مليار جنيه لتمكينه من مواكبة متطلبات برنامج النهضة الزراعية ووعد البنك الزراعي المواطنين بتقديم المزيد من الخدمات التنموية في القطاع الزراعي بشقيه الزراعي والحيواني، ولم تتخلف شركات القطاع الخاص في المساهمة في البرنامج بإدخالها لمعدات وآليات جديدة للمساعدة فى دفع عجلة الزراعة والنهوض بها غير أنه وبحسابات الربح والخسارة وجرد الحساب تقول النتائج أن النهضة الزراعية فشلت في مهمتها وبلوغ هدفها المنشود حيث أنها تبدو تسير بعجلة تناقصية من موسم إلى آخر وهاهي العروة الشتوية بالمشاريع المروية قد حزمت أمرها للحصاد غير أن كل المؤشرات لا توحي بإنتاجية مبشرة تتواءم وحجم التوقعات التي يجب تحقيقيها في ظل النهضة الزراعية، حيث سكتت إدارتها عن رفد الرأي العام عن إنتاجية العروة الصيفية ولم توضح عنها شيئا مما فتح الباب واسعا على مصراعيه لسؤال عريض أين النهضة الزراعية ؟ وأية العقبات تعترض مسارها ؟ وهل حققت ما تخطط له من نتائج ؟ وما المحصلة النهائية من مشاريع حصاد المياه وتطبيق بعض التقانات التي من شأنها رفع الإنتاج والنهوض بالإنتاجية عن طريق إدخال عينات بذور وتقاوى محسنة. غير أن واقع الحال وبأسلوب جرد الحساب يجد المتابع للنهضة الزراعية أنها لم تؤتِ الثمار المرجوة حيث لم يكن القائمون على أمرها راضين عن إنتاج الذرة في عامها الأول حيث كانوا يخططون لإنتاج 7 مليون طن ولم يتمكنوا إلا من إنتاج 4.1 مليون طن وتقبلوها على مضض على أمل ان ترتفع في العام الثاني غير إنتاجه كان أسوأ من سابقه بحسب إفادة أمينها العام في حوار له مع صحيفة الرائد أوضح فيه أن إنتاج الموسم الثاني من الذرة يتراوح في حدود المليوني طن من الذرة وعلى صعيد القطن فقد خططت النهضة لإنتاج 12 قنطاراً للفدان بزراعة بعض العينات المحسنة بمشروع الجزيرة فلم يتعدَ متوسط إنتاج الفدان ثلاثة قناطير وكذا القمح لم يتجاوز متوسط إنتاج فدانه 5 جوالات في حين كان المخطط له إنتاج 20 جوالاً حسب إفادة بعض المزارعين، فبترعة الحصاحيصا بحري وصف رئيس رابطة مستخدمي المياه الزين بخيت مردود النهضة الزراعية بالصفر الكبير وقال إن المزارع الصغير لم يحس لها بأثر في حياته رغم تعالي الصيحات الإعلامية بشأنها وزاد بأن أموال النهضة لم يستفد منه المزارع البسيط وأنها ظلت دولة بين الاتحادات والإدارات العليا وكان ينبغي أن تتنزل إلى روابط مستخدمي المياه بالغيط لأنهم أدرى الناس بمعوقات الزراعة وكيفية حلها وزاد أن حتى النذر اليسير الذي وصل إلى البنك الزراعي من أموال البنك الزراعي تتم إدارته بطريقة تجارية بحتة حتى غدا ألا فرق بين البنك والسوق. وقال كان ينبغي أن يتنزل مال النهضة للمزارعين في شكل دعم لمدخلات الإنتاج وتوفير التقانات والسبل الحديثة للزراعة والإرشاد ومكافحة الآفات والبنى التحتية وطالب بأن تكون للنهضة الزراعية منابر مفتوحة تلتقي فيها بقواعد المزارعين للوقوف على ما يحتاجونه لأن شكلها الحالي لن يقدم شيئا. وغير بعيد عن إفادات الزين وبمكتب اللعوتة التابع للقسم الشمالي أوضح المزارع أحمد المصطفى إبراهيم أن النهضة الزراعية مشروع جيد المحتوى غير ان تنفيذه لم يحالفه التوفيق حيث أن للنهضة تجارب سيئة في المشروع حيث كانت تخطط لإنتاج 12 قنطار قطن للفدان فلم تجنِ سوى 3 قناطير ولعشرين جوال قمح فلم تتمكن من حصاد أكثر من 5 جوالات بجانب إهمالها البين لجانب الإنتاج الحيواني الذي ازدادت الحاجة إليه في الآونة الأخيرة حيث وصلت تكلفة استيراد اللبن ومنتجاته في العام 2008 إلى 212 مليون دولارالأمر الذي حدا به للزعم أن أقوال النهضة الزراعية لا تتطابق وأفعالها حيث وصل كليو اللحم إلى 20 جنيها وهي لا تقوى على تحريك ساكن. وختم بأن النهضة الزراعية شكلت ازدواجية إدارية كان يتعشم في طرد جيوش البيروقراطية الزراعية غير أنها تجاوزت في ممارساتها البيروقراطيات السابقة ويبدو أن قصور النهضة الزراعية غطى كل المناطق ولم يكن حصريا على مشروع دون آخر حيث اشتكى وزير الزراعة بولاية الخرطوم صديق محمد علي في ندوة نظمها القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم في وقت سابق من غيابها التام في تمويل المشاريع الزراعية بالولاية .