* من يقول لك « أنا ماشي الصحافة « فسينصرف الذهن مباشرة إلى حي الصحافة الشهير بالخرطوم وهو حيٌ قطنت فيه لفترة زاهية من عمري طوال عقد الثمانينيات من القرن الماضي.. وهو من أشهر الخطط الاسكانية الذي تولَّت صحيفة الصحافة مسؤولية متابعة مجريات تخطيطه وتوزيعه وخدماته بقلم الأستاذ الكبير الراحل سيد أحمد خليفة المساعد عليه الرحمة والرضوان في عهد الأستاذ الرائد عبد الرحمن مختار له المغفرة والرحمة.. فاشتهر الحي باسم الصحافة واستحال اليوم إلى مدينة متسعة الأرجاء متسعة البنيان مزدهرة السكان تمثل كل السودان.. قال الشاعر الأديب الأستاذ محمَّد محمَّد خير الرزوقي ملحقنا الإعلامي بالدوحة ومن قبلها بدبي.. يغازل حرمه المصون سعاد الحياة من غير سعاد زى تكون ماشي الصحافة تلقى نفسك في المزاد ياله من متلاعب لذيذ!! فالصحافة في الجنوب والمزاد في الشمال ولربما أراد محمد خير أن يشير من طرف خفي إلى العلاقة بين الشمال والجنوب التي إنفصمت عُراها أو تكاد بعد التاسع من يوليو القادم. * «أنا ماشي الصحافة» عبارة أجبت بها على كثير من القراء والأصدقاء « والإخوان «.. بالمعنى الاشمل لكلمة الإخوان... وعلى كل من سألني لماذا توقفت عن الكتابة في صحيفة آخر لحظة الغراء؟ وأين عمود لكن المفروض؟ وللعمود مسيرة امتدت لعقدين من الزمان بدأت بصحيفة الإنقاذ الوطني.. فألوان.. فالشارع السياسي.. فالصحافي الدولي.. فآخر لحظة .. وأخيراً وليس آخراً .. بإذن الله .. إلى الصحافة. وقد تفضَّل الأستاذ النور أحمد النور رئيس تحرير صحيفة الصحافة باستضافة عمودي لكن المفروض على صفحات صحيفة الصحافة كبرى الصحف القومية .. ساحة الرأي والرأي الآخر والتي يجب أن تكون كذلك منبراً لكل أهل السودان بمختلف توجهاتهم وسحناتهم بل وشحناتهم المعرفية والثقافية والسياسية ومن أراد للصحافة أن تُجيَّر لصالح حزب أو تيار معين فستبوء خطته بالخسران المبين فقد أسست قواعد الصحافة على مبادئ راسخة هي الديمقراطية والحرية والوحدة والسلام.. بالمفهوم الأوسع لهذه الكلمات.. فالديمقراطية ليست تلك الممارسة الموسمية في صناديق الاقتراع لتأتي بأحزاب لا تمارس الديمقراطية داخلها وتنحصر قيادتها في البيت الواحد ويظل «التناسل» هو المعيار الأوحد لتولي زمام الحزب.. والحرية ليست الفوضى وليست المنحة التي يمنحها الحاكم لمن يشاء وكيف يشاء لكنها الحرية المسؤولة والتي تقف حدودها عندما تبدأ حرية الآخرين .. والوحدة ليست الوحدة الجغرافية بين شمال السودان وجنوبه والتي أصبحت جزءً من الماضي لكنها الوحدة في التنوع الإثني والثقافي والديني والجهوي في وطننا السودان وطن الجميع الذي تتساوى فيه الحقوق والواجبات ويتساوى الجميع أمام القانون. * أنا ماشي الصحافة .. لأنضم لتلك الكوكبة من كتابها ومحرريها وطاقم قيادتها الذين نذروا أنفسهم خدمة لقضايا الوطن وهموم المواطن ودعماً لمسيرة الديمقراطية والحرية والوحدة والتي اتخذتها الصحافة شعاراً ودثاراً وبذلت في سبيل ذلك الجهد والعرق وعصارة الفكر .. وعلى صفحات الصحافة نلتقي.. بضاعتنا الرأي .. «والأعوج رأي .. والعديل رأي» اللهم أهدنا سواء الصراط.