٭ اواصل في مناقشة قضية قديمة ومتجددة تلك التي تشير الى علاقة المثقف مع السلطة.. وقد يرى بعضهم ان الناس في شنو وكاتبة هذا العمود في شنو.. أى يتساءلون عن أصداء ما يدور في الساحة السياسية من اعلان الدولة الجديدة في العالم دولة جنوب السودان وما يدور في كردفان او كادقلي على وجه الخصوص ومشكلة ابيي المتطاولة وحراك المؤتمر الوطني مع عضويته.. وفوق هذا كله ما يدور في العالم بين امريكا وباقي شعوب العالم.. والحقيقة ان ما تفعله امريكا وحليفاتها على خارطة العمل السياسي والعسكري يقف امامه العقل الانساني في حالة عجز تامة.. ولكن اقول ان قتامة هذا الواقع تفرض علينا او يجب ان تفرض علينا مناقشة القضايا الجوهرية التي ترمي بظلالها الايجابية على عملية الحراك السياسي والاقتصادي والثقافي.. فاذا وجد المثقف الفاعل متقد الوجدان بفعله ينصلح الحال ويختفي السؤال الازلي قضية المثقف والسلطة او السلطة والمثقف. ٭ عموماً اواصل فيما بدأته قبل يومين في المناقشة عن القضية المتجددة.. ٭ وجدت نفسي في اختلاف مع الفيلسوف الوجودي سارتر الذي يقر بأن الجحيم هو عيون الآخرين واختلف مع الاستاذ فهمي هويدي اختلافاً قد لا يكون جذرياً من حيث وجود الظاهرة ولكنه اختلاف يقود الى مفهوم مختلف تماماً لمعنى المثقف ولمعنى نوعية السلطة في نفس الوقت. ٭ فأنا مثلاً لا انكر شاعرية المتنبي او ابي فراس او اي من شعراء البلاط على مدى التاريخ العربي والاسلامي ولكن اتحفظ في ان اطلق عليهم صفة المثقفين.. فالثقافة عندي هى توظيف المعرفة لخدمة المبدأ الخير وخدمة الآخرين قبل النفس وبمعنى آخر هى نكران الذات.. وبالمثل فقد يكون هناك كتاب وشعراء ومغنين ومسرحيين ولكنهم ليسوا مثقفين هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى ليس كل من يقف مع السلطة هو انتهازي او متعاون مع الاستخبارات فقد يكون موقفاً ناتجاً عن قناعة وتفهم لتلك السلطة سواء أكانت عسكرية جاءت عن طريق انقلاب ام ديمقراطية جاءت عن طريق انتخابات.. أو جاءت عن طريق انتفاضة عامة أو محدودة. ٭ ولكن التساؤل يتسع عندما يحدث التحول المفاجيء والإدعاء بأنه كان يعمل لهدم السلطة من الداخل.. عندما تذهب السلطة وحكومتها ويستعد للحاق بالجديدة.. هنا فقط تكون الانتهازية والسقطة الكبرى. ٭ عموماً المشكل ما زال قائماً بالحاح وهو موقف المثقف من السلطة فالمتعلم شيء يختلف تماماً عن المثقف.. مفهوم المثقف الايجابي هو توظيف المعرفة لخدمة الهدف القائم على الاحساس بقضايا الآخرين في نكران ذات.. ولنقل ان المشكلة الحقيقية تخص المثقفين ووضعهم في اطار السلطة والمجتمع. ٭ والسلطة هنا قد لا تعني الدولة او الحكومة بقدر ما تعني اي مؤسسة تحاول ان تتسلط بافكارها على مجموعة من الناس من خلال فرض الرأى قسراً عن طريق الطائفة او العشيرة أو الحزب. ٭ تتجسد امامي دائماً ساحة العمل الثقافي والسياسي والاجتماعي بكل تكويناتها وابحث كثيراً عن المثقف والمتعلم الذي تحدث عنه سارتر ذاك الذي تخافه السلطة وتحسده الجماهير لأنه يفكر بعيداً عن المثقف المتعاون مع الاستخبارات والانتهازي ذاك الذي يتقدم مواكب النفاق كما يقول فهمي هويدي وأجد بعض المتعلمين يفعلون هذا. ٭ ولكن عندما احدق في الواقع العربي والافريقي او السوداني اجد مثقفين ايجابيين يعملون على زرع الامل وتمكين فاعلية المعرفة على وجه الخصوص بالرغم من القهر والتسلط وضيق مساحات الحرية. ٭ ما زلت اتساءل عن المثقف الذي نريد ولما كاد ذهني ان ينفجر من الحاح السؤال رأيت ان ادعوكم للبحث عن المثقف الذي نريد. هذا مع تحياتي وشكري