سعدت الاسبوع الماضي بقضاء سهرة في منتدى ابناء ام درمان، وهم يحيون الذكرى السابعة لرحيل الفنان التاج مصطفى، وقد التقت فئات من شتى الاجيال جمعهم الحب والتقدير للفنان الكبير. وقد جاءت التظاهرة الفنية في اعلى مستوى ممكن من الحضور الاهلي، وكنت اتمنى ان تكون هناك كلمة لاتحاد المهن «الموسيقية» او أي مسمى آخر يعبر عن رفاق التاج، ذلك ان الراحل كان رقما مهماً في عقدي التحول الفني «الخمسينات والستينات» من القرن العشرين الميلادي. واذا نذكر الناس التاج فانهم يتذكرون الموهبة حينما تقترن بحب الدراسة والعلم، وقد كان التاج مبادرا للتعرف على اصول الموسيقى، تلميذا لعازف القانون مصطفى كامل «مصر» ودرس على يديه النوتة الموسيقية. كان من الصعب على التاج ان يثبت وجوده في ساحة كان فيها ابراهيم الكاشف أحمد المصطفى عثمان حسين وغيرهم من نجوم الطرب.. ولكن التاج استطاع ان يتفرد وان يكون له صوته الخاص والحانه المميزة، وان يمزج بين الاداء الرفيع للصفوة ومن الاستجابة لتذوق الجمهور. فكان هذا المزج بين الصفوية والجماهيرية.. وغنى لكبار شعراء الغناء في عصره: عبد الرحمن الريح اسماعيل خورشيد سيف الدين الدسوقي اسماعيل حسن محمد بشير عتيق السر قدور حسين بازرعة ود الرضي عبد المنعم عبد الحي عوض أحمد. ويلفت النظر ايضا ان 6 من اغنيات التاج هي من تأليفه ومنها يا غائب عن العين، وايضا تغنيه بقصائد لمحمد سعيد العباسي التجاني يوسف بشير الشاب الظريف والموشح الاندلسي. ويتطلب الامر من اساتذة الموسيقى اعادة تقويم الموسيقى السودانية في مرحلة الانتقال من الحان «الحقيبة» الى فضاءات التحديث، وقراءة هذه النماذج مرتبطة بالتحولات الثقافية والاجتماعية التي شهدها المجتمع السوداني.