برزت مشكلة أبيي للسطح للمرة الثالثة، ولكن هذه المرة بحضور اعضاء مجلس الامن بكامل عضويتهم. يوليو 7002 الزيارة الاولى لمجلس الامن للسودان تزامنت الزيارة مع نشر القوات الدولية في اقليم دارفور «يوناميد». يونيو 8002 الزيارة الثانية لمجلس الامن وكانت ايضاً عن دارفور والاوضاع في الجنوب والوقوف على احداث أبيي التي حدثت في مايو 8002م والتي راح ضحيتها ارواح كثيرة. وتم نزوح الاهالي منها وقد كادت ان تحرق أبيي بكاملها. يونيو 9002 الزيارة الثالثة لمجلس الامن ولكنها الاخطر في تقديري للاسباب الآتية: 1- ميقاتها وتصريح احد الاعضاء بان مجلس الامن سيزور السودان ولكنهم لا يرغبون في مقابلة رئيس الجمهورية لانه مطلوب للعدالة لدى المحكمة الجنائية الدولية بسبب ارتكابه جرائم ابادة باقليم دارفور. 2- هذا المجلس هو الذي حوّل ملف الرئيس بالقرار رقم 3951. 3- المجلس بنى زيارته لجوبا عبر يوغندا وليس الخرطوم عاصمة البلاد والجنوب حينها جزء من السودان وحاكمه نائب اول لرئيس الجمهورية. وهذه لها دلالات! يونيو 1102م الزيارة الرابعة وربما تكون الاخيرة وبرنامج المجلس زيارة جنوب كردفان ثم منطقة أبيي، وجنوب السودان الا ان الملاحظ في التصريحات ان المجلس لا يرغب في مقابلة السيد احمد هارون لانه مطلوب للعدالة لدي المحكمة الجنائية ومعه المواطن السوداني احمد كوشيب، ما حدا بالناطق الرسمي لوزارة الخارجية للرد على المجلس بان احمد هارون حاكم للولاية وانه قد انتخب في انتخابات ديمقراطية وشفافة. جاءت احداث أبيي في توقيت غير مناسب اولا تسارعت الاحداث الفجائية، الحركة الشعبية تنصب كمينا للجيش السوداني، تفقد القوات المسلحة 22 فرداً من قواتها وتفقد 571. الجيش السوداني يعلن ذلك ويؤكد انه يحتفظ بحقه في الرد ولكنه قد رد بالفعل وكال الكيل بمكيالين ببسط سيطرته على أبيي بالكامل والحق هزيمة نكراء بجيش الحركة. كل ذلك واعضاء المجلس يتابعون الاحداث. حساب الربح والخسارة: في حساب الربح والخسارة نرى ان الجيش قد رد كرامته التي قد امتهنت من قبل الحركة، وقد وجد هجوم الجيش ارتياحاً وسط القطاعات العسكرية وبعض المواطنين خاصة المسيرية الذين شاركوا القوات المسلحة بالفعل. مع انهم كانوا قد يئسوا من حكومة المؤتمر الوطني ومنهم من صرح بان تضحيات المسيرية قد ضاعت سدى.. وهم الذين كانوا يتقدمون الصفوف في حرب الحركة الشعبية. كما ان التحكيم كان ظالماً في تقديرهم الى ان جاء حديث الرئيس بالمجلد بان أبيي شمالية وستظل وبانهم على استعداد لخوض غمار الحرب وقال: «سنلبس الكاكي وستختفي الجلابية» فهل كان الرئيس لديه معلومات؟ ام تصريحات قادة الحركة بان أبيي ستكون ضمن دستور الجنوب باعتبارها جنوبية. وهل الحركة أقدمت الى هذا الكمين كطعم لتوريط حكومة الشمال؟ ماذا سيكون رد الحركة الشعبية؟ الادارة الاميركية: انتقدت الادارة الاميركية تصريحات الرئيس البشير بشأن أبيي وقال وكيل وزارة الخارجية جوني كارسون ان مثل هذه التعليقات ليست ذات فائدة على الاطلاق ولن تؤدي سوى لازكاء وتصعيد التطورات في السودان. معتبرا ان من المهم ان يواصل الرئيس البشير ورئيس جنوب السودان سلفا كير لقاءاتهما للتفاوض من أجل حل هذه المسائل بالسرعة الممكنة.. انتهى. كان رد الفعل من الحكومة سريعا حيث وصفت الانتقادات الاميركية بشأن أبيي بانها غير موفقة ولا تساعد في حل القضايا العالقة المتبقية من اتفاقية السلام الشامل، وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السفير خالد موسى: ان على الادارة الاميريكية ان تنتقد الخطوة التي قامت بها الحركة الشعبية بضم أبيي للجنوب من جانب احادي مدللاً بعدم حيادية الولاياتالمتحدة الاميريكية بدليل انها ادانت خطاب البشير! اذن اميركا حاضرة في الملف السوداني، ومهتمة بملف اتفاقية السلام وكذلك أبيي «الخازوق» الذي كان وراءه اميركا عبر السناتور جون دانفورث الذي اقترح على وفد الحكومة بان يفرد بروتوكول لأبيي فكان مقترح التحكيم الدولي بلاهاى الورطة. كل هذا الحراك وهذه التصريحات والتصريحات المضادة كانت قبل التطورات الاخيرة. ردود الافعال: جاءت ردود الافعال بسرعة الحدث، اولها كانت من الادارة الاميركية. 1- الادارة الاميركية تطلب من السلطات السودانية سحب قواتها. 2- مجلس الامن يطالب بخروج الجيش فوراً. 3- الخارجية الاميريكية تطلب الانسحاب وعودة الادارة المدنية. 4- المبعوث الخاص الاميركي للسودان ادنّا هجوم الحركة للجيش السوداني وندين احتلال أبيي. 5- الاممالمتحدة تدين الاعتداء وتدعو الجيش للانسحاب. ٭ الجامعة العربية والدول الافريقية ومنظماتها لاذوا بالصمت. ٭ الشارع السوداني بالعاصمة لا وجود لمعارض او مساند الا عبر الصحف السياسية التي اهتمت بالخبر وكذلك اختلاف كتاب الرأي. معارض، ومساند، ومشفق. ٭ قيادات المؤتمر الوطني، ظهرت بعض قيادات المؤتمر الوطني بحماس دافق ومنهم من ذكرنا بايام الجهاد واعراس الشهداء مع اننا لم نرهم ايام الجهاد لا في الجنوب ولا في النيل الازرق او شرق السودان. تلك ايام قد خلت نسأل الله الا تعود، فنحن مع السلام ثم السلام ونبذ العنف ومبدأ الحوار وكفانا. فقد حزنا لفقدان الشباب سابقا وكذلك ابناء القوات المسلحة فانهم من صلب هذا الشعب. ٭ إن الموقف يستدعي ضبط النفس وعدم صب الزيت في النار مع الحكمة وان التصريحات النارية تترك لاصحابها اهل الوجعة القوات المسلحة خاصة في هذا الظرف والقوات على الارض والاصبع على الزناد كما يقولون. فالحديث لناس الصوارمي وليس الملكية. القوات المسلحة: القوات المسلحة ردت على الاعتداء بالزيادة وحفظت كرامة افرادها الذين غدر بهم وهذا حقها فهي التي تحسب الموقف بمهنيتها الفنية فكان تصريحها موفقا في تقديري. اذ قالت لن ينسحب الجيش الا وفق ترتيبات والترتيبات هي حق السياسيين والقادة، مفاوضات وحوار ثم اتفاق بمقتضاه تخرج القوات المسلحة. لكن خطورة الامر تكمن في تدويل هذه القضية التي في الظاهر قد تبنتها الادارة الاميركية تلك التصريحات السابقة قبل دخول القوات المسلحة لأبيي وبعدها كانت حادة وقد تعقد المسألة. إن الحل يكمن في جلوس المسيرية ودينكا نقوك فهم اصحاب القضية وقد استمعت للاخ وزير الدفاع في برنامج تلفزيوني بقناة النيل الازرق قال: لقد قلت للاخوة في الجيش الشعبي كقادة نخرج تماماً نحن كعسكر ونترك المسألة برمتها للسياسيين وهذا عين الحق والحقيقة فهؤلاء القوم كانوا يجلسون في كل القضايا كبيرة كانت او صغيرة وبصبر وحكمة تحل المشاكل بينهم وكانوا يحترمون بعضهم البعض وحدثت مصاهرات بينهم بل يتوغل المسيرية بابقارهم حتى بحر العرب دون ان يفقد احدهم كلباً وليس بقرة اي سلام هذا واي تعايش هذا. الحل: في خاتمة المطاف ان «خازوق» نيفاشا الذي اقترحه السناتور دانفورث بالتحكيم الدولي هو الذي وقع عليه المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وذهب وفد المسيرية ووفد الحركة الشعبية الى لاهاى. وصار هذا التحكيم ملزما رغم عيوبه التي ابداها عضو لجنة التحكيم القانوني الاردني. ان الذين وقعوا على خروج أبيي الى بروتوكول خاص بها هم المسؤولون اولا واخيراً ولا تدفن الرؤوس في الرمال. ان المجتمع الدولي الذي كان شاهداً على التحكيم سيلزم حكومة الشمال كما رأينا لان تدخل مجلس الامن والاممالمتحدة واميركا واروبا كلها تطالب الجيش بالانسحاب لماذا؟ لانهم على علم تام بقرار لجنة التحكيم اذن سنعود مرة اخرى الى مقررات لجنة التحكيم علينا دراستها مرة اخرى والا سنواجه المجتمع الدولي الذي يطالبنا الآن بالخروج من أبيي ويطالبنا بحل واحلال السلام بدارفور ويطالبنا بالتحول الديمقراطي ويطالبنا بالتعامل مع المحكمة الجنائية نحن في حاجة الى وفاق وطني واجماع وطني ووحدة الجبهة الداخلية الشمالية بقواسمها المشتركة الكثيرة والمتعددة. ان الوطن في خطر. فهل من مجيب.