تناول السفير البريطاني بالخرطوم المستر نيكولاس كاي أحداث أبيي الأخيرة في مقاله المنشور بجريدة «الصحافة» يوم السبت الموافق 25/5/2011م، تحت عنوان «نقطة الغليان» الإدانة الدولية للحكومة السودانية التي استخدمت القوة العسكرية لما سمَّاه «احتلال أبيي»، مشيراً للإدانة القوية من جانب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ ومجلس الأمن الدولي على حد سواء الذي تصادف وصول أعضائه إلى الخرطوم مع وقوع الأحداث، حيث تحدث الكل بصوت واحد عن ضرورة سحب جميع القوات واحترام اتفاق السلام الشامل والاتفاقيات اللاحقة له. وسحب القوات المعني به القوات المسلحة، فقد تعود مجلس الأمن على الانتقائية والكيل بمكاييل عدة، ومحاكمة ردود الفعل، وتناسي الفعل الإجرامي المنتهك للمواثيق الدولية، من خلال ذرف دموع التماسيح على الضحايا المدنيين من الجانبين على النحو الذي استهل به سعادة السفير البريطاني مقاله موضحاً فقد اثنين على الأقل من موظفي سفارته السودانيين لأقاربهما في القتال الذي نشب أخيراً في أبيي، أحدهما تعود جذوره إلي الجنوب بينما الثاني من الشمال. وحقاً لم يكن المجتمع السوداني غريباً على الخسائر والمعاناة منذ أن وطئت أقدام المحتل البريطاني أرضه، فستظل كرري وأم دبيكرات والشكابة شاهدة على أبشع جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي لم تحظ بالتوثيق المصور عبر الأقمار الاصطناعية كما يوثق مشروع «سنتينل» الذي يموله الممثل الأميركي جورج كلوني لمراقبة أعمال العنف بعد الاستفتاء حول انفصال جنوب السودان، بينما تمر مجازر الاحتلال الصهيوني في غزةوجنوب لبنان مرور الكرام، مثلما غض المجتمع الدولي الطرف عن جرائم الحرب في أفغانستان، وتناسى الغزو الإنجلوسكسوني للعراق دون غطاء من مجلس الأمن الدولي رغم تهديده للأمن والسلم الدوليين!! ولم يسع الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لإحالة مجرمي الحرب توني بلير وجورج دبليو بوش إلى محكمة الجنايات الدولية لأن «الموية ما بتطلع العالي»!! أما إن تصدت الحكومة السودانية إلى حركات التمرد المسلحة في دارفور أو أبيي، فذلك يستوجب الإدانة الدولية السريعة لتهديده للسلم العالمي!! فللجنوبيين الحق في تقرير مصيرهم وليس للشماليين الحق في ذلك، حتى صار قرار استمرار بعثة المنظمة الدولية بالسودان «يونميس» من عدمه في يد مجلس الأمن الدولي وليس في يد الحكومة السودانية، بحسب تصريح المتحدثة باسم الأممالمتحدة هوا جيانغ أخيراً، بأن قرار الرحيل أو البقاء متروك لمجلس الأمن. وأمام وضع الشمال تحت الانتداب والوصاية الغربية، كان لا بد للسودانيين من رفض ومقاومة كافة أشكال الهيمنة الدولية، والوقوف بصلابة مع السيادة الوطنية التي عبر عنها الأستاذ خالد موسى المتحدث باسم الخارجية بقوله: «على قوات الأممالمتحدة الاستعداد لحزم أمتعتها قبل نهاية الفترة الانتقالية في التاسع من يوليو القادم»، فقد بين الاعتداء على القوات المشتركة والبعثة الدولية عجز قوات «اليونميس» عن حماية نفسها فضلاً عن حفظ الأمن حول مستودعات الإغاثة الأممية التي تعرضت للسرقة في أبيي أخيراً، مما يدل على تقاعس القوات الأممية عن حفظ الأمن والسلم، فما الحاجة للقبعات الزرقاء التي تبين أنها مجرد شاهد زور في الفصل بين المتنازعين..!!