فى الوقت الذى رفضت فيه الحكومة السودانية مرشح مصر لجامعة الدول العربية الدكتور مصطفى الفقي استناداً على مواقفه السالبة وسهام نقده اللازعة تجاه الخرطوم ، بات مرشح دولة قطر اقرب الى كرسي الأمين العام للجامعة، مادفع الحكومة السودانية الى تبني موقفاً واضحاً على لسان سفيرها لدى القاهرة عبدالرحمن سر الختم بأن السودان سيعطي إشاره خضراء للمرشح القطري حال عدم إستجابة مصر لسحب الفقي من سباق الترشح. الصحافة استطلعت عددا من الدبلوماسيين والسياسيين والأكاديميين حول تأثير ترشيح الفقي وظلاله على العلاقات بين البلدين الشقيقين. ووصف مدير مركز دراسات الشرق الاوسط وافريقيا، السفير عثمان السيد موقف الحكومة بالإيجابي برفضه لترشيح الفقي أميناً عاماً لجامعة الدول العربية خلفاً لسابقه عمرو موسى، وقال ان موقف الحكومة يمثل كرامة الشعب السوداني، خاصة ان مصر كان لها علم بترشيح السودان لمصطفى عثمان اسماعيل لمنصب الامين العام لجامعة الدول العربية، الا ان الحكومة تفاجأت بترشيح مصر لرجل من رجالات العهد القديم وهو شخص معروف بمواقفه السالبة تجاه السودان، وان الفقي مهما قدم من اعتذارات فهي غير مقبولة، واضاف السيد، بأن مرشح مصر عرف بإنتقاده للسودان وينظر له بالنظرة الخديوية وآن الاوان ان نتعامل مع مصر بالندية بدلا عن النظرة البابوية التي كانت تستخدمها، وشدد على ان النظرة البابوية إنتهت في هذا العهد، وأوضح السيد، ان استقبال الخارجية المصرية لأوكامبو وفكرة الانضمام للجنائية اهانة للسودان، في الوقت الذي تدعو فيه الدول الافريقية لعدم الالتزام بالجنائية ومصر تفاجئنا بالانضمام في هذا لتوقيت، وشدد السيد على انه آن الأوان بأن يكون منصب الامين العام لجامعة الدول العربية من نصيب الدول الأخرى المنتمية الى مظلته ولن نرضى ان يكون لمصر في كل مرة باستثناء فترة تونس ونرفض ان يصبح وظيفة معاش لمصطفى الفقي. ورأت استاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهري الدكتورة سلمى الكارب، أنه رغم ما حدث من انفراج في العلاقات الثنائية بين البلدين عقب الثورة المصرية التي اطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك، الا ان هذا لا يعني ان يشكل هذا التقارب مساندة الحكومة السودانية لدعم ترشيح الفقي والتي أعلنت موقفها منه صراحة ً، ولم تستبعد سلمى ان يؤثر هذا الأمر سلباً فى العلاقة بين الجانبين، الا أنها استدركت ان الطرفين بينهما تفاهمات يمكن ان تتجاوز المحطة الخلافية، وأضافت، في حال سحب مصر للفقي واستبداله بآخر يمكن ان تدعم الحكومة السودانية المرشح الجديد، ونوهت الى وجود دول اخرى يمكن ان تدعم دولة المقر «مصر»، وتوقعت سلمى ان يؤثر موقف السودان الداعم لمرشح قطر في حال عدم تبديل الفقي، لافته الى ان السودان سيدعم البديل اذا رشحت مصر غير الفقي، رغم الضغوط التي يمكن ان تتعرض لها الحكومة من قطر. واوضح السفير الرشيد ابوشامة، ان لدى السودان مواقف واضحة تجاه مرشح مصر مصطفى الفقي بسبب انتقاداته للحكومة السودانية وقالت ان الامر ليس له علاقة بمصر نفسها وابلغت ان مواقفها فقط تجاه مرشحها الفقي، ولم يستبعد ابوشامة ان يؤثر الجدل الحالي على شكل العلاقات السودانية المصرية، وقال ما يدور الآن في الساحة يشير الى وجود موازنات اقليمية لصالح قطر ربما تكون صحيحة، خاصة ًوان قطر تسعى سعيا كبيرا للفوز بهذا المنصب، وغالبا ما يؤيد السودان قطر في حال استمرار مصر على مرشحها الفقي الرجل الذي اصبح مرفوضا من قبل الحكومة السودانية بجانب كثيرين من داخل الوسط المصري بحجة التزوير في انتخابات مصر الماضية وفوزه على حساب مرشح الاخوان المسلمين الذي فاز حقا باعتراف الفقي نفسه حتى يخلق حالة من الرضا الجماعي له فى الاوساط التي اصبح مرفوضا لديها ليصحح مواقفه السابقة. وقال الناطق باسم الحزب الشيوعي يوسف حسين، نحن لا ننظر للقضية من زوايا اشخاص او افراد، ولنا رأي اصلاً فى وثيقة جامعة الدول العربية التي تدعم انظمة الحكومات القائمة، ولكن يجب ان تشمل الوثيقة جميع القوانين التي تضمن حقوق الشعوب وتفرد حيزا لكل القطاعات التي تشمل النقابات العمالية والتنظيمات، وأضاف حسين أن الجامعة يجب ان تهتم بالشعوب العربية وليس الحكومات. وتوقع استاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا الدكتور حمد عمر الحاوي بأن قضية مرشح مصر لجامعة الدول العربية يمكن ان تؤثر على شكل العلاقات السودانية المصرية، واعتبر ان المسألة ليست شخصية من جانب مصر ولكنها ربما تدفع مصر الى تغيير نظرتها تجاه الحكومة السودانية، خاصه وان وجهة نظر الحكومة المصرية تنظر الى القضية بأن السودان يجب ان ينظر الى الفقى بأنه مرشح دولة، فى الوقت الذى دفعت فيه قطر اول مرشح لهذا المنصب خاصة وان لها تأثيرا كبيرا على الحكومة السودانية بمواقفها الإيجابية المختلفة، ولذلك في كل الظروف يجب على السودان ان يدير هذا الملف بشكل استراتيجي حتى يتجنب ما يجري. ومن ناحيته قال استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية حسن الساعوري ان موقف السودان من المرشح المصري مبني على مواقف الفقي السالبة تجاه الحكومة السودانية، ووصفه بأنه واحد من الجيل القديم للحزب الوطني المحلول، وانه من اهل الصف الثاني في حكومة مبارك من الذين سعوا لتغيير النظام في السودان بالتنسيق مع امريكا وليبيا، والتجمع الوطني الديمقراطي، وإعتبر الساعوري رفض الحكومة السودانية لترشيح الفقي بمثابة كرت ضغط لفتح قنوات اتصال بينها وبين الحكومة الجديدة، ورهن دعم السودان للبديل بالمرشح نفسه، واتهم الامين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأنه كان منسقا لاسقاط النظام في السودان ويدعم الحركات في دارفور وسعى لفصل جنوب السودان. وأضاف من الصعب التكهن بما يدور بالنسبة لمواقف مصر ولكن يمكن ان يجد الجانبان حلا لما يدور.