بدأت وزارة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم مشروع تحديث وتأهيل تاكسي العاصمة ويستهدف المشروع تحديث عربات التاكسي ، ويأتي ضمن استراتيجية وخطط حكومة ولاية الخرطوم لمناهضة الفقر ودعم الشرائح الاجتماعية الفقيرة ، في وقت أكد الدكتور عبد السميع حيدر مدير عام مؤسسة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم، ان المشروع هدف للمحافظة علي التاكسي وخصوصيته شأن كل المدن الكبري في توفير مختلف مواعين النقل كما يأتي في اطار تحديثه خاصة ان التاكسي بات بواقعه الراهن احد معينات المرور كما ان الشريحة العاملة في القطاع باتت تعاني الفقر ما استوجب مراعاته ضمن خطط مكافحة الفقر . غير ان الاهتمام المتعاظم بمواعين النقل الكبري وتوفير اعداد اكبر من البصات استولي علي اهتمام الولاية ، ويري عدد كبير من «التكاسة » ان المشروع بات بعيد المنال في وقت بلغت فيه الاعداد المستهدفة «3000» عربة مهترئة وغير صالحة وان المشروع استهدف في المرحلة الاولي عدد «1000» عربة تاكسي بد أ بتغيير «100» عربة. في جولة ميدانية وسط سائقي التاكسي بمنطقة وسط الخرطوم ، سألت عثمان ابراهيم «54» عاما عن المشروع وعما اذا كان يتلهف لاستبدال عربته الكرونا موديل 1978 ، فحدثني بانفعال قائلا : « الامر لا يقف عند الاستبدال وليست ماركة او موديل سيارتي وراء حالة الفقر التي صار اليها سائقو التاكسي ، المشكلة واضحة وهي ان شريحة الوسط التي ظلت تستخدم التاكسي انتهت وتلاشت في المجتمع وصار الناس فئتين احداهما تملك العربة الخاصة وفئة انحدرت الي الغالبية الفقيرة ولن يعود الناس للتاكسي الا في حالة تغيير واقع الناس وانتشالهم من الفقر المدقع الذي صاروا اليه ،وابان عثمان ان تغيير السيارة وامتلاك اخري لن يجذب الزبائن، وكشف ان بعض اصدقائه وزملائه من الذين استبدلوا عرباتهم في المشروع الماضي باتوا يشتكون من عجزهم عن توفير الاقساط، واكد انه لن يغامر بالدخول في هذه المغامرة الا في حالة تحسن الظروف الاقتصادية لجميع الشرائح الاجتماعية لان ذلك هو الضامن الوحيد لعودة امبراطورية التاكسي اما المحاولات الراهنة في تغييره فهي توجهات عليا تهدف الي تجميل وجه العاصمة .وبعد وصول البصات ظهر ان الحكومة قد تخلت عن تحديث التاكسي . سائق احدي عربات التاكسي التركية وما ان عرف بهويتي حتي ارغي وازبد مطالبا اياي بالنأي عنه حتي لا اجلب له «الهواء» فقلت له : «يمكنك الحديث دون الافصاح عن هويتك » وبعد ان اخذ نفسا عميقا شعرت معه ان مجرد ذكر العربة والاقساط والاسبيرات تورد الراجل اسباب السكتة الدماغية وجاءني صوته من بعيد وهو الجالس بجواري ليقول : « اولا لابد من الاشارة الي انني بت عاجزا عن توفير القسط رغم خروجي من - صباح الرحمن - وثمة امر هام واخر انه في ظل مواعين النقل الصغيرة من امجاد وعربات ليموزين بكل الماركات والاحجام فان الاقبال علي التاكسي بات ضعيفا جدا .. لقد صار هذا العالم يتواري عاما بعد اخر والسبب ليس الماركات القديمة ، لقد كنت اتوقع انقلابا في ظروفي الاقتصادية بعد امتلاكي العربة الجديدة بيد ان حالتي الاقتصادية تدهورت اكثر وافكر الان في سبيل للخروج من واقعي المرير فقد بت عاجزا عن الايفاء بمستلزمات الاسرة ، واري ان علي ولاية الخرطوم ووزارة الرعاية الاجتماعية ان تبحث عن سبل اخري لمواجهة الفقر الذي بات يتوسع ويلتهم الشرائح الاجتماعية ، وحسنا فعلت عندما اهتمت بالبصات وتجاهلت التاكسي حتي لا يقع ضحايا جدد من الزملاء. ويقول محمد صديق انه كان يستعجل تغيير عربته الا انه بات يشفق كثيرا علي زملائه الذين استلموا بسبب الاقساط، وقال جميل ان تتناسي ولاية الخرطوم امر التحديث وجميل اهتمامها بمشروعات البصات، فيما ذهب الحاج الصديق الي ضرورة التعجيل بتسليم الدفعات حتي يغير الناس واقعهم المرير.