من المهم أن تكون الزيارة المرتقبة للسيد رئيس الجمهورية لولاية البحر الاحمر، ذات أثر فعال على حياة المواطنين المساكين في تلك البقاع النائية، فقد مضت عقود من الزمان وهم يرزحون تحت أسر الفقر وانعدام التنمية والتهميش المتعمد، نعم اعلنت حكومة البحر الاحمر ان الرئيس سيزور محلية حلايب للوقوف على الاوضاع، ثم جاء وزير الخارجية وانكر الزيارة وقال ان الرئيس سيزور اوسيف او حلايب اخرى مزعومة، ثم انه استقر الرأي اخيراً على تأجيل زيارة الرئيس لتبدأ فعلياً مع مطلع هذا الاسبوع، لافتتاح عدد من مشروعات التنمية في بعض محليات الولاية. ان القراءة السريعة للاعلان الذي نشرته حكومة البحر الاحمر عن طبيعة المشروعات التي ينتظر من الرئيس افتتاحها، تكشف بعمق مدى ضعف تلك المشروعات وتواضعها بالنظر الى حجم الاموال التي صرفت عليها، وهذا هو ديدن الكثير من منسوبي الحكومة والحزب الحاكم، فهم يملأون المكان ضجيجاً لتكتشف انهم ما انجزوا الا القليل، ولتدرك حقيقة المثل الشائع «تمخض الجبل فولد فأراً». ان افتتاح طريق بطول بضعة كيلومترات لن يكون باي حال من الاحوال مثل افتتاح طريق قاري، ولذلك يتعجب المرء من ضعف أحلام الرجال في حكومة البحر الاحمر، فكيف ينظرون إلى بناء مدرسة او بالاحرى فصول في مدرسة وبعض المباني الاسمنتية الفارغة في مناطق غير مأهولة بالسكان أساساً؟ إن سياسة البحر الأحمر في التنمية مثل طريقة صندوق اعمار الشرق في هذا الخصوص، وقريباً سننشر صورة لمبنى من الاسمنت المسلح يقوم في ارض خلاء وغير مكتمل، وهو بتلك الحالة منذ سنوات عديدة، يقولون انه احد انجازات الصندوق، بيد اننا نقول انه حان وقت الحساب. ان محلية القنب والاوليب التي تعتبر من اغنى محليات ولاية البحر الاحمر من حيث رفد الولاية والمركز بالموارد، هذه المحلية لا محل لها من الاعراب في مجموعة مشروعات تنمية إيلا، فهي تشكو الاهمال ويعيش سكانها تحت خط الفقر والمرض والجوع الكافر، ومن المهم أن تتساءل رئاسة الجمهورية عن السبب الذي يجعل سكان هذه المحلية محرومين من التنمية في الوقت الذي يستخرج ذهب أرياب منها، نعم ليس من العدل أن تخصص الشركة الفرنسية المستثمرة في ذهب المنطقة ثلاثمائة ألف دولار سنوياً لتنمية المنطقة، ثم لا ينعكس ذلك على السكان. وبحسب المعلومات فإن حكومة الولاية تستلم هذه الأموال وتخصصها في أمور ليس من بينها تنمية منطقة القنب والاوليب بشهادة المشروعات المعلن عن تنفيذها بالولاية. إن ما يشكو منه سكان محلية القنب والاوليب التي تقطنها قومية الامرأر مقروءاً مع جولة ناظر عموم قبائل الامرار الاخيرة، يشير الى موطن الخلل الذي يستدعي المعالجة الفورية من قبل رئاسة الجمهورية، بما يعالج الازمة ويعيد لأكبر قومية في البحر الأحمر الاعتبار، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وما ذكر في مذكرة نظارة الأمرأر يعتبر قضايا مطلبية ما كان لحاكم أن يهملها إذا كان فعلاً يحكم بالعدل بين الناس. إن أداء حكومة ولاية البحر الأحمر في الفترة المنصرمة كان ضعيفاً ضعفاً بائناً، بحيث لا يمكن تغطيته عبر الإعلان عن افتتاح رئاسة الجمهورية لمشروعات متواضعة وضئيلة كلفت البلد مليارات الجنيهات. وبرأيي أن الزيارة الرئاسية التي تم تأجيلها آنفاً يمكن تأجيلها مرة أخرى لأجل غير مسمى، أو لحين استصحاب محلية القنب والأوليب ضمن مشروعات التنمية، وحتى لا يكون الحزن رفيق الآلاف من الغلابى في تلك المحلية المظلومة، فيما يتبادل الحكام الضحكات الاصطناعية وهم يتأملون المواكب والمركبات المستأجرة.