كعادتها لقاءات الرئيس البشير بزعيمي الحزبين الكبيرين لا تمر دون ان تخلف جدلا واسئلة من نحو هل اقتربت خطوات المشاركة في الحكم؟ وما هو العرض الذي قدمه الرئيس للسيد او الامام حسبما كان اللقاء.؟ جدل تزيده حالة التناقض البائنة داخل اروقة الحزبين التي تعبر عنها تيارات متباينة حول اهدافها متساوية في الاوزان فيهم من ينشد المشاركة في الحكم وآخرون يرفعون رايات المعارضة ويلوحون بشعارات اسقاط النظام. لكن كلما اقتربت المسافات بين الحزب الحاكم وقطبي المعارضة السودانية، تكهن المراقبون بقرب اعلان المشاركة لكن سرعان ما تتراجع العلاقة مرة اخرى الى ما كانت عليه، امر يرده المراقبون الى حالة الوهن داخل احزاب المعارضة وعدم تحديدها لاهداف بعينها. تجدد لقاء البشير والميرغني ببيت الضيافة بالخرطوم ليل اول من امس، وناقش امورا قومية كما صرح بذلك زعيم الاتحادي الذي كشف عن مطلبين تقدم بهما للرئيس البشير الاول يتعلق باعطاء الجنوبيين الموجودين في الشمال اقامة دائمة في الشمال بعد التاسع من يوليو، والثاني تمليك المزارعين اراضي مشروع الجزيرة، لكن الحزب الحاكم اعتبر ان المطالب لا غبار عليها لكنها تحكمها القوانين تحديدا فيما يتعلق بالمطلب الاول الذي اعتبره القيادي بالحزب الحاكم الدكتور ربيع عبدالعاطي في حديثه ل»الصحافة» امس بانه يتحقق وفق شروط وليس بالجملة، وتابع الامر متروك لنصوص القانون وهو لا غبار عليه لكن لا يمكن التحدث عنه بشكل جماعي لان الجماعيه في مثل هذه الامور غير موجودة على حد تعبيره، وزاد: هذه المسائل تخضع لتقديرات ، ويقول قيادي بالاتحادي فضل حجب اسمه: ان المطلب تدفعه آمالهم كاتحاديين للاتيان بالوحدة مرة اخرى وترك الابواب مشرعة لتلك الآمال، وقطع بان الانفصاليين شمالا وجنوبا سيجدون ان خيارهم لم يكن صائبا. وايضا الميرغني عقب اللقاء مع البشير لم يشذ في تصريحاته عمن سبقوه فعادة ما تحمل تصريحات الخارجين من بيت الضيافة كلما التقوا البشير عبارات من شاكلة (لم يتطرق اللقاء للمشاركة) هذا عين ما قاله الميرغني اول من امس، وشدد بان لقاءه بالرئيس لم يتطرق للمشاركة في الحكم لكنه ناقش مشاكل البلاد ، الا ان مصادر قريبة من المحادثات ابلغت «الصحافة» ان البشير جدد عرضه المعلن من قبل بتشكيل حكومة عريضة عقب انفصال الجنوب في 9 يوليو المقبل، ودعا الميرغني للمشاركة في الحكومة الجديدة، واكدت المصادر ان الميرغني ابدى ملاحظاته على العرض ووعد بالرد رسميا عقب مشاورات مع الهيئة القيادية لحزبه، وزادت المصادر ان الطرفين أقرا تشكيل لجنة للنظر في كيفية مشاركة الاتحادي في الحكومة، لكن ما الذي دعا الميرغني للاشارة الى ان لقاءه بالرئيس لم يتطرق للمشاركة وبحث قضايا وطنية فقط؟ سؤال طرحته على القيادي بالحزب الاتحادي الاصل علي السيد الذي بدوره اكد ان اللقاء لم يتطرق الى المشاركة في الحكم، وزاد ان المؤتمر الوطني لا يحترم الشراكة قبل ان يكشف ان امرها داخل الاتحادي محل خلاف، وتابع السيد قائلا (حديث مولانا صحيح ليس هناك طرح للمشاركة الا وفق برنامج محدد)، وكشف ان لجنتي الدستور ودارفور التي ينخرط فيها الحزبان لم تتوصل لنقاط مشتركة بعد، لكن مصدرا ضليعا بالحزب الاتحادي تحدث ل»الصحافة» دون الاشارة لاسمه قال: ان امر مشاركتهم بالحكم غير مستبعدة واشار الى انها ليست محل نقاش الآن، معتبرا الحديث عنها سابق ا لاونه لافتا الى ان الامر ستشكل له لجان لمناقشة شكل المشاركة، وحول الخلافات التي تحدث عنها السيد اوضح انها نقاط يمكن تجاوزها، من جانبه قال القيادي بالحزب الحاكم: ربيع عبدالعاطي ان دعوة حزبه للمشاركة لا تقتصر على حزب بعينه، واضاف ان المبادرة مطروحة للتشاور بين الاحزاب قاطعا بأنهم حتى الآن لم يتلقوا قرارا بالرفض من اي حزب لكنه عاد وقال: ان المشاركة في حد ذاتها لم تتكشف صيغها بعد لانها محل حوار وهو مبدأ مقبول لكن الكيفية تأتي حسب الاتفاقات. وعن نفي الميرغني لطرح الامر من اساسه يعتبر عبدالعاطي ان مصدر النفي هو ان الامر من جانب الاتحادي لم يتم نقاشه حتى يبدي فيه الرئيس رأيا. مهما اختلف الكثيرون الا ان حالة التقارب البائنة الآن بين الاتحادي الاصل والحزب الحاكم، لا يمكن التغاضي عنها رغم التصريحات التي ظل يطلقها بعض القيادات نافية بشدة مجرد التفكير في الامر مستخدمة كل طرق الهجوم تجاه الوطني في ذات الوقت هناك قيادات بالاتحادي تشير بين الحين والآخر الى ان طريق التلاقي بين الحزبين ليس مليئا بالاشواك كما يمضي الآخرين، بيد ان علي السيد يقلل من حديث وتأثير الداعمين لفكرة المشاركة في الحكم ويصفهم بأنهم تجار واصحاب مصالح يعرضون الحزب حتى يكسبوا صفقاتهم بالسوق واضاف (هم ليسوا قيادات بالحزب ولا يشتغلون بالسياسة انهم مجرد تجار) لافتا الى ان التيارات المنادية بالمشاركة تجد الرفض والمعارضة بشكل عنيف داخل الاتحادي مضيفا ان الوطني بدوره لا يرغب فيهم ، لكنه لم ينكر ان صوتهم يعلوا ويخبو بين الحين والآخر، ما يدعم ما ذهب له المراقبون بأن حالة التقارب والتباعد التي تعيشها علاقة الحزب الحاكم والحزبين الكبيرين جزء من ازمة الحزبين نفسهم لكن علي السيد يشدد ان ما طرحه حزبه واضح ومعلوم وهو لا مشاركة الا وفق حكومة قومية وفق برنامج مؤقت ودستور ومؤقت، واضاف كل ذلك تحكمه فترة انتقالية عمرها سنتان لافتا الى ان المؤتمر الوطني لم يرد على ملاحاظاتهم بجانب رفضه للدستور المؤ قت. تتكرار اللقاءات بين الرئيس والميرغني دون ان تخلف طريقا واضحا يمكن ان يسلكه الطرفان او يتمخض عنها اتفاق يدفع بالاتحاديين للحكم او يبقي عليهم كفصيل قائد بالمعارضة مع كل ذلك لا تصمت مجالس السياسة بل تتكهن بان الطرفين لا يختلافان حول امور كثيرة، حديث يعتبره علي السيد بأنه بعيد عن الواقع ولا يلامس الحقيقة، ويضيف: اي لقاء جمع الميرغني بالبشير لم يتطرق الا لامور قومية، لكن الحزب الحاكم يحاول ان يكسب اعلاميا من وراء اللقاءات.