وزع المركز السوداني للخدمات الصحفية الثلاثاء الماضي، خبرا ضمن نشرته يقول « أعلنت حكومة ولاية البحر الأحمر، عن زيارة مرتقبة للرئيس عمر البشير إلى محلية حلايب في شهر يونيو الجاري لافتتاح عدد من المشروعات التنموية والخدمية، ضمن زيارته لولاية البحر الأحمر، وكشف والي الولاية، محمد طاهرايلا، للمركز السوداني للخدمات الصحافية، عن جملة من المشروعات التنموية والخدمية التي سيفتتحها الرئيس، مشيراً إلى أنها تعتبر الزيارة الأولى لرئيس الجمهورية إلى محليات الولاية لافتتاح مشروعات تنموية، تشمل (7) محليات ، من ضمنها محلية حلايب». بالطبع الخبر كان مثيرا لبعض الصحف التي اعتقدت أن البشير سيزور المثلث الذي تحتله مصر وتبسط سيادتها عليه، منذ العام 1992 عندما اعترضت مصر على إعطاء السودان حقوق التنقيب عن الغاز في المياه المقابلة للمثلث إلى شركة كندية، فانسحبت الشركة حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة،ومنذ ذلك التاريخ لم يستطع مسؤول سوداني زيارة المثلث حتى الآن،وكانت آخر محاولة من مساعد الرئيس موسى محمد احمد العام الماضي، ولكنه عاد أدراجه رغم وصوله البوابة التي وجدها مغلقة ويحرسها جنود مصريون،ولذا فإن زيارة البشير لو كانت إلى المثلث المحتل لكان الخبر خبرا كبيرا ومثيرا ولكن..؟! خبر المركز السوداني للخدمات الصحفية لم يكن كاذبا أو غير دقيق، لكنه ضلل الذين لم يدققوا في كلماته، فقد قال الوالي ايلا إن البشير سيزور محلية حلايب التابعة لولايته،ومحلية حلايب ضمن محليات ولاية البحر الأحمر، ولكن ليست حلايب الأصلية المحتلة وإنما مساحة أخرى على الساحل عاصمتها مدينة أوسيف،وكذلك فإن الزملاء الذين طاروا بالخبر عنوانا رئيسيا ضللوا الرأي العام؛ لأن خبر زيارة إلى أوسيف لا أعتقد انه كان سيجد حظه عنوانا رئيسيا كما لو كانت إلى حلايب «ست الاسم» وليس «حلايب التايوانية المقلدة». وأمس نفي وزير الخارجية علي كرتي زيارة الرئيس البشير إلى منطقة حلايب، وقال إنه سيزور أوسيف، ولكن ما أحزنني اتهامه وسائل الإعلام المحلية بتعاطيها غير الدقيق وقال إن» تجاوب الإعلام مع الخبر غير حقيقي وفيه تسرع لم يكن حكيما « وناشد الإعلام المحلي بعدم صب النار على الزيت -حسب تعبيره- ،ودعا جميع الصحفيين إلى البحث عن الايجابيات في العلاقة بين البلدين وليس السلبيات. هذا حديث لا نقبله من وزير الخارجية لأن الصحف لم تختلق الخبر، فمصدره والي البحر الأحمر ووزعه مركز إعلامي ليس محسوبا على المعارضة أو المتآمرين وعناصر الطابور الخامس،ولا أظن الحديث عن احتلال حلايب من مصر فيه صب للنار على الزيت أو تصعيد، ولا يزال مواطنو حلايب في انتظار حل للنزاع على المثلث ،ونتمنى أن تتحول إلى منطقة تكامل حقيقي بإدارة سودانية مصرية مشتركة ولننسى موضوع السيادة ولو مؤقتا لو كان ذلك ما تريده الخارجية السودانية. ويبدو أن حلايب غابت من المحادثات السودانية المصرية قبل أن تتحول إلى منطقة تكامل وبإدارة مشتركة، فقد قال كرتي عقب لقائه وزير الخارجية المصري نبيل العربي بعدم ذكر مفردة « حلايب» طيلة فترة الاجتماعات المشتركة التي التأمت بين الجانبين أمس، وتابع» لم نذكر أية حالة من حالات انتهاك السيادة لا من السودان أو من مصر». وبما أن وزير خارجيتنا كان لصحافتنا وإعلامنا من الناصحين والمقرعين ، فإن وزير الخارجية المصري سار على طريقه ولم يقصر في تذكيرنا بمهامنا ومسؤولياتنا ،فقد شدد على ضرورة خلق نموذج تكامل بين البلدين وأن يترك موضوع السيادة جانبا باعتبار أن مصر والسودان دولة واحدة، مناشداً الطرفين بإبعاد الأمور التي يمكن أن تثير حساسية والنظر إلي الأمام وليس الخلف. وقال « انسوا الموضوعات التي تعمل عناوين في الصحف وابحثوا عن المصالح المشتركة بين الجانبين «،..حاضر يا الوزير نبيل، فما دام أن علي كرتي أراد تحميلنا مسؤولية نشر خبر زيارة البشير إلى حلايب (فالجات منك مقبولة) لأنك سمعت من صديقك كرتي ولم تزد عليه كثيرا ،وأنت ضيفنا ومن الواجب إكرامه وحسن وفادته. وبما أن نبيل العربي لن يزور بلادنا المرة المقبلة وزيرا للخارجية وإنما أمينا لجامعة الدول العربية، فنقول له مبروك أولا ،ونهديه هذه المعلومات :» مثلث حلايب مساحته 20,580 كم2، توجد به ثلاث بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، ويبلغ تعداد سكان المثلث نحو 200 ألف نسمة ينتمون لقبائل البشاريين والحمداواب والشنيتراب والعبابدة، ويشاركهم قليل من الأمرأر والرشايدة»، مكرر إلى علي كرتي أمير المجاهدين السابق.