كشفت ولاية الخرطوم عن محادثات تجريها الولاية مع دبي بهدف استيراد «200» بص للعمل ضمن أسطول شركة مواصلات ولاية الخرطوم، في وقت يرى فيه العاملون بقطاع التاكسي أن ذراع الولاية المعني بمشروع تحديث وتأهيل تاكسي العاصمة قد تعطل كثيرا، وان ايقاع التحديث دون طموحات اصحاب التاكسي. ويذهب اصحاب التاكسي إلى أن الولاية كانت متحمسة للتحديث، وان ذلك الحماس قد تراجع كثيرا، علماً بأن تحديث عربات التاكسي، جاء ضمن استراتيجية وخطط حكومة ولاية الخرطوم لمناهضة الفقر ودعم الشرائح الاجتماعية الفقيرة، وان المشروع كان يهدف للمحافظة على التاكسي وخصوصيته، شأن كل المدن الكبرى في توفير مختلف مواعين النقل، كما يأتي في إطار تحديثه، خاصة أن التاكسي بات بواقعه الراهن أحد معينات النقل، كما أن الشريحة العاملة في القطاع باتت تعاني الفقر، مما استوجب مراعاتها ضمن خطط مكافحة الفقر. غير أن الاهتمام المتعاظم بمواعين النقل الكبرى وتوفير اعداد اكبر من البصات، استولى على اهتمام الولاية. ويرى عدد كبير من «التكاسة» أن المشروع بات بعيد المنال، في وقت بلغت فيه الأعداد المستهدفة «3000» عربة مهترئة وغير صالحة، وان المشروع لم يكمل المرحلة الاولى التي استهدفت «1000» عربة تاكسي. وفي جولة ميدانية وسط سائقي التاكسي بمنطقة وسط الخرطوم، التقيت بسائق إحدى عربات التاكسي التركية، وما أن عرف بهويتي حتى أرغى وأزبد مطالبا اياي بالنأي عنه حتى لا أجلب له «الهواء» فقلت له إنه يمكنه أن يتحدث دون الإفصاح عن هويته، وبعد ان اخذ نفسا عميقا شعرت معه ان مجرد ذكر العربة والاقساط والاسبيرات تورد الرجل اسباب السكتة الدماغية. وجاءني صوته من بعيد وهو الجالس بجواري ليقول: «اولا لا بد من الاشارة الى انني بت عاجزا عن توفير القسط، رغم خروجي «من صباح الرحمن». وثمة امر مهم آخر انه في ظل مواعين النقل الصغيرة من امجاد وعربات ليموزين بكل الماركات والاحجام، فإن الاقبال على التاكسي بات ضعيفاً جدا.. لقد صار هذا العالم يتوارى عاما بعد آخر، والسبب ليس ماركات القديمة.. لقد كنت اتوقع انقلابا في ظروفي الاقتصادية بعد امتلاكي العربة الجديدة، بيد أن حالتي الاقتصادية تدهورت اكثر، وافكر الآن في سبيل للخروج من واقعي المرير، فقد بت عاجزا عن الايفاء بمستلزمات الاسرة، وارى ان على ولاية الخرطوم ووزارة الرعاية الاجتماعية أن تبحثا عن سبل اخرى لمواجهة الفقر الذي بات يتوسع ويلتهم الشرائح الاجتماعية. وحسنا فعلت عندما اهتمت بالبصات وتجاهلت التاكسي، حتى لا يقع ضحايا جدد من الزملاء. ويقول محمد صديق إنه كان يستعجل تغيير عربته، الا انه بات يشفق كثيرا على زملائه الذين استلموا بسبب الاقساط. وقال جميل أن تتناسى ولاية الخرطوم امر التحديث وجميل اهتمامها بمشروعات البصات، فيما ذهب الحاج الصديق إلى ضرورة التعجيل بتسليم الدفعات حتى يغير الناس واقعهم المرير. سألت عبد الباقي مصطفى عن المشورع وعما اذا كان يتلهف لاستبدال عربته الكورلا موديل 1978م، فحدثني بانفعال قائلا: إن الأمر لا يقف عند الاستبدال او تغيير موديل السيارة، انما الامر يهدف لمواجهة حالة الفقر التي صار اليها سائقو التاكسي بعد تلاشي شريحة الوسط التي ظلت تستخدم التاكسي، فقد انتهت وتلاشت في المجتمع، وصار الناس فئتين احداهما تملك العربات الخاصة وفئة انحدرت الى الغالبية الفقيرة، ولن يعود الناس للتاكسي إلا في حالة تغيير واقع الناس وانتشالهم من الفقر المدقع الذي صاروا اليه. وأبان عبد الباقي أن تغيير السيارة وامتلاك اخرى لن يجذب الزبائن. وكشف أن بعض اصدقائه وزملائه من الذين استبدلوا عرباتهم في المشروع الماضي، باتوا يشكون عجزهم عن توفير الاقساط. واكد انه لن يغامر بالدخول في هذه المغامرة، الا في حالة تحسن الظروف الاقتصادية لجميع الشرائح الاجتماعية، لأن ذلك هو الضامن الوحيد لعودة امبراطورية التاكسي، اما المحاولات الراهنة لتغييره فهي توجهات عليا تهدف الى تجميل وجه العاصمة. وبعد وصول البصات بدا أن الحكومة قد تخلت عن تحديث التاكسي.