التغيير الكاذب… وتكديس الصفقات!    السودان والحرب    حركة متمرّدة جديدة بقيادة عضو سابق في المجلس التشريعي الوطني    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    عودة الحياة لاستاد عطبرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رحيل أحمد زين العابدين
نشر في الصحافة يوم 02 - 04 - 2011


بعد التحية الطيبة..
اشكر لك ولأسرة التحرير والقراء الاعزاء سؤالهم عن انقطاعي عن الكتابة لصحيفتنا الغراء الصحافة. لعلك سمعت بالمثل القائل «ان جريت أتلفت» وهو مثل شائع يدعو أي منا للتوقف قصد المراجعة والتقويم، وفي ذلك يستوي كل الفاعلين المهنيين من صناع الرأي وقادته وغيرهم. على ذلك في بعض نواحٍ أنا في حالة تلفت ومراجعة وفي بعض نواحٍ أخرى وددت لو أني أساهم في انجاز أعمال على الصعيد الشخصي، وربما التقيت مجدداً مع القراء في زمن قد لا يبدو بعيداً.
أيضاً «كثير سعدت» بلغة أهل الشام، للمبادرة الرفيعة بتكريم جهدك الفكري والثقافي والصحفي والطوعي المتصل من اجل الانسان السوداني في عيد الأم بالذات. لقد تمكنت كما كل المتميزين من الكتاب والناشطين من أن تلمي بمشاعر الود والاستقامة شمل أجيال من الشباب الطموحين، واصبحت لهم أماً يجلسون اليك بهمومهم وقضاياهم، وعندما يروحون عنك يجدون في أنفسهم فيضاً من أمل وتواصلاً بالخير وتواثقاً على عدم التراجع او عودة القهقرى. في مثل هذا السياق تتوارد الخواطر حول من صمدوا في وجه القسوة والصعاب لابلاغ رسالة ما، ولعلي في هذا المقام اكتب لقرائك في رحيل المعلم أحمد زين العابدين محمود قبل نحو من شهر أو يزيد.
كانت احدى عماته بمدينة الفاشر ولعلها الحاجة زينب رحمها الله، كثيرا ما تصفه «بولدي المفلهم»، وهي في ذلك تشير الى مزاياه، صوته الفخيم، وعباراته المنتقاة، ومثابرته ان يشمخ بطموحه فوق كل صعوبة محتملة. اما معرفتي الشخصية له فقد تواترت من خلال الشبكة الأسرية الممتدة، وفي ذلك قول بليغ لأهل الفاشر، وهم يرددون القول: اذا ما خاصمت احداً في المدينة فمن الخير ان تنأى بنفسك عن الاساءة اليه في شخصه، حتى لو كان البديل المضاربة، ذلك ان الاساءة سرعان ما تصل اليك حالما تكتشف العلاقة الأسرية بين المتخاصمين. على تلك القاعدة أفدت كثيرا في تطوير تجربتي في اكتشاف العلاقات القرابية بيني والآخرين، بل الاكثر من ذلك اكتشاف قاعدة وحدة الدارفوريين التي ستتحقق مجدداً في لحظة تاريخية قادمة.
وجدت ان الراحل أحمد ينتمي الى التيار الرئيسي في دارفور وهو تيار خليط بين كل الأثنيات التي بنت الواقع السياسي الثقافي الاقتصادي التاريخي لدارفور، ومجموعة كفوت التي ينتمي اليها الراحل هي عبارة عن موقع جغرافي بهذا الاسم يقع على مجرى مائي بين مدينتي الفاشر وكتم، اختلطت فيه دماء سودانية من وادي النيل ودارفور ودول الجوار الأفريقي، واصبحت بالزراعة طليعة استثمارية دارفورية خاصة في المجالات التجارية والتعليمية والسياسية وتأكيدا للتواصل الانساني الاستثماري مع حوض وادي النيل ومصر. في تلك المجموعة السودانية أسرة الراحل وقد أخذ منها مزاياه الشخصية التي جعلت منه رائدا في مجال التعليم الاهلي الحديث خاصة في فترة ما بعد الثمانينات، مضيفا بتلك الريادة ثراء الى تراث التعليم الاهلي والطوعي التقليدي في الخلاوى والمساجد والزوايا والمهاجر المعرفية في العالم الاسلامي الأوسع، ذلك التراث هو ما أهل دارفور ان يكون الاقليم الاميز سودانياً في محاربة الجهل ورفع الامية، ويكفي ان عرف للعلم في دارفور مقام سامق.
بتلك المرجعية الأسرية الاجتماعية تجاوز، أحمد زين العابدين محمود، الذي عمل معلما في المرحلة الابتدائية منذ تأهله في الخمسينات، حالة الركون الى المعاش. لقد أخذ يستثمر في تجربته المعرفية في تطوير التعليم الأهلي الحديث الذي بدأ مبكراً في العام 1945م بمدرسة الفاشر الاهلية من خلال تجربة مؤتمر الخريجين العام بالسودان، وفيما بعد وفي عقد الثمانينات حاول استاذنا أبوه حمد حسب الله متابعة ذلك الجهد بمدينة الفاشر. لقد بدأ زين العابدين من حيث انتهى الآخرون في نهايات تسعينات القرن الماضي بعون كبير من زملائه المعلمين الذين عملوا معه في أوقات سابقة بروح نضالية وتجريبية سمحت لمدارس زين العابدين الخاصة، ان تصبح الاشهر في مدارس الولاية و«ظلت هذه المدارس شعلة من الضياء والألق وحافظت على الصدارة منذ تأسيسها». كما أورد ابنه وخليفته حاتم. لقد تمكنت مدارس زين العابدين من تخريج ثلاث عشرة دفعة «من النجباء والنابغين»، وقد بلغ عددهم في المجمل نحواً من ألف وثلاثمائة تلميذة وتلميذ. في هذا السياق اذكر كيف ان احدى خريجات مدارس زين العابدين قد حصلت في العام الماضي على منحة دراسية للطب في جامعة الاحفاد للبنات بتمويل من البنك الاسلامي بجدة، ولم تكن تلك الحالة الأولى او الوحيدة لنجاح المدارس، ما يعطي انطباعا قويا ان عزيمة ادارة تلك المدارس ظلت تسعى ايضا في تنمية النبوغ وتشجيع المنافسة من اجل المعرفة وسط الطلاب والمدارس معاً، في وقت تزداد فيه الحاجة الى الاهتمام بالتعليم في السودان عامة ودارفور خاصة في ظل توقع انحسار النزاع المدمر بين حكومة السودان والاطراف الدارفورية والذي فيه سالت دماء الشباب وتدهورت البنى التحتية للمعرفة في قضية ليس لها من حل على المدى البعيد الا بالتعليم الذي كان الراحل أحمد أحد ركائزه في الاقليم بالممارسة والتنظيم والادارة والتطوير.
كان الراحل أحمد زين العابدين في سبيل تحقيق رسالته، اعتمد فلسفة شخصية قائمة على الشراكة بين الجميع لانجاح التجربة التعليمية، الشراكة بين الادارة والمعلمين، الشراكة بين أسرة المدرسة وأسر التلاميذ والتلميذات، الشراكة بين مدارس زين العابدين والمجتمع العريض واجهزة الدولة في ما يتعلق بتطوير التعليم بالاجتماعات واللجان والعمل المشترك، وقد جاء تلخيص فلسفته ان «التلميذ أصدق موجه للمعلم»، هكذا عندما رحل بكته مدينة الفاشر ومدينة بحري التي فارق الحياة فيها وقد جاءها مستشفياً، بكاه أفراد أسرته وأصدقاؤه وزملاؤه وتلميذاته وتلاميذه الكثر، وكما حكى حاتم في افاداته ان والد أحد التلاميذ علم خبر وفاة الراحل من خلال دموع ابنه التلميذ الذي قال صراحة ان الراحل أحمد كان لهم أباً وجداً بالعطف والتيسير. كان يجعل المصروفات المدرسية على تلاميذه خمسة أقساط تسهيلاً على الآباء، فضلاً عن ان كثيرا من أبناء زملائه قد حصلوا على تعليمهم مجاناً وفاءً للزمالة والصداقة الانسانية.
ألا رحم الله تعالى أحمد زين العابدين، وأحسن الى أبنائه السبعة ووالدتهم المثابرة نعمات النور وأسرته الممتدة بجميل الصبر وحسن العزاء، وألهمهم جميعاً القدرة على متابعة جهد والدهم مثابرة وتطويراً الى جامعة أهلية تشع أضواؤها في ربوع دارفور وتفيض على دول الجوار تأكيداً لدور السودان في اقليمه بالسلام والتنمية والمعرفة، ويبقى ان هذه لحظة مناشدة لأصدقائه وعموم قادة الرأي السياسي والتعليمي والثقافي في اقليم دارفور أن يقفوا الى جانب الأسرة متعاونين من أجل ألا تتوقف التجربة الرائدة، وان يضمنوا لها حق الدعم والتطوير والرعاية و»إنا لله وإنا إليه راجعون».
مع تقديري..
عبد الله آدم خاطر
أم درمان 2011/3/29م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.