لولا شهادة البحث التي تثبت ملكية الأرض منذ عهد الاستعمار لأصحاب الملك الحر بمشروع الجزيرة والمناقل والحرقة ونور الدين لذهب المشروع مثل ما ذهبت أصوله وممتلكاته الأخرى من سكك حديدية ومباني ومؤسسات بكل من الخرطوم وبورتسودان ولانكشير ولندن وغيرها، ولكان قد ملك المشروع الى الملاك من الاقطاعيين والرأسمالية بشركاتهم التي نهبت الوطن وصاروا أمراء أكثر من امراء دول البترول. وملاك الأراضي يطالبون الدولة بدفع مستحقاتهم من الايجارة التي تحددت بواسطة اللجنة العدلية واعترفت بها الدولة ممثلة في توجيهات رئيس الجمهورية والمجلس الوطني الذي أوصى وزير المالية السابق باستيفاء حقوق الملاك هؤلاء وهم في انتظارها مهما طال الزمن. الآن وبعد رحيل المدير السابق للمشروع وتعيين المهندس عثمان سمساعة فان الملاك يتوسمون فيه الخير كل الخير في ان يجدوا منه ما يدعم قضيتهم ويعطيهم حقوقهم بوقوفه مع الحق والعدل حتى يسر الله اليه امر قيادة هذا المشروع والخروج به من نفق الظلام الذي ضربه، حيث الصيحات هذه الايام تنادي بعودة القطن والقمح كمحاصيل نقدية لعلها تنقذ الاقتصاد السوداني بعد كبوته وتوجهه كلية الى البحث عن البترول والذي هو لا محالة ناضب بعد ان جلب للوطن فتنة الاقتتال والاحتراب حتى انفصل الجنوب بسبب هذه السياسات. وقد كنا نسمع قبل سنوات عن النفرة الزراعية وأعقبتها النهضة الزراعية التي صرفت عليها أموال طائلة لو وجهت فقط لتحسين بيئة الري وقنواته ونظافة الغيط من سيقان القطن التي ظلت تقف لأعوام دون ان تصلها يد لاقتلاعها ونظافة الحواشات من هذه المخلفات التي تحتفظ بالأمراض وتتوطن اكثر مما يجعل زراعة القطن في خطر بسبب هذه الامراض. كما ان النفرة أو النهضة رغم الاشادة بها من بعض الأقلام والكتاب إلا أننا كمزارعين وأبناء مزارعين لم نلمس لها أثراً أو وجوداً اللهم إلا ما يردده أعضاء اتحاد المزارعين الذين يشيدون ويطبلون لكل جديد علهم يجدون فيه ما يخارجهم من ورطة فقدان مشروع الجزيرة. ان الأموال التي صرفت في استجلاب آلات زراعية وتقاوى فاسدة وغير مطابقة للجودة المطلوبة للسودان والأسمدة والمبيدات المنتهية الصلاحية التي تعتبر فساداً يطالب الكثير من أصحاب الهم والوجع بضرورة محاسبة هؤلاء المتسببين في هذه الاختلالات وضياع أموال الدولة هدرا بعد غياب المؤسسات التي كانت ترعى وتحافظ على سلامة الواردات ومطابقتها لطبيعة احتياجات البلاد. ولعلك أخي مدير المشروع لا يحتاج الى وصايا وأنت الأدرى بمشاكل الزراعة واحتياجاتها وهذا الأمر يتطلب عودة الحياة الى مدينة بركات وإعمار مكاتبها ومساكنها التي عشعش فيها البوم وود أبرق والحيوانات الهائمة حتى تكون خلية لعودة الحياة لطبيعتها وكذلك اعادة النظر في الاستفادة والاستعانة بالخبرات التي أهملت وشردت من المهندسين في مجالي الري والزراعة والفنيين الآخرين في مجالات العمل بالغيط من مرشدين وحشريين لأن المزارع في حاجة الى خدماتهم بعد ان انهارت كل البنى التحتية للمشروع وصار كالصحراء ولعل في هذه الأعمال عودة الحياة للأرض بعد ان تتم عمليات التحضير الجيد والمبكر بالآلات الثقيلة التي توقفت منذ تصفية الهندسة الميكانيكية وبيع التراكتورات وآلات الحرث العميق. ويبقى لكم بعد ذلك التقاوى الجيدة والاسمدة والمبيدات ذات الصلاحية والجودة وسوف ترى بإذن الله تفاعل وتجاوب المزارعين في زيادة الانتاج وتحقيق ما تصبو اليه الدولة من عائدات غابت في الفترة السابقة بسبب تجاهل الزراعة وتهميش دورها، بالاعتماد على البترول، حيث يطالب المزارعون والملاك بترحيل رئيس مجلس الادارة واتحاد المزارعين للجزيرة والمناقل ليطل علينا فجر جديد مع مدير المشروع حتى يعود المشروع سيرته الأولى.. فهل من مجيب؟!.