مجريات الحياة وتعالي وتيرة مسيرتها اللاهثة وضغوط الاستجابة لمطلوباتها المتجددة يوما إثر آخر تجعل المرء يبحث عما يخفف عن نفسه كم الضغوط والهموم التي تنتاش جيوشها عقل ولب الغالبية العظمى من المواطنين، فهذه الوضعية تقتضي بالضرورة بمكان وتحدو بالإنسان البحث عن مخففات لأزماته ولو من باب المسكنات لا المعالجات وخير ما يمكن أن يلجأ إليه عند المحن الخضرة والماء والوجه الحسن، فبلادنا ولله الحمد والمنة قد أسبغ عليها المولى كل هذه المحسنات ومزيلات الحزن ويكفينا جريان النيل من أقصى الجنوب إلى أدنى الشمال ورحم الله إدريس جماع حينما صدح بقوله (النيل من نشوة الصهباء سلسله وساكنو النيل سمار وندمان) وعن الخضرة حسبنا مليون ميل مربع قعد في قلوبنا واتربع جلها صالحة للزراعة والاستزراع أما عن الوجه الحسن فرحم الله الشاعر الجميل الراحل ابو آمنة حامد عندما نظم (بنحب من بلدنا ما من برة البلد سودانية تهوى عاشق ود بلد في عيونا المفاتن شي ما ليهو حد) فطالما أن كل هذه العناصر متوفرة لدينا فلنجهد أنفسنا قليلا ولنعمل على نشر الخضرة في كل مكان ولتكن أفئدتنا ونفسونا أولى تلك البقاع ومن ثم بسطها على أرض الواقع في المنازل والشوارع والميادين حتى تتسرب البهجة إلى نفوسنا ونتسامى على الواقع الضاغط الكئيب عبر مذهبات الحزن وكم جميل مساعي هيئة ترقية السلوك الحضري وما ابتدرته من جهود غير منكورة في بعض شوارع العاصمة غير أن الصورة تبقى منقوصة إن لم تصاحب اجتهاداتها وجهودها نفرة ذاتية جماعية باعثها حب الجمال وزرع الخضرة في كل مكان حتى تكون الخرطوم وسائر المدن والفرقان تنضح خصرة وتفوح جمالا ونضارا، فقط على هيئة المياه في الخرطوم وبقية أرجاء البلاد شحذ الهمة وتوفير الإمداد المائي للإنسان أولا ومن بعد ذلك يمكن توجيه الحنفيات إلى حيضان الزهور وميادين مغطيات التربة ولنتذكر أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان وإن تم ذلك فسوف يتغنى كثيرون مرددين رائعة العندليب الأسمر زيدان (وسط الزهور متصور وجهو الصبوح ومنور عفة وجمال كاسيهو زي القمر متدور)، وعلى ذكر هيئة المياه أرجو ألا تكون دعوتنا لنشر والخضرة والجمال مدعاة لإسراج خيول خيالها طلبا للمزيد من غلة تحصيلاتها .