في رحاب عام 2008م صدرت الطبعة الاولى من مسلسل «موكب النور.. رؤية درامية للسيرة النبوية» للكاتب حسب الباري سليمان من منشورات سلسلة ثقافة للجميع، وهي من اصدارات وزارة الثقافة والشباب والرياضة. ومؤلف الكتاب الاستاذ حسب الباري سليمان محمد طه كاتب وناقد وشاعر وقاص له العديد من المساهمات نشرت بالصحف والمجلات المحلية والعربية، وهو عضو رابطة الكتاب السودانيين ونادي الشعر السوداني. والكتاب شائق ممتع في مجمله، وفيه نفس روحاني خالص، لحمته وسداه محبة نبوية فاغمة الاريج، شذية العبق، عطرة الانداء. بيد أن في الكتاب خطأ في معلومة أوردها الكاتب على لسان الشاب في الحلقة السابعة والعشرين من المسلسل «ص:114 من الكتاب» راجياً أن يصوب الكاتب ما وقع فيه من خطأ واضح في طبعته الثانية ان أذن الله له بالنشر: - الشاب: وتنكسر أسنان النبي صلى الله عليه وسلم في معركة حُنين، ويُشج رأسه، فيصمد محارباً ودمه ينزف دفاعاً عن دين الحق. والغزوة التي شُج فيها الرسول الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - وكُسرت فيها رباعيته ليست غزوة حُنين كما زعم الكاتب على لسان الشاب، بل هي غزوة أُحد شاهدة الحق على الايمان والبلاء والتمحيص والجهاد والاستشهاد والفداء «أُحد جبل يُحبنا ونُحبه» - في صحيح البخاري، وفي صحيح مسلم. وأنا هنا أورد ابتغاء الفائدة العلمية ما أثبته الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي «700 774ه» ناقلاً عن صحيح الامام أبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري «194-256ه» وصحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري اليسابوري «206-261ه» رضي الله عنهما: «.. عن عكرمة عن ابن عباس قال: «اشتد غضب الله على من قتله النبي في سبيل الله، اشتد غضب الله على قوم دمُّوا وجه رسول الله» صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أُحد وهو يسلت الدم عن وجهه وهو يقول: «كيف يُفلحُ قوم شَجُّوا نبيهم وكسروا رُباعيتهُ، وهو يدعو إلى الله» فأنزل الله «ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون» 128: آل عمران. ورواه الإمام أحمد عن هشيم ويزيد بن هارون عن حميد عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته وشُجّ في وجهه حتى سال الدم على وجهه فقال: «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم» فأنزل الله تعالى «ليس لك من الأمر شيء». وقال البخاري: حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد وهو يسأل عن جُرح النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أما والله إني لأعرف من كان يغسل جُرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبما دُوويَ، قال: كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسله وعليٌّ يسكب الماء بالمِجَنِّ، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرةً أخذت قطعةً من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم. وكسرت رباعيته يومئذٍ وجُرح وجهه وكُسِرت البيضة على رأسه». إن فن الدراما فن مؤثر غاية التأثير، وقد بلغ من التكنيك والتقنيات الحديثة مبلغاً عظيماً استطاعت به الدراما أن تنفذ إلى سلطان القلوب، وأن تصل إلى الأذهان والعقول، ولا يخفى تأثير سلطة الإعلام ايجاباً وسلباً في هذا العصر، ولهذا تستدعي المسؤولية المهنية وتقتضي الأمانة العلمية التثبُّت وتحري الدقة والموضوعية. من هذا الباب جاء نقدي لزاوية مُعينة من كتاب «موكب النور.. رؤية درامية للسيرة النبوية» لكاتبه الدرامي المُبدع الأستاذ حسب الباري سليمان الذي هو الأحرص ولا ريب على أن تكتمل لكتابه الأدوات الفنية لتشهق فيه عِمارة الفن.