يبدو ان العزم الحكومي على اجراء الاستفتاء على الوضع الاداري لدارفور الذي اقرته اتفاقية ابوجا في مايو 2006م، لا يوجد ما يثنيه. فقد بدأت الآن تدفع بقوة باتجاه اجرائه على وضع الاقليم، بعد ان سئمت من تباطؤ التفاوض في منبر الدوحة الذي بات يراوح مكانه، وهو الامر الذي تقول الحكومة انه يبرر عودتها سريعاً لبنود اتفاقية ابوجا، وتنفيذها في اطار استراتيجيتها التي طرحتها للسلام من الداخل التي يمضي تنفيذها قدما في دارفور، خاصة وان وضع الاقليم الواحد او المحافظة على الوضع الحالي قد اخذ وقتاً طويلا في غرف التفاوض ولم يتم حسمه بعد، لتجد الحكومة التي تريد قطع الطريق على الحركات المسلحة وخاصة بعد ان وقعت حركتا تحرير السودان مني اركو مناوي وعبد الواحد محمد نور، على اتفاق للتحالف تؤكدان عبره العمل المشترك بالاقليم لتحقيق أمن المواطن والشأن الإنساني، وتنسيق الجهود السياسية والعسكرية لإسقاط حكومة المؤتمر الوطني، وإعادة بناء السودان على أساس ديمقراطي ليبرالي حقيقي. واكدت الحركتان في بيان مشترك صدر أمس ممهوراً بتوقيع مناوي وعبد الواحد، أن الأزمة السودانية أزمة شاملة ولها جذورها التاريخية ولا يمكن حل أزمة دارفور إلا في إطار الأزمة السودانية الشاملة، لذلك رأت الحكومة ان اجراء الاستفتاء يضع حدا للمساومة على وضع الاقليم ويقطع الطريق امام الحركات المسلحة، وقررت تنفيذ اتفاقية ابوجا التي اقرت باجراء استفتاء على وضع الاقليم بمشاركة كل اهل دارفور لتحديد وضعه، بخياري الابقاء على الوضع الحالي او العودة لنظام الاقليم الواحد. ولقد بدأت اول من أمس عمليات نشر السجل الانتخابي السابق بجميع محليات ولاية شمال دارفور وذلك بغرض تحديثه، بالاضافة او الحذف تمهيدا للوصول الى سجل إنتخابي متكامل، يحق من خلاله للناخب الاقتراع في الاستفتاء الاداري لدارفور المزمع إجراؤه يومي السابع والثامن والعشرين من شهر يونيو القادم، وبحسب رئيس اللجنة العليا للانتخابات بالولاية، السر احمد المك، فان عمليات نشر السجل الانتخابي التي تجىء انفاذا للجدول الزمني للاستفتاء، الذي بدأ، بصورة طيبة وعبر 600 مركز للنشر موزعة على الدوائر الجغرافية الانتخابية بالولاية البالغ عددها 29، تتم إدارتها بواسطة 68 لجنة إدارية. واوضح المك أن عملية النشر ستستمر حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، مضيفا ان السجل سيخضع لكافة الجوانب القانونية المنصوص عليها والتي تتمثل في تقديم وقبول الاعتراضات والطعون للجان الإدارية والمحاكم المختصة، وصولا للسجل المتكامل الذي يمكن من إجراء الاستفتاء. ورحبت قيادات سياسية محلية بالخطوات الحكومية بهذا الصدد، فقد اعلن القيادي الدارفوري البارز بقبيلة الرزيقات، وعضو المؤتمر الوطني حسين عقيل احمد عقيل عبر « الصحافة « بالامس، ترحيبهم باتجاه الحكومة للإعلان عن اضافة ولايتين جديدتين لاقليم دارفور، ولكنه طالب بان لا تتكرر الوجوه المقدمة لانه يجب تحديثها مع تحديث الولايات بفتح فرص للقيادات الشباب والمتعلمين والمستنيرين الذين تتوافر لديهم الامانة والقدرة على العطاء من ابناء الاقليم، واضاف ان الاقليم به عدد من الشخصيات المؤهلة وذات الكفاءة العالية والقدرة على العمل في القطاع العام، داعيا الى ضرورة اختيار قادة المرحلة المقبلة بتوافر المقدرة العلمية على قيادة العمل، ومطالبا قيادة الدولة بضرورة اختيار الولاة والتنفيذيين للمرحلة المقبلة وفقاً لتمثيلهم بالمناطق المختلفة، وضرورة عدم تكرار الأسماء والشخصيات المجربة من قبل، واردف قائلا ان الوجوه القديمة «اخذوا دورتهم والناس جربوهم « مشيرا الى ان زيادة الاقاليم تزيد من المشاركة في السلطة وتساعد في تقديم الخدمات الضرورية لمواطني الاقليم بجانب حفظ الامن والاستقرار بالاقليم وشدد على ضرورة توفير فرص أكبر لتشغيل الشباب بدارفور، وقال ان تشغيل الشباب سيؤدي لإضعاف وجودهم في الحركات المسلحة ويسهم في تحقيق السلام بدارفور وتجفيف الحركات المسلحة وتقليل العنف والصراعات بالاقليم ويساهم في دفع عملية السلام واستتباب الامن بالاقليم، وناشد عقيل الجهات المسؤولة ترسيم الحدود وضبط الحواكير بين القبائل تفاديا للاحتكاكات وخلق حالة من «شتات القبائل»، داعيا الى تقوية الاواصر وربط المجتع الدارفوري واستدامة الامن والاستقرار بالاقليم، ودعا الى ضرورة نبذ الخلافات والعمل على ربط مكونات المجتمع الدارفوري ورفض اسباب الفرقة والشتات، وقال: إن «شتات القبائل سيؤدي لضعف اقليم دارفور». ومن جانبة اكد رئيس حزب الامة الاصلاح والتنمية بولاية شمال دارفور محمود حسن محمود ل» الصحافة « وقوف حزبه مع قيام استفتاء دارفور وزيادة عدد الولاياتبالاقليم، وقال ان دارفور كانت في السابق اقليما واحدا ولكنها لم تحرز اي تقدم، واضاف ان قيام الاستفتاء يساعد في دفع جهود السلام لحل ازمة دارفور وزيادة عدد الولايات يعمل علي توسيع المشاركة في السلطة ويقصر الظل الاداري وتساءل كل السودان ولايات فلماذا تكون دارفور اقليما واحدا؟ واضاف ان زيادة عدد الولايات الانسب لدارفور لانها ذات قبائل متعددة وهذا يساعد على عدم احتكار السلطة في قبيلة واحدة. وقال ان الاستفتاء هو قرار اهل دارفور في اختيار الولايات او الاقليم الواحد ويجب الاحتكام لهم واحترام خيارهم. وقطع محمود بان اتفاق مناوي وعبد الواحد الاخير لن يؤثر على قيام الاستفتاء وعملية السلام في الاقليم، وقال ان مناوي عاد الى التمرد لمنع قيام الاستفتاء في دارفور، واتهم زعيمي الحركات المسلحة « عبد الواحد ومناوي «بالفشل في اقناع دارفور للوقوف مع اجندة الحركة» وقال: إن اسرائيل تقف وراء اتفاقهما للوقوف عقبة في طريق قيام الاستفتاء، لان اسرائيل قالت انها لايمكن ان تترك اقليم دارفور الغني بالثروات لحكومة غير موالية لها.