أكد عدد من الخبراء والاقتصاديين ان مسألة الضرائب تعتبر من المسائل المهمة التى يجب مناقشتها بصورة واضحة المعالم، خاصة أن الفترة المقبلة ستفقد فيها البلاد موردا مهما وهو النفط الذى يشكل اكثر من 50% من ايرادات الموازنة العامة للدولة، مشيرين الى ضرورة الانتباه لذلك، والعمل على توسيع دائرة الضرائب عقب الشكاوى المتكررة من بعض الشركات التى تؤكد أن حوالى 90% من الشركات الحكومية تظل تتهرب من دفع الضرائب، مما يؤثر ويرهق كاهل الاخريات، خاصة أن ميزانية الدولة سوف تتأثر خلال السنوات الاولى بعد اقرار الانفصال، ويصبح المورد الضريبى هو الاهم خلال تلك الفترة. ودعا الدكتور محمد الناير الى ضرورة تشديد الرقابة على الشركات العاملة فى البلاد، وتكثيف الوعى الضريبى، وتوسيع المظلة بالوصول الى بعضها، وتسهيل المهمة فى تحصيل الضريبة، مع الاهتمام بالموظفين بديوان الضرائب وتقديم الحوافز التشجيعية لهم من أجل توصيل الفهم الى العامة بصورة كبيرة تسهم فى رفد الخزينة العامة. وترى الادارة العامة لديوان الضرائب أن الايرادات الضريبية للعام المنصرم بلغت «106%»، وأن «96.5» مليون جنيه منها جاءت من ضرائب غير مباشرة، فيما بلغت الايرادات المحلية «114» مليون جنيه، فى وقت ساهم فيه القطاع الخدمي بإيرادات ضريبية بلغت «42%» لشموله على قطاع الاتصالات، بينما شكلت ايرادات الضرائب على البترول 23% التي يأتي الجزء الاكبر منها من خدمات توزيع النفط. وبهذه الكيفية فإن تأثير خروج نسبة من النفط جراء انفصال الجنوب المتوقع لن يكون ذا أثر كبير، كما يعتبر القطاع الصناعي من أضعف القطاعات مساهمة في الايرادات الضريبية، إذ بلغت «18%»، ويعزى ذلك لجملة اسباب، أولها أن ضريبة الارباح 10% فقط، كما أن معظم الممولين بهذا القطاع لا يلتزمون بضرائبهم، مما افرز فاقداً من التهرب كبيراً، كما ان مساهمة قطاع البنوك بلغت «6%»، مع الاشارة الى أن البنوك ليست عليها قيمة مضافة، وبلغت مساهمة القطاع التجاري «11%»، والايرادات غير الضريبية كانت بنسبة 52%، بجانب مساهمة الايرادات الضريبية ب«30%» من جملة إيرادات الدولة مقارنة ب «25%» لعام 2009م. وبلغت مساهمة الضرائب فى ميزانية ولاية الخرطوم «260» مليون جنيه، بينما الرسوم المحلية «300» مليون جنيه، فى وقت بلغ فيه الصرف على المرتبات فقط «540» مليون جنيه. وأشار الدكتور محمد يوسف وزير المالية بولاية الخرطوم إلى أن تقليدية تحصيل الضرائب والرسوم ونوعية الضريبة تجعلهما يتحملان الى الآن حوالى 10:5 من نسبة السكان، داعياً الى التفكير في استحداث آليات حديثة لتحصيل الضريبة، مع تخفيض العبء الضريبي على الناس، مضيفاً أنه لا بد للمواطن من الاحساس بوجود رابط بينه والضريبة وما يقدم من خدمات. ووفقا للمسح الذى قام به اتحاد اصحاب العمل، فقد تم حصر 350 الف نشاط اقتصادى بالولاية، فى وقت بلغت فيه الملفات الضريبة بالولاية 37 الفاً من دافعى ضريبة ارباح الاعمال، وبسبب ضعف رأس المال تم استبعاد 135 الف نشاط ليصبح العدد 220 الف مكلف بدفع الضريبة. وقال على حامد رئيس اتحاد اصحاب العمل بولاية الخرطوم، إن ديوان الضرائب رفض المسح الذى قام به اصحاب العمل بالتنسيق مع وزارة المالية بالخرطوم، وقال إن المسح عمل على توفير زيادة بلغت 180 الف دافع جديد للضرائب، وارتفعت الايرادات الضريبية من 26 مليون جنيه الى 37 مليون جنيه الى ان وصلت حاليا الى 50 مليون جنيه. ويرى بعض الاقتصاديين ضرورة المحافظة على المال العام، خاصة ان التحصيل الضريبى يعتبر من اهم ركائز الدولة فى المرحلة المقبلة، ودعوا الى اهمية ضبط ظاهرة التهرب والتفلت الضريبى. ويقول الفاتح احمد عبد الرحمن عضو اتحاد اصحاب العمل إن عدد المساهمين فى سداد الضرائب المحلية تضاعف من 14 الفا الى 42 الفا خلال سنتين، وارجع ذلك الى التشاركية بين الاتحاد والضرائب التى قضت بادخال انشطة اقتصادية عديدة كانت فى السابق غير خاضعة للضرائب، كما اختلف امر الجباية من التقليدية الى الطريقة الحديثة، مما انعكس على زيادة الايرادات المحلية. وفي ذات السياق أكد سعد يحيى خبير الضرائب، ان تدخل السلطة السياسية من الاسباب الرئيسية في فقدان موارد ضريبية كبيرة، وانه وبسبب هذه التدخلات خرجت جهات عديدة من المظلة الضريبية، الى جانب الإعفاءات من الوزراء ومجلس الوزراء، فضلاً عن تضارب الاختصاصات والمصالح بين المؤسسات، مؤكداً أن الإيرادات أصبحت بدون حماية، مطالباً بضرورة وجود دعم سياسي للضرائب، إلى جانب تطبيق العدالة الضريبية، واقترح انشاء جهاز قومي للايرادات.