ثمة قلق وترقب كبير بانتظار التاسع من يوليو المقبل ،على الرغم من هدوء الأوضاع هنا في الخرطوم .فلاتزال الأوضاع مضطربة في أبيى و التصعيد مستمراً في جنوب كردفان .الأمر الذي دفع أعضاء مجلس الامن الدولي للتحلق حول طاولاتهم المستديرة عند الثالثة من مساء أمس الأول (بتوقيت غرينتش) ، للوقوف على الاوضاع الامنية المضطربة في السودان، وتأتي الجلسة الثانية للمجلس ضمن جدول أعماله ليوم الاربعاء ،والمخصصة للاستماع لتقرير الأمين العام حول الأوضاع في السودان ،بعد الجلسة الأولى التي تناقش الاوضاع في ليبيا ،حسبما يبين ذلك برنامج العمل اليومي بموقع مجلس الأمن الدولي على شبكة الانترنت ،وينتظر أن تسفر الجلسة المؤجلة من الجمعة الماضية عن قرارات جديدة بخصوص التصعيد العسكري المتصاعد في جنوب كردفان مع إقتراب إنقضاء أجل الفترة الانتقالية ،بعد أن فشلت الجهود الافريقية الساعية لاحتواء الازمة في أديس أبابا اليومين الماضيين،لتعود الاوضاع على الارض إلى سابق عهدها ،فور وصول طائرتي وفدي التفاوض إلى كل من جوباوالخرطوم ،لتُجدد الاممالمتحدة شكواها بالامس من قصف متواصل من قبل الجيش السوداني في مناطق محيطة بكادوقلي وكاودا، أكبر معاقل الجيش الشعبي بجنوب كردفان، وهو ما لم ينفه الجيش الحكومي السوداني ،مشيراً إلى أنه أسقط أحدَ عشرَ قنبلة عبر طائرتين حربيتين مستهدفة مطارا بكاودا على ما يبدو ، كما سقطت قنبلتان قرب مقر البعثة الدولية (يونميس) على بعد مئة وخمسين متراً عن المطار، كما أن طائرات الاغاثة الانسانية منعت من الهبوط في كادوقلي لنحو أسبوع، كما حالت متاريس أقامتها ميليشيات مسلحة دون الوصول براً لمساعدة المدنيين، حسب مامضت إليه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين،مشيرة إلى أنهم يعانون بشكل كبير جراء القصف الجوي المستمر على ولاية جنوب كردفان.وفيما تتصاعد الاوضاع على الارض في جنوب كردفان ،تتعقد أكثر بالمقابل على المستوى السياسي ،حيث لم تتوصل قمة شريكي نيفاشا، التى جرت بينهما في أديس أبابا إلى أي اتفاق حول قضية أبيي ،حسبما شدد على ذلك سرينو هتقن وزير برئاسة حكومة الجنوب ،مشيراً في تصريحات صحفية أمس الأول بجوبا إلى أن المشاورات لا تزال مستمرة بين الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار والمؤتمر الوطني بقيادة نافع علي نافع ،حول جنوب كردفان والنيل الأزرق.إذاً لايزال الوضع كما هو عليه على جميع أصعدته السياسية والعسكرية،مما ينذر بعودة البلاد إلى مربع الحرب من جديد .بيد أن حرب هذه المرة لن تكون في إتجاه واحد كالمرات السابقة ،حسبما تشير إلى ذلك قرائن الاحوال ، فالمواجهة هذه المرة ستكون مع المجتمع الدولي ،الذي سيتدخل بقوة حالما إنفرط عقد الامور ،مماقد يقود البلاد إلى أن ترزح تحت قيود وصاية دولية حديثة يرى مراقبون أنها ضمن مرامي جميع اطراف الصراع ،مشيرين إلى أن المؤتمر الوطني يسعى للوصاية لاجل المحافظة على كراسي الحكم ،فيما تلعب الحركة الشعبية ببعض قياداتها على ذات الحبل كيما تضمن وضعا مريحاً في شمال السودان الجديد المهدد بتدخل دولي إستعماري ،حذر منه رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي في مؤتمر صحفي قبل ثلاثة أيام داعياً لوقف إطلاق النار في جنوب كردفان وأبيي وتنظيم إغاثة إنسانية واسعة وطنية ودولية والامتناع عن أي تصرفات انفرادية في القضايا الخلافية ،لتجنبه وبالتالي مسبباته المتلخصة في المواجهة مع المجتمع الدولي .لكن يبدو أنه لامناص من المواجهة ،فقد سبقت الحرب كل شئ ،وبدأت نذر المواجهة مع الأسرة الدولية تلوح في أفق السودان المعتم ،مع مجتمع دولي تتقدمه الولاياتالمتحدةالامريكية ،التي توعدت مساء الثلاثاء الماضي بوقف عملية تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن طالما لازالت اعمال العنف مستمرة في جنوب كردفان.حسبما مضى لذلك مارك تونر وهو المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ،مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة لن تتقدم وفق خارطة طريق التطبيع مع الخرطوم وأنها ستواجه عزلة دولية متنامية ،إذا ما اختار السودان مواصلة التصعيد ،وطالما كان يسعى الى حل عسكري لقضيتي أبيي وجنوب كردفان، معرباً عن قلق الادارة الاميركية حيال القصف الكثيف حول مدينة كادقلي وإنتشار عدد كبير من القوات العسكرية في هذه المنطقة .وعلى الرغم من قلق الخارجية الامريكية الذي بلغ الخرطوم في ساعات متأخرة من يوم أمس الأول ،إلا أن التصعيد لازال مستمراً ،ليتنامى القلق الامريكي ،ليخرج الرئيس الأمريكي باراك أوباما في وقت متأخر من ليل ذات الثلاثاء، ببيان مسجل ،حاثاً الأطراف المتنازعة في السودان على وقف القتال،مشيراً إلى أنه لاحل عسكريل في السودان بعد اليوم ، مبيناً انه على قادة السودان تحمّل مسئولياتهم وعلى الحكومة أن تمنع المزيد من التصعيد لهذه الأزمة من خلال وقف العمليات العسكرية فورًا، وبينها القصف الجوي والإجلاءات القسرية وحملات التهريب،قبل أن يحذر بالمزيد من العزلة للذين لا ينفذون واجباتهم المنصوص عليها في اتفاق السلام في إشارة واضحة لحكومة الخرطوم التي تعلو نبرتها التصعيدية مع صباح كل يوم جديد. الوضع إذاً مرشح للإنفجار على أكثر من جهة ،حيث ينتظر أن تخرج جلسة مجلس الامن بالمزيد من القرارات ،التي تعزز من وجود البعثة الدولية في السودان بصلاحيات قد تصل إلى تفعيل الفصل السابع ،والتدخل عسكرياً في حسم النزاعات العسكرية المتنامية في جنوب كردفان،كما أن الارجح أن تنشب حالة عزلة سياسية يجملها المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية ،البروفيسور صلاح الدومة في تصاعد المضايقات السياسية والعزلة الاقتصادية ،وتفعيل ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية ،وبالتالي العودة إلى سنوات الانغلاق الأولى ،ويمضي الدومة ،مشيراً إلى أن حالة التوهان التي تعاني منها الدبلوماسية السودانية ،تجعل من التنبؤ بآليات تعاطيها مع التصعيد الدولي أمراً عسيراً ،فحسب الدومة يمكن أن تنصاع الحكومة السودانية للضغوط الدولية وتقدم المزيد من التنازلات ،كما يمكن أن تمضي في تعنتها ،خاصة بعد تراجع عمليات التطبيع مع واشنطون التي بدأت باجراءات ثانوية كان يمكن أن تتطور للامام لولا تعقد الاوضاع على الارض .وبينما تتمترس الخرطوم حتى الآن خلف موقفها الرافض لوقف الحرب في جنوب كردفان وإصرارها على ملاحقة (المتمردين) هناك ،يدب القلق في أوساط المجتمع الدولي حسبما مضى لذلك باراك أوباما ،إلا أن تهديدات الولاياتالمتحدةالامريكية تبدو غير ذات بال بالنسبة للخرطوم ،التي طالبت ، الادارة الاميركية، بالكف عن اساليب «الترغيب والترهيب» التي ظلت تمارسها عليها، مشيرة إلى أنها لا تمارس مسؤولياتها طمعا في تطبيع او خوفا من عقوبات ،حسبما أكد على ذلك العبيد أحمد مروح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية ،مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة تدرك قبل غيرها أن الحركة الشعبية هي من بادر بالتصعيد العسكري، ومهاجمة القوات المسلحة وقوات الشرطة والأمن حتى وهي في معية وحماية القوات الدولية كما حدث في أبيي وجنوب كردفان ، وأن ما قامت به الحكومة هو رد على تلك الخروقات والاعتداءات وممارسة لسلطة الدولة في بسط الأمن.داعياً أمريكا لممارسة ضغوط حقيقية على «حليفتها» الحركة الشعبية كي تقدم مقترحات بناءة وتنخرط في جهود التفاوض بشأن تسوية القضايا المتبقية، حتى يصبح بالامكان اقامة جوار آمن وعلاقات تعاون بين شمال السودان وجنوبه.لهجة الحكومة الدبلوماسية تشير إلى أن الأمور ستذهب في إتجاه جديد تماماً ستفصح عنه الايام القادمة وحدها. [email protected]