العلاقات العامة تلعب دوراً قيادياً بارزاً في تحسين العلاقات بين الافراد والجماعات ونظراً لاهميتها القصوى فإن مختلف كليات الاتصال تدرسها لطلابها وطالباتها والعدد من الباحثين يعدون رسالات لنيل الدكتوراة والماجستير. في اواخر السبعينيات من القرن الماضي وبتوفيق من الله قمت بتأليف كتاب بعنوان «العلاقات العامة ودورها في تنشيط العلاقات العامة» وكنت وقتئذٍ مديراً للعلاقات العامة في التلفزيون القومي بام درمان ونسخ من هذا الكتاب موجودة في دار الوثائق المركزية وذكرت في هذا الكتاب عن ضرورة الاهتمام بالعلاقات العامة في كافة المؤسسات التعليمية والامنية والبنوك التجارية والمطارات حتى في داخل الاسر، وشركات العلاقات العامة في العصر المعولم الذي نعيش فيه تهيمن على المؤسسات والدول في مختلف دول العالم. فكثير من الدول لاسيما من الدول النامية تلجأ لتحسين صورتها وتدفع لها الملايين وشركات العلاقات العامة تهيمن حتى على الاتصال الاميركي، ولا أحد يختلف على قوة الاتصال ومدى تأثيره على المجتمعات والشعوب.. سلباً او ايجاباً، والى الدرجة التي تبلورت معها المقولة الشهيرة: «إنه لو كانت جميع المؤسسات في أية دولة قد ولت الى حد الخراب وكانت وسائل الاعلام بهذه الدولة ما زالت موضوعية ونزيهة فإن آمال الاصلاح تظل عالية وواعدة، أما اذا كانت جميع مؤسسات الدولة نموذجية وكانت وسائل الاعلام بها خربة وملوثة.. فانه لا أمل البتة لاصلاح هذه الدولة المنكوبة»، ولكن بالرغم من أهمية العلاقات العامة نحن لا نهتم كثيراً بها، فرجل العلاقات العامة في أية مؤسسة يعتبر المتحدث باسم المؤسسة ويعرف كل شيء عن المؤسسة ويدلي بتصريحات للصحف والمجلات وكافة وسائط الاتصال في مناسبات مختلفة، وينقل مطالب الموظفين والعاملين والمساهمين الى القيادة العليا ويعتبر مدير العلاقات العامة همزة بين الذين يرتادون المؤسسة والادارة العليا. منذ عشرين عاماً تقريباً قمت باعداد دراسة بعنوان «ضرورة وجود متحدث رسمي في وزاراتنا ومصالحنا المختلفة» وقد قدمت هذه الدراسة للراحل المقيم رب السيف والقلم «عمر الحاج موسى» طيب الله ثراه، ولكنه حين ترك الوزارة وعمل في الاتحاد الاشتراكي وتولى الوزارة من بعده الاستاذ الصحفي الكبير محجوب عثمان اطال الله في عمره، وقد التقيت به في وزارة الاتصال انه اطلع على هذه الدراسة التي تركها الراحل عمر الحاج موسى، ولكنه ذهب بعد ان ترك الوزارة سفيراً للسودان على ما اعتقد في اوغندا وقابلت الوزير الذي تولى الوزارة من بعده ولكنه ذكر لي انه لم يجد هذا المُكتب!! وكانت محتويات هذه الدراسة على النحو التالي: - انشاء اقسام في وزارة الاتصال مثل ادارة افريقيا وادارة آسيا وادارة اميركا الشمالية واميركا اللاتينية وادارة المنظمات الدولية والاقليمية بالاضافة الى انشاء قاعدة للمعلومات تحمل في طياتها السيرة الذاتية للزعماء والمفكرين الذين تركوا بصماتهم في المجتمع بالاضافة الى حفظ معلومات عن كافة وسائط الاتصال على المستويات المحلية والاقليمية والدولية ،لاسيما ونحن وكما ذكرت في مرات عديدة أننا نعيش في قرية كونية صغيرة بدون أبواب ولا نوافذ على حد تعبير المارشال مك ماهون الخبير الاتصالي الكندي المعروف لدى العاملين في كافة وسائط الاتصال والدوائر الثقافية على المستوى العالمي، ولكن كما ذكرت نحن في مختلف مؤسساتنا ليس لدينا ادارات العلاقات العامة الفاعلة والمؤثرة، وكان من المفروض ان يجلس في مكتب الاستقبال رجل علاقات عامة مؤهل يتقن اللغات الاجنبية ويعرف كافة التفاصيل عن المؤسسة التي يعمل بها وينقل شكاوى ومطالب الذين يرتادون المؤسسة للادارة العليا وينقل اجابات الادارة العليا لاولئك الذين قدموا مطالب، ولكن ما نراه في كافة مؤسساتنا في القطاعين العام والخاص يدعو للاسف، فالذين يجلسون في مكتب الاستقبال لا يسمحون مقابلة أي مسؤول حتى رجال الاتصال يعانون الامرين في مقابلة المسؤول. في أحد الفنادق الشهيرة بالعاصمة عقد جيمي كارتر الرئيس الاميركي الاسبق مؤتمراً صحفياً ،لم يسمح اولئك الذين يقفون امام الباب للصحفيين بدخول القاعة لتغطية المؤتمر الصحفي لجيمي كارتر وهذا يعزو ان اولئك الذين يجلسون في مكاتب الاستقبال لا يعرفون اهمية تسهيل مهمة الصحفيين، ومن هنا نرى انه من المنطق ان نعد الكوادر المؤهلة تأهيلاً علمياً لكي يجسلوا في مكاتب الاستقبال ولكن كما ذكرت في مرات عديدة ان البعض يعتقد ان مهمة العلاقات العامة تنحصر فقط في استقبال الزوار في المطار وفي حجز الغرف في الفنادق، بينما كان المأمول ان يزود مديري العلاقات العامة للزائرين بالمعلومات الموثقة عن السودان ويعدوا لهم برامج لزيارة المشروعات الحيوية في بلادنا مثل «سد مروي» وغيره من المشروعات بالاضافة لتزويدهم بكتيبات تحمل في طياتها معلومات عن السودان وفرص الاستثمار. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل خارج النص: نرى في هذه الايام دعايات مكثفة للذين يرشحون أنفسهم في انتخابات رئاسة الجمهورية، ولكني لاحظت بكل أسف أنهم لا يتحدثون عن وحدة السودان وكما ذكرت في مرات عديدة وحدة السودان خط أحمر لا يمكن تجاوزها، ولكن ما نراه ان بعض المرشحين يرددون في ببغائية ممزوجة عن الوحدة الطوعية والانفصال السلس والجاذب، ونقول لهم الا تخجلوا من انفسكم من ترديد هذه الشعارات التي لا معنى لها وتعتبر معلبات انتهت صلاحيتها. والبعض يتحدثون عن المعارضة السودانية، هل الشعب السوداني كلفهم بأن يتحدثون باسمه؟ وكان من المنطق ان يتحدث كل مرشح باسم اسرته وليس باسم الشعب السوداني، ونقول لهم كفوا أيها السادة من ترديد كلمة المعارضة السودانية، فالمعارضة في الساحة السودانية يجب ان تكون أسرية ولا تتحدثون باسم الشعب السوداني. والله ولي التوفيق. * دكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كنيدي ويسترن الاميركية