قال السيد دانيال كودي مستشار رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت انه سعيد بمخاطبة ( السلطة السودانية البشرية ) وهو يخاطب ابناء الجالية السودانية بسويسرا في احتفال اقيم بمناسبة بدء الاجازة الصيفية -مشيراً بالسلطة الى تنوع الاعراق والجهات مثل سلطة الطعام - وقد أعجبتني هذه الكلمات ذات المعاني العميقة خاصةً وانها تصدر من رجل يقوم بمهمة تقديم الاستشارة لرئيس بلد انفصل لتوه من الوطن الام ولم تندمل بعد آلام واحزان الانفصال ، ان رجال الحركة الشعبية الشريك الاساسي للمؤتمر الوطني وهما الحزبان اللذان تم على ايديهما فصل وتقسيم السودان الى بلدين يعبران في المناسبات الاجتماعية عن تفهمهما لطبيعة الشعب السوداني الاثنوديمغرافية والتنوع الفريد الجميل الذي يربط بين مكونات هذا الشعب العظيم وبرأي ان الحركة والوطني يدركان تماماً ان السودانيين في الغربة هم كما في الوطن مترابطون متحابون تجمعهم الافراح وفي الاتراح يصبحون كالجسد الواحد ، نعم لقد تم تكريم رئيس الجالية السودانية في الاحتفال الذي خاطبه كودي بسبب قيام الاول بواجباته تجاه افراد الجالية بمختلف اثنياتهم وقبائلهم وتوجهاتهم السياسية وتوزعهم على المدن السويسرية بامانة تامة ومسؤولية جديرة بالاحترام والتقدير وهذا ما نفتقده جميعاً في نظم الحكم القائمة حالياً في الشمال والجنوب . نعم لم يكن الشعب السوداني يرغب في فصل الجنوب او اي اقليم من اقاليم السودان الكبير ولكن ساءت احوال البلاد بسبب السياسات الخاطئة ونهج اللامسؤولية المفضي الى الكارثة بطبيعة الحال ونحن نريد الآن الاستثمار في اهم ميزات شعبنا العظيم وهي ميزة التسامح وتقبل الآخر دون تكوين رأي معادي يحتقر الافكار والآراء ، نريد استثمار كلمات مستشار رئيس حكومة الجنوب لتكون انموذجاً يسير عليه كافة المستشارين في الشمال والجنوب ، نريدهم داعمين للسلام والتسامح بين ابناء الوطن الواحد وليس مشعلين للفتن والصراعات ومحرضين على العنف بالعنف اللفظي واستخدام مفردات القبح مثل السحق والابادة والقتل ولحس الكوع وما شابهها من الكلمات المتخلفة التي ليس لها معنى ، نريدهم منفسين لبالونات الصراع مالئين للفراغ بالاعمال الجليلة والكلمات النافعة وبدورنا سنتحتفي بكل ما هو اصيل يعبر عن حقيقة الشعب السوداني ، لقد رقص ابناء الجالية السودانية على انغام كلمات دانيال كودي كما لم يرقصوا على الطرب والتطريب الذي اتحفهم به الفنان عبدالكريم ابو طالب الذي احيا حفل الجالية ومنحها المزيد من التماسك الاجتماعي الذي تعيشه كأحسن ما يكون . كنت ارغب في تلك الليلة الاستماع الى ندوة كانت معلنة عن الوضع في ولاية جنوب كردفان وكان المتحدثون المعلنون السيد دانيال كودي والسيد خميس جلاب ولكن يبدو ان ظروفاً طارئة حالت دون قيام الندوة ، ان دانيال وجلاب خير من يتحدث عن الاوضاع في جنوب كردفان باعتبارهما من ابناء المنطقة العليمين ببواطنها وبالتالي هما يستطيعان شرح اشكالية الازمة القائمة في تلك البقعة من السودان والتي يعمل البعض على جعلها منطقة ازمة جديدة تضاف الى ازمات البلاد التي لا تنتهي .