ارتبط الشارع الواصل بين الخرطوم ومدني في مخيلة الجميع بكثرة الحوادث المرورية حتى عرف عند العامة بشارع الموت، فما أن تذكر لأحد سفرك عبره إلا وتبادر إلى ذهنه صور قاتمة عن المصير المجهول الذي ينتظرك حتى ولو من باب المداعبة ،رغم حيويته ودوره الرائد في ربط الميناء بالعاصمة وسائر أرجاء البلاد قبل أن تتمد الطرق في ربوع سوداننا فبعيدا عن سحب الحوادث حالكة السواد وصور رجال المرور وصافرات الاسعاف التي أنستنا أن الشارع يزخر بصور للحياة والاخضرار لا تخطئها عين المارة، لا سيما على جانبي الأزرق الدافق الذي يتبعه الشارع في الضفة الغربية. وتزداد الصورة جمالا وبهاءا خصوصا في موسم الشوق الحلو (الخريف) الذي يرتبط عند اهل البقاع التي يشقها بكل ماهو جميل وكانما الشارع يريد ان يبعث بالرسالة الخالدة ثنائية الموت والحياة حيث تكسو الخضرة جانبي الطريق مما جعل الكثير من الذين يمتطون السيارات يتجاوزون الأفلام التي تعرض على متن البصات السياحية ويكتفون بجمال المناظر الطبيعية من على النوافذ ويتبادلون عبارات الاعجاب والدهشة من سحر الطبيعة الاخاذ والسالب للالباب خصوصا في منطقة الحصاحيصا وعلى شاطئ الازرق عند جسر رفاعة، فانحناءة النيل تمنح اللحظة احساسا بالروعة والدهشة إذ عندها تتوفر كل مذهبات الحزن (الخضرة والماء والوجه الحسن) ليسرج كل مار صهوة جياد الخيال والتفكير بعيدا عن مآسي وفواجع الروايات التي تحكي عن الطريق . فتأملوا سادتي لو أنا أحلنا كل الأراضي على جانبي الشارع خضرة وجمالا، فعندها يقيني أن نسبة الحوادث ستنخفض ويلا نملأ شوارعنا وبيوتنا بالأشجار والأزهار .