بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقر في السودان .. كيف الخلاص ؟
نشر في الصحافة يوم 27 - 04 - 2011

انتشار الفقر في شتى أصقاع ربوع البلاد حقيقة لا يمكن إنكارها وغض الطرف عنها استسهالاً وعدم مبالاة . غير أنه من الصعوبة بمكان تحديد نسبة الفقر على وجه الدقة والتحديد لجهة قلة الإحصاءات المعتمدة والموثوق بها كما أنه لم يتوصل بعد في السودان إلى تعريف جلي للفقر يمكن بناء عليه التعاطي مع إفرازاته المجتمعية والعمل على تخفيف حدته ما استطاعت الدولة وأذرعها والمجتمع المدني إلى ذلك سبيلا .
فعدم معرفة نسبة الفقر وانتشاره وسط قطاعات المجتمع بجانب عدم التواطوء على تعريف متفق عليه يصعبان من الوصول إلى حلول جذرية للقضاء عليه أو على أقل تقدير يخفضان نجاعة البلاسم والترياقات المسداة من قبل الخبراء والمسؤولين بل من شأنهما إجهاض كل جهد لجهة عدم معرفة المداوي لأصل وحجم الداء ، فبدون تشخيص سليم لأي سقم لن يجدي معه دواء وكذا الحال مع الفقر بالسودان .
لأجل هذا إن كانت الحكومة جادة في القضاء أو تخفيف حدة الفقر التوافق على تعريفه بصورة قاطعة لا لبس فيها فقرائن أحوال الواقع تقول إن الدولة مذبذبة بين قناعات توجهاتها الإسلامية والمعايير العالمية لتحديد من هو الفقير فالمعيار العالمي يرى أن كل من يقل دخله اليومي عن دولارين يدخل في زمرة الفقراء ويستحق العناية والرعاية وبسط يد المساعدة له لإخراجه من وهدته فيما يعرف الفقه الإسلامي ان الفقير هو من لا يملك قوت يومه ولنفترض جدلا أن الدولة أخذت بأي من التعريفين عند تعاطيها وبذل اجتهاداتها المتناثرة للقضاء على الفقر وندعوها لتحدثنا بدقة كم نسبة الفقر بالبلاد وكم يبلغ عدد الفقراء بها ؟ أكاد أجزم بملء فمي في أنه لا أحد يجروء على الإجابة عن هذا التساؤل وقلبه موقن بالإجابة القاطعة والدليل على ذلك تباين الإحصاءات الشاسعة التي ما فتئت تظهر إلى حيز الوجود وتسود الصحائف بين الفينة والأخرى من قبل الهيئات والمؤسسات العالمية المعنية بشأن الفقر والجهات الحكومية المحلية فمنها ما يرفع نسبة الفقر إلى سقف يبعث على الوجل والإشفاق فيصل بها إلى مراقي 90% من المجتمع وآخر يبسطها حتى تظن مع إحصاءاته أننا نعيش في المدينة الفاضلة أو قريب منها وأخريات عوان بين ذلك فتخرج نسب في ظني أقرب للواقعية فتجعله في حدود 40% ووفقا لهذه الإحصاءات يكون قد أوقع من يتعامل على أساس نسبة الفقر 90% ظلما على كثيرين بتوجيه رعاية ودعم لفئة من بين ال 90% لا تستحقه ومن يقل إن نسبته قليلة يكون أيضا قد ألحق حيفا بفئة تحتاج إلى المساعدة للخروج من فراء الفقر أرأيتم أهمية تحديد تعريف ثابت وفق معايير راسخة للفقر وكم نسبته؟ حتى توجه المساعدة لمن يستحقها.
فأولى عتبات القضاء أو تخفيف حدة الفقر تتمثل في التوافق على تعريفه وتحديد نسبته حتى يسهل الوصول للفقراء وإيصال الدعم المستحق لهم حتى لا يصل إلى من لا يستحقه أو يحرم منه هو في حاجة إليه ومن ثم على الدولة وقطاعات المجتمع كافة ومنظمات المجتمع المدني على وجه الخصوص البحث عن آليات وأساليب تساعد في القضاء على الفقر أو تخفيف حدته يأتي في مقدمتها الحرص على إخراج الزكاة وفق معاييرها الشرعية وتوجيهها لمن يستحق بحسب مصارفها الثمانية لا أن توكل لمن يأخذها ضيعة له فيلهو بأموالها ويعمل على تبعثرها بتوجيهها إلى غير وجهتها وللأسف الشواهد على قفا من يشيل لمن أراد الحصر والتعداد كما على الدولة تسخير كافة إمكانيات مصارف القطاع الخاص والقطاع الحكومي لتبني سياسات تمويلية إجبارية تركز في متنها ومضمونها على محاربة الفقر وذلك بتحديد سقف تمويل محدد كما تفعل الآن مع تجربة التمويل الأصغر التي انتهجها الجهاز المصرفي تحت مظلة البنك المركزي غير أنه من أسف لم تلتزم مصارف كثيرة بإفراد 12% من حجم سقف تمويلها الكلي حسب توجيهات بنك السودان فطفقت في التعلل ليس صراحة ولكن عبر إتباع حزمة إجراءات بيروقراطية فجة من شأنها صد طالبي التمويل من الناشطين اقتصاديا من الفقراء لا سيما أنهم طبقة تعف عن المطالب المالية وتقنع بوضعها المالي وتعض بالنواجز على كرامتها فتفضل البقاء على وضعها المالي البائس و النأي عن المصارف وإجراءاتها التعسفية وتأبى اللجوء إليها لفرط ما تستخدمه من إجراءات وتفرضه من جزاءات تصل إلى حد الملاحقة القانونية عند عدم السداد والرمي في غياب السجون ! فهل يصح أن تتعامل المصارف بالقسوة التي نراها مع فئة ضعيفة البنيان المادي يحتم واجب المصارف ومسؤوليتها الاجتماعية المساهمة الفاعلة الأخذ بيد الضعفاء والفقراء ليطفر إلى العلن تساؤل كبير أين المصارف من المسؤولية الاجتماعية ؟ ولماذا هذه القسوة على طالبي التمويل الأصغر الذين وبشهادة المصرفيين أنفسهم أن تجارب تمويلهم تبرهن وتدلل بقوة على إبداء الغالبية العظمى منهم جدية وحرصا منقطع النظير على السداد إلا أن يحاط بمشروعاتهم التمويلية وعندها أليس من الواجب الوقوف مع الفقير لإقالة عثرته ومنحه فرصة لاسترداد عافية مشروعه الذي لم يحالفه النجاح عبر توفير جرعة تمويل أخرى عسى أن يكون على يديها المخرج فربما يقول المدافعون على نهج المصارف أن الحرص على أموال المودعين يملي على إدارات المصارف التشدد في إعادتها أدراجها إلى حضنها الرؤوم غير أنا نسائلها عن وجودها لحظة نهب أموال المودعين من قبل ما عرف بالجوكية فانتشر التعثر وبلغ مداه ما لا يخطر على قلب مصرفي قويم فمن الأجدر بالرعاية والعناية والرأفة الفقير الذي يطلب ما لا يزيد عن عشرة ألف جنيه أم من يهرب على حين غرة أو تساهل من إدارات المصارف بمليارات الجنيهات والمصرف لا تقوى على ملاحقته إما لوضعه الاجتماعي أو سنده السياسي أو ظهره الذي يحميه ؟ فتجربة التمويل الأصغر يمكن أن يكون لها القدح المعلى في تخفيف حدة الفقر بالبلاد إن وجدت الفهم الصحيح لمراميها وتم تمهيد وتعبيد الطريق لها حتى تبلغ مراميها ويحسب لها أنها تكتسب ميزة نسبية تجعلها تتفوق على غيرها من الآليات الأخرى من شاكلتها نسبة لمشاركة الفقير بنفسه في إزالة ما به من فاقة وطرد ما يلاحقه من عوز بتحلمه كافة تبعات التمويل الممنوح له بدءا من التخطيط لتوظيفه ومرورا بتشغيله وتحركيه اقتصاديا وإنتهاء برده إلى مصدره الأمر الذي يطرد عنه جيوش الحرج والنظر إليه بدونية واستخفاف كما هو الحال عند من يستقبل مالا لا يرجى إرجاعه فلهذا السبب ولغيره على الدولة شد مئزها والعمل بكل ما أوتيت من إمكانيات على تسهيل إجراءات حصول الفقراء على التمويل الصغير دون إفراط أو تفريط وأن تلزم المصارف بقبول الضمان الشخصي لطالب لا مطالبته بتوفير ضمان من شخص آخر فإذا عجزت الدولة والمصارف عن توفير ثقتها في الفقير ولم تحسن الظن فيه فأنى لميسوري الحال من مواطنيها بحسن الظن في الفقراء في ظل متلازمة الجشع والخوف لرأس المال فإن عملت المصارف على قبول الضمان الشخصي من طالب التمويل فبصنيعها هذا تكون قد وفرت على الفقراء مؤونة البحث واللهث والاستجداء للحصول عليه من ميسوري الحال بجانب أنها تكون قد أبعدت أصحاب البسطة من المال من الجرجرة والملاحقة القانونية والشرطية عند تعثر سداد طالب التمويل بغير ذنب جناه سوى حسن الظن بالفقير فيجد عوضا عن الشكر والثناء المعاقبة على صنيعه فوسط مثل هكذا متاريس كيف لسفينة التمويل بلوغ شطها ؟ أزيحوا كافة القيود المانعة لمسيرة التمويل الأصغر وأفسحوا له المجال للانطلاق حتى يبلغ غاياته ويستفيد منه الفقراء بالوصول إليهم في مناطقهم ومساعدتهم في إجراء دراسات جدوى المشاريع وتفهيمهم للمقصد منه وألا ترجو الدولة من ورائه الربح وليكن مكسبها الأكبر إخراج فئة مستضعفة من مواطنيها من دائرة الفقر فهل من ربح أسمى وأنبل للدولة من تحقيق مثل هكذا مقصد شريطة إلزام كافة الجهات المصرفية بتسخير كافة إمكانياتها لتوجيه سقف التتمويل المحدد من قبل المركزي للتمويل الأصغر وألا تأخذ المركزي رأفة في حق الفقراء بمحاسبة كل مصرف لا يتلتزم بإفراد السقف المحدد للتمويل الأصغر .
غير أنه يبقى التمويل الأصغر قليل الفاعلية والجدوى إن لم تلتفت الدولة إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية الكلية اهتماما بالتنمية وبسطا لتوزيع الثروة وفق معايير عادلة بعيدا عن إلحاق الحيف والظلم على فئة دون أخرى والابتعاد عن حمى الاحتكار ومنح الامتيازات لفئات معينة والعمل على خلق وفرة بالأسواق حتى تستقر أسعار السلع والخدمات ويتسنى دحر جيوش التضخم المرابضة في ارتياح على باحات وجنبات الأسواق دون أن تجد من يهشها أو ينشها أوحتى يقلق منامها على أقل تقدير فلئن قضت الدولة على التضخم تكون قد ضمنت العلاج الناجع لكبح جماح الأسعار ومداواة سعار التجار الصامين آذانهم عن سماع صوت الضمير الذين لا يهمهم سوى تحقيق المكاسب الربحية حتى لو جاءت على أجساد الغالبية .
كما لا يفوت على التنبيه لضرورة استصحاب المرأة الريفية في الرؤية المتكاملة لمحاربة الفقر لجهة أن المرأة الريفية تمثل ركيزة المجتمع وأساسه ليس على مستوى البناء الأسري فحسب بل على نطاق النشاط الاقتصادي للأسر فهي الساقية والراعية والجالبة لحطب الوقود والفالحة والحاصدة للزراعة والرجل يرفل في ثوب النعيم والدلال وينكفي على نفسه مزهوا مكتفيا بلعب دور الإشراف ولهف المنتجات لأجل هذا ينبغي على الدولة التركيز على توجيه التمويل والدعم لقطاع المرأة لا سيما بالريف لما أسلفت من أسباب ومبررات تؤهلها لنيل الاهتمام وتوفير العناية لها إن كنا فعلا ننشد علاج داء الفقر غير أن توجيه الدعم والتمويل لها لن يبلغ مداه ولن يحقق مقصده إن لم يصاحبه توعية مجتمعية قوية المد يكون بمقدورها إقتلاع المفاهيم المتجزرة في نفوس العامة بالقطاع الريفي أن المرأة أمة ليس جزاؤها سوى الكد والاجتهاد من أجل إسعاد الرجل بكل معاني المفردة لأنه إن لم تتم التوعية وتغيرت المفاهيم سوف يذهب ريع كل تمويل إلى رب الأسرة وربما عمل على بعزقته دون أن يطرف له جفن وتكون الدولة قد زادت رهق المرأة عوضا عن مساعدتها على النهوض من وهدتها البائسة .
خلاصة القول إنه لن تنفع أية محاولات حكومية أو مجتمعية للقضاء على الفقر أو تخفيف حدته دون التوافق على ماهية الفقر بجلاء وتحديد نسبة استشرائه وسط قطاعات المجتمع على وجه الدقة ومن ثم التوزيع العادلة للثروة بين المواطنين وحث بل إجبار مؤسسات التمويل المصرفي على الاهتمام بمحاربة الفقر عبر توفير التمويل لقطاع الفقراء وفق شروط وإجراءات ميسرة شريطة أن يكون الهدف من التمويل مساعدة الفقراء لا جني الأرباح على حسابهم وأن يصل التمويل إلى الفقراء في أمكانهم لا ان يتكبدوا له مشقة البحث عنه وأن يضطلع ديوان الزكاة بدوره المنوط في توزيع الصدقات ومنح الأولوية لقطاع الفقراء من بين المصارف الثمانية وأن ترفع وزارة الرعاية الاجتماعية إيقاع عملها وحسها تجاه الفقراء بتوفير البحوث الموثوقة عن أعدادهم وتوزيعاتهم الجغرافية وأن تساعدها وزارة المالية والاقتصاد الوطني في توفير التمويل اللازم وأن تعمل الأخيرة على ضبط إيقاع السوق ومكافحة التضخم صاحب القدح المعلى في ازدياد ظاهرة الفقر واتساع رقعته وأن تنهض أزرع وزارة الرعاية الاجتماعية في المعاشات والتأمين الاجتماعي والتأمين الصحي لسد ثغرة المعاشيين وتوفير العلاج بأسعار معقولة تكون في مقدور الفقراء وأن تساهم وزارة التربية والتعليم في توفير التعليم لا نقول المجاني بل شبه المجاني وأن تراجع الدولة سياسة التحرير الاقتصادي وإعادة ماء الحياة لمشاريع الإنتاج الحقيقي في القطاعين الزراعي والصناعي والإهتمام بالقطاعات الحرفية والارتقاء بالقطاع الخاص والعمل على عودة الطبقة الوسطى بالمجتمع التي قضت نحبها فاتسع البون بين الفقراء والأغنياء . غير أن هذه الوصفة العلاجية تكون منزوعة الدسم قليلة الفائدة في ظل عدم العدالة في توزيع الثروة واستشراء جيوش الفساد وسيادة المحسوبية وتفشي الجهوية وتقديم الولاء الحزبي أو العقدي على الإنتماء الوطني وإنزواء الشفافية وتواري المحاسبية وتمكن قبضة الدكتاتورية .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.