لم تهدأ حتى الآن العواصف التي اثارتها تصريحات القيادي بالحزب الاتحادي الاصل التوم هجو حول موقف حزبه الرسمي من المعركة الانتخابية بين الوطني والحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان. وكان هجو قد قال لموفد «الصحافة» الى الولاية ان الحزب الاتحادي قد قرر ان يدعم مرشح الحركة الشعبية في السباق الانتخابي عبد العزيز الحلو. وكشف عن تلقيه تكليفا من رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني بمساندة ودعم جماهير الاتحادي في الولاية لمرشح الشعبية. ولم يفوت التوم هجو المناسبة اذ هاجم الحزب الحاكم بالبلاد واتهمه بالعمل على تفتيت السودان،مشيرا في هذا الصدد الى ان الخطاب الذي يوظفه الحزب الحاكم لتحقيق اهداف حملته الانتخابية يتحدث بلغة البندقية، بالرغم من فشل هذا الخطاب في انجاز مشروع الوطن الحضاري طوال العشرين عاما الماضية. ويشار الى التوم هجو يتمتع بعضوية المكتب السياسي للأصل وينظر اليه على انه من اقرب القيادات الى رئيس الحزب الاتحادي ، وكان هجو من ابرز القيادات التي رافقت الميرغني ابان مواجهته للحكومة فى الخرطوم عبر التجمع الوطني المعارض، كما انه مثل الحزب فى المفاوضات التي تمت بين التجمع والحكومة وانتهت بتوقيع اتفاق القاهرة الذي طالب رئيس التجمع اكثر من مرة المؤتمر الوطني بتنفيذه. وخرج التوم هجو عن الحزب الاتحادي قبل اعوام،ثم عاد اليه في اثناء الانتخابات العامة الاخيرة ، ليترشح باسم الاتحادي الاصل في منصب الوالي بولاية سنار. ولتدفع خسارة هجو للانتخابات بمالك عقار لتعيينه مستشاراً له. ولان هجوم قيادات من الحزب الاتحادي الاصل على الحكومة وحزبها لم يعد بالامر الجديد او المستغرب، خاصة بعد تعثر عملية الحوار التي انطلقت بين الطرفين في الاسابيع الماضية، وتوقفت بحسب مصادر فى الاتحادي بسبب عدم جدية الوطني في (احداث تحول ديمقراطي حقيقي فى البلاد) بعد انفصال الجنوب.لذا فان ما اثارعاصفة التساؤلات بحسب ما يرى مراقبون،هو اقدام عضو المكتب السياسي للاصل على اعلان موقف الحزب من الانتخابات في جنوب كردفان على نحو مفاجيء للجميع، دون ان يسبق ذلك اي اشارات من قيادة الحزب فى الخرطوم،و التي لم تنفِ صحة ما اعلنه التوم هجو او تؤكده حتى ساعة كتابة هذه السطور. وبالرغم عن مساعي الصحافيين لاستقصاء موقف الحزب ورئيسه من ما اعلنه هجو فان قيادات مختلفة ومتعددة المستويات في اجهزة الحزب، رفضت التعليق على الامر، ونصحت بالتوجه الى مكتب رئيس الحزب،في اشارة واضحة الى انها لا تعلم عن الامر شيئا. الا ان القيادي بالاتحادي د. ابو الحسن فرح قد قال «للصحافة»:(ان من اقرب القيادات الى السيد محمد عثمان الميرغني، ورغم عن ذلك فان لا علم باتخاذ رئيس الحزب لمثل هذا القرار)، وزاد:( من يقول لا اعلم فقد افتى)!. ورغم ذلك فقد ابدى ابو الحسن استياءه من ردود الفعل المتواترة عن تصريحات هجو ،وتساءل فرح في حديثه معنا بالأمس: «لماذا تطالبون السيد محمد عثمان الميرغني بتكذيب او تصديق امر ترك حرية اختياره لاهل جنوب كردفان، وذلك عبر قرار صادر عن مؤسسات الحزب قبل فترة ليست بالقصيرة.» ولم ير القيادي الاتحادي فى هذه التصريحات ما يستدعي توضيحا من مؤسسات الحزب، نافيا امكانية حدوث اي تأثيرات لهذه التصريحات على توجهات الكتلة الاتحادية المصوتة بالانتخابات في جنوب كردفان،و ذلك بحسب فرح يعود الى ان جماهير الحزب بالولاية( يعلمون بأنهم وقياداتهم المحلية المعنيون باختيار من يدعمون في هذه الانتخابات). وثمن ابو الحسن مواقف القيادي المصرح التوم هجو ووصفها بالنضالية،ذلك طوال اكثر من 20 عاما قضاها هجو في العمل بتجرد بالقرب من رئيس الحزب، الا انه اشار الى ان مؤسسات الحزب قد تركت امر الانتخابات التكميلية في الولاية لاهل المنطقة لاختيار من يحقق لهم مصالحهم بالتعاون والتشاورمع القوى السياسية المختلفة.وعاد القيادي الاتحادي ليقلل من هذه التصريحات ويقول :«هل يعني صدور هذا الكلام في ليلة سياسية انو القيامة قامت». لافتا الى ان التوم هجو عضو فى الحزب وسيحاسبه الحزب في مؤسساته الحزبية ان كان قد اخطأ او حمل رئيس الحزب ما لم يقل به،وشجب ما اسماها محاولات جرجرة الحزب الى معالجة قضاياه على صفحات الجرائد.وقطع مستشار رئيس الاتحادي ابو الحسن فرح بعدم وجود مبررات تدفع لصدور توضيح من مكتب الرئيس،لازالة اللبس الذي سببته هذه التصريحات، وقال ان صدور مثل هذا التوضيح سيفهم على انه( دعم من الحزب للمرشح المنافس للحلو) وهذا كما يضيف فرح( آخر ما يريده الحزب الآن)،اذ ان الاتحادي الأصل قد ترك منذ البداية حرية اختيار المرشح المناسب فى انتحابات جنوب كردفان، للحزب الاتحادي في الولاية وجماهير الاتحاديين هناك. وحديث ابو الحسن فرح عن ترك الحزب لقرار اختيار المرشح الذي يدعمه في اشرس انتخابات ولائية تتم بالبلاد، لا يبدو مقنعا حتى لقيادات( من العيار الثقيل) داخل الاتحادي بعظمه، اذ قالت قيادات فضلت حجب هويتها بالامس ل «الصحافة» ،ان التوم هجو لم يكن ليستطيع ان يعلن ما اعلنه ان لم يحصل على تكليف واضح ومباركة من الميرغني،غير ان هذه القيادات اشارت الى تأثيرما قالت انه علاقة خاصة تربط عضو المكتب السياسي للحزب هجو مع رئيس الحركة الشعبية بالشمال مالك عقار. محملة هذه العلاقة مسؤولية مارأت فيه جر للحزب الى اتخاذ قرارات بصورة فجائية وعشوائية، وإن كانت صحيحة. وفي ذات الاثناء ابدت فعاليات سياسية بالخرطوم، دهشتها من خطوة الاتحادي الداعمة للشعبية في جنوب كردفان،ذلك لانها تمت في وقت تشهد الساحة السياسية فيه عملية تقارب واضحة بينه والحزب الحاكم، يتوقع لها كما يرجحون ان تسفر عن مشاركة قوية لحزب السيد الميرغني في الحكومة المقبلة. واشار الناشط السياسي وائل عمر عابدين «للصحافة» بالامس، الى صعوبة التكهن بموقف الحزب الاتحادي او حتى رئيسه على وجه التحديد، من العملية الانتخابية التي تنتظم الآن جنوب كردفان،ذلك في ظل حالة السيولة التي تعاني منها المؤسسات الحزبية فى الأصل. ورأى وائل عابدين ان اعلان التوم هجو ربما يكون لا يعبر الا عن موقفه الشخصي،لكنه ايضا قد يكون معبرا عن مواقف خاصة بالميرغني، ومضى وائل ليضيف :لا استبعد في مثل هذه الحالة من اللامؤسسية التي تظلل الحزب منذ انتخابات ابريل، ان تخرج قيادات اخرى من الاتحادي لتؤيد مرشح المؤتمر الوطني احمد هارون، او حتى تدفع مجموعة اتحادية ثالثة بدعم ترشيح اللواء المسجون تلفون كوكو.