لم يتعد اختفاء القيادي الاتحادي التوم هجو الاسبوع قط، فقد ظهر الرجل بصورة درامية فى الكرمك، ليخاطب الصحافيين فى مؤتمر صحفي والفريق عقار يحلس بجواره. وكانت أسرة التوم قد ابلغت عن اختفائه بعد يوم من تفجر احداث النيل الازرق، مبدية خشية واضحة على حياته فى ظل اجواء التسخين التي غلبت الايام الماضية، وهو الامر الذي حدا بالحزب الاتحادي الى ان يعلن عن قلقه على مصير القيادي الشاب فى بيان اثارت لغته مزيدا من القلق على مستشار عقار للشئون الدينية وابن الاتحادي الأصل. ولايام خلت انطلقت تكهنات عديدة حول مصير هجو، وثارت اقاويل عن مكان تواجده. عمل هجو مستشارا لوالي النيل الازرق بعد ان انتزع موافقة رئيس الحزب الاتحادي السيد الميرغني، واثار وجوده فى حكومة تضم قيادات الحركة الشعبية جدلا حول حقيقة انتمائه الفكري، بخاصة وان القيادي الاتحادي مضى فى دعم الحركة الشعبية فى معاركها الانتخابية فى مدن وبلدات جنوب كردفان، حيث جاب التوم قواعد الاتحاديين هناك حاثا اياهم على ترشيح الجنرال الاخر عبدالعزيز الحلو، واعلن الرجل فى جنوب كردفان ان الميرغني يدعم مرشح الشعبية، وهو الاعلان الذي اقام الدنيا ولم يقعدها ،لان الميرغني او ايا من متحدثيه لم يجرؤ على تكذيب هجو. بيد ان القيادات الاتحادية التي اتصلت بها الصحف لتبيان حقيقة موقف الميرغني لاذت بالصمت، وهو الامر الذي عده المراقبون تأكيدا لصحة الاعلان، واظهارا لنفوذ التوم هجو فى الحزب. ومكنت علاقات التوم المتميزه مع قيادات الشعبية الحزب الاتحادي من الحفاظ على خيط رفيع من التواصل مع الحركة، على ضوء توتر العلاقة بين الشريكين السابقين فى التجمع الوطني بسبب عدم تقبل مولانا الميرغني لمسار الاحداث داخل الحركة وعلى صعيد تطبيق الاتفاق، بعد وفاة د. جون قرنق. غير ان علاقة هجو المتميزة بالميرغني اتاحت له مساحات تحرك واسعة باسم الأصل، فقد دعم هجو انشقاق محموعة صديق الهندي عن الدقير، وامن حتى على طرح المجموعة الداعي الى عقد مؤتمر عام ينعقد في أكتوبر المقبل بمشاركة كل الفصائل الاتحادية،قام هجو بذلك من على منصة مؤتمر صحفي دون ان يرمش له جفن، رغم ان الحديث من اي قيادي اخر عن ضرورة عقد مؤتمر عام للاتحادي يقود لاصطدام مع قيادة الحزب ذي نتائج غير مأمونة. وعرف هجو بشدة خصومته مع الانقاذ،وعمل مع الميرغني ضمن فريق العمل بالخارج، وهو الفريق الذي مثل الاتحادي فى التجمع الوطني المعارض. وشغل هجو مركزا اساسيا فى لجان الحوار مع الوطني الذي افضى الى توقيع اتفاق القاهرة. بيد ان الرجل نفض يديه عن الاتفاق وسافر الى امريكا فور تلكؤ الخرطوم فى الجلوس مع اللجنة السياسية الخماسية والتي قادها مع فاروق ابوعيسى للنظر فى التنفيذ. وتعود اصول الرجل الى قرية انشأها اجداده من اليعقوباب تدعي على « العمارة هجو» وتقع في غرب سنار. وقد كانت القرية مسرحا لاخر مواجهة قادها الرجل، ضد الخرطوم، فقد قام بطرد نائب والي الولاية الذي حضرللمشاركة فى مهرجان تخريج طلاب القرآن بالخلوة وسط تهليل مواطنيها. وخاطب هجو اهالي القرية قائلا:» ان ساعة الخلاص قد حانت ويجب ان نترك الخوف ونصطف من اجل الوطن».ورغم ان هجو فضل مغادرة الخرطوم والتوجه الى القاهرة قبل ان يلحق بالفريق عقار فى الكرمك ، فان ما اعلنه فى مؤتمره الصحفي بالامس يؤكد عدم تأييده لاختيار الاطراف المختلفة خيار الحرب لحسم قضاياهم العالقة، فقد وجه هجو رسالة للقوى السياسية والسودانيين بان لا يسمحوا للمؤتمر الوطني، بان يجعل الصراع جهوياً في السودان وان يقفوا موقفاً وطنياً وقوميا حتي لا تكون الحرب عرقية. وماسبق يشابه موقفا مماثلا للرجل عند اندلاع الحرب فى جنوب كردفان فقد قال ان الحسم العسكري غير وارد، وان على الطرفين التحلي بالإرادة السياسية اللازمة لوضع حد لأوزارها والجلوس على مائدة التفاوض والتواثق على ترتيبات أمنية جديدة كان بالإمكان الاتفاق عليها في السابق وتدارك ما حدث. يقول هجو: إذا لم يتدارك الشريكان والقوى السياسية الأزمة في وضعها الراهن فإنهم سيضطرون إلى التفاوض حولها بعد وصولها لمراحل معقدة ودفع كلفة باهظة لحسمها. اذن مواقف الرجل من اتخاذ خيار الحرب واضحة. ويرجح مراقبون ان تاريخ السيد هجو مع العمل العسكري له دور فى ذلك، فقد خاض التوم فى محاولات متعدده لاسقاط انظمة الخرطوم. وشارك القيادي الاتحادي بفاعلية فى الجبهة الوطنية التي نشطت من ليبيا لاسقاط الرئيس الراحل نميري تحت قيادة الشريف الهندي، وعمل بعد الانتفاضة فى اروقة الحزب حتى خروجه مع قيادات الاتحادي بعد يونيو 1989م. وينظر مراقبون الى وجوده ضمن طاقم عقار باعتباره اضافة قد تفضي الى اتباع الفريق مالك الى الخيارات السلمية، وعلى رأسها الحوار، علاوة على اصباغ الطابع السياسي القومي على جوهر الصراع بين الخرطوم والرجل فى جبال الانقسنا.