انقطاع التيار الكهربائى فى إحدى ليالي الأسبوع المنصرم، اتاح لى التحرر من سطوة الشاشة البلورية والفضائيات التى بات يضيق الفضاء ذرعا ببعضها، والتوقف عن ملاحقة العالم عبر الشبكة العنكبوتية التى تسرق كل الوقت وتجعلك مدمنا للانترنت. ففى هدأة هذا الليل الصيفي البهيج الذي يرفل فى غلالة رقيقة من الهدوء والنسمات الصيفية «البخيلة»، احتضنت جهاز الراديو الصغير تحت ضوء القمر الفضى الساحر، ورحت ادير مؤشره نحو العواصم والعوالم والمحطات التى تأسرك الاصوات الاذاعية المنبعثة منها، ولكل اذاعة طعمها الخاص ونكهتها المميزة.. مونت كارلو.. صوت العرب.. اذاعة الشرق الأوسط وال «بى. بى. سى» والقاهرة.. ويظل أثير هنا ام درمان والبيت السودانى هما الملاذ.. وأجمل ما فى انقطاع التيار الكهربائى ليلا، أنه يمنحك قدرا من الشعور المريح بالهدوء والسكينة، ويجعلك تسترخي لبعض الوقت بعيداً عن صخب العالم الملتهب بالأحداث الساخنة. وأروع ما فى المذياع أنه يمنحك حرية التحليق باجنحة الخيال، وتشكيل ملامح الامكنة والازمنة وفق ما تهوى، عكس شاشة التلفاز التى تجبرك على التعاطى مع واقع الاشياء المجرد بكل أبعاده الحقيقية والاستسلام لمنطق الصورة لا تكذب ولا تتجمل. ويصبح الراديو صديقا حميما اذا كنت تنصت الى محطة ذكية تجيد تلبية احتياجتك، بعد يوم طويل من الرهق الجسدى والنفسى. شكرا لكل الاصوات الاذاعية والكوادر الفنية التى تجمل فضاءات اثير هنا ام درمان ومحطات ال «اف. ام» ببرامج جذابة بنكهة سودانية أصيلة بمستوى عالٍ من المهنية على مدار ساعات اليوم. فوتوغرافيا ملونة: كلما استمعت الى المطربة الشابة عافية حسن أيقنت بأنها فنانة موهوبة صاحبة صوت له بصمة واسلوب اداء خاص ميزها عن أبناء جيلها الذين ظهروا معها من خلال «نجوم الغد».. وعافية رقم قصر مشوارها إلا أنها قدمت للمستمع السودانى مجموعة الأغنيات الخاصة التى وجدت القبول والاحترام، لأنها رصينة وجميلة ومحترمة.. فقد انجزت عافية ما سوف يخلدها حتى وإن اعتزلت الغناء بصورة نهائية، لأن العبرة ليست بالكم، والشاهد على ذلك الفنانة الراحلة أماني مراد والفنان صالح الضي. [email protected]