الشهادة على العصر ليس بالأمر الهين ، وليس كلاماً يقال أو حبراً مداداً يراق ، وإنما هي مسألة قابلة للحوار ، على مستوى تلاقح الأجيال ، حتى تنتقل التجارب بهذا الشكل المنهجي ،الأب فيلب تخرج من كلية اللاهوت بالكنيسة القبطية الأورسزكسية في العباسية بالقاهرة سنة 1959م ، وتخرج منها عام 1963م ،وكان الأول بين خريجيها ، عين مشرفا على الخدمة القروية بطلب من الكلية الاكليركية ، بدأ الخدمة بكنيسة السودان عام 1964م ، التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة فرع الخرطوم قسم الدراسات الاجتماعية وتخرج فيها عام 1969م ، وتسلم الليسانس من الرئيس نميري في حضور درمسي وعصمت عبد المجيد ومحي الدين صابر ، رُسم قساً عام 1969م في عيد السيدة العذراء ، ورُفع بعد عام الى قمساً أي مديراً وهي أعلى درجة للمتزوجين ، التحق بالدراسات العليا 1979م تحصل على الدكتوراة من جامعة جوبا بموضوع الملائكة الأخيار في المسيحية والاسلام عام 2009م ، انتخب عام 1990 رئساً لحي الخرطوم غرب بعد معركة انتخابية ، مثل السودان في عدة مؤتمرات ، مؤتمر السكان ، مؤتمر الحوارفي الشرق الأوسط ، مؤتمر الحوار الديني ، مؤتمر الحوار في كليفورنيا ، مؤتمر الحوار الديني ، وهو أول رئيس لأول جمعية حوار أديان في السودان وهو رئيس لجمعية الكتاب المقدس في السودان... وقد تم اختياره سفيراً للسلام من قبل فدرالية السلام العالمي وتسلم وثيقة ترسيم من السيدة وداد بابكر ، يحاضر في عدة جامعات سودانية :- الأحفاد ، النيلين ، جوبا ، كلية النيل للاهوت ، جامعة الخرطوم ، جامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا ... هذه الكلمات قدم بها دكتور عبد الله صالح القس الدكتور فيلب ثاوث فرج عندما قُدم شاهداً على العصر في منتدى نادي القصة السوداني بالمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون ...تحدث الأب فيلب قائلاً:- الحمد لله انا شاهد رأيت بنفسي ، في شهادتي على العصر لي تطلعات معينة تجعلني أقول لو حدث أي اشكال مرتبط بالتنوع في أي بلد من بلدان العالم عليهم أن يأتوا الى السودان لأخذ الدروس ، لأن السودان أستاذ في العلاقات الانسانية واستاذ في التنوع وهذا الحديث لا أقوله مجاملة ، الرئيس عمر البشير في بداية الحكم شعر بهذا المأزق مثلما نشعر به نحن الآن ، اتصل علي وقال لي أبونا انا أريد أن أكون جمعية حوار الأديان وأريد أن تكون رئيساً لجمعية حوار الأديان ، فأنا تفلسفت عليه الحقيقة ( شوية ) وقلت له انا لا يمكن أكون رئيس بلا انتخابات ، فضحك ضحكة فهمت منها انه فهم ماذا أقصد وقال لي (وطيب مالوانتخابات مافي مانع ) وعين مجموعة من 12 شخص من جهابزة القوم في السودان ومنذ الجلسة الأولى رشحني دكتور مدثر سليمان وثُني الترشيح ووافقوا بالأغلبية على أن أكون رئيساً لمؤتمر حوار الأديان ومنذ تلك اللحظة وانا لي مشاركة كبيرة جداً في هذا الموضوع ، ومضى بنا الوقت وبعد ذلك تأسست جمعية حوار الأديان ومجلس التعايش الديني ومن أطرف ما أقوله الآن اني تركت هذا العمل ليشتغله الناس غيري حتى لا يأتي شباب التغيير ويقولوا أبونا قاعد هنا منذ كم سنة ، الشعب يريد اسقاط أبونا ، الحقيقة السودان في مأزق عندما يغيب عن الحاكم أمر التنوع في السودان ، المشكلة في السودان ليس في المحكومين المشكلة في الحاكم ، المشكلة في من يتولى أمورنا كما يقول المسلمون ، لأن الحاكم غير الفاهم نتعب معه تعب شديد ، السودان يفترض أن يرشح لجائزة عالمية في حوار الأديان لأننا أحسن من أن يستطيع أن يدير حواراً بين الأديان ، ونحن أيضاً أكثر من يقتنع بمسألة التغيير في المجتمع ، انا أعرف بعض الأصدقاء في البيت الواحد تجد المسلم والمسيحي ، يجتمعوا مع بعض طول اليوم يفترقوا فقط وقت الصلاة ، كنت في زيارة ذات مرة لموسى المك كور قبل ان ينتمي الي الشعبي قبل انقسام الجبهة لنصفين ، عرفني بشقيقه وقال لي أنه قسيس في الكنيسة المشرقية وموسى خريج الأزهر اسلامي قح من المسلميين الأشداء وليس الغلاظ ، السودان جاهز للتنوع وقابل للتنوع ولذلك ينبغي أن يقدم السودان لجائزة عالمية على مستوى العالم كله ، ودليل التنوع موجود ، الحقيقة هذا العصر هو عصر جميل ولكن ليس 100% لأن فيه متاهات معينة ندخل فيها ، نحن لا دخل لنا فيها ، وأكثر ما يعجبني في هذا العصر التآخي والتوادد والتعايش ، لي جيران من الحبايب ما شاء الله وانا في عيد الأقباط في المنطقة التي أسكن فيها الأقباط عددهم قليل ولا أعبأ بهذا لأن الجار عندي هو الجار ، في عيد الأضحى المبارك الف على كل الجيران تقريباً أدخل مئتي بيت ، وأحس بأنني جزء من هذه العائلات ، وأكون سعيد جداً ، من الأشياء الطريفة بعض الناس أذهب اليهم فلا أجدهم يتصلوا علي ليخبرونني أنهم في طريقهم اليّ ليعيدوا عليّ عيد الفطر أو الأضحى وهو عيد المسلمين ، في عيد الميلاد أفتح بيتي وأستقبل عدد كبير من المهنئين وعلى رأسهم رجال الصوفية في السودان وهذا على فكرة ليس مظهراً انما جوهراً ، يأتي اليّ عدداً من رجال الصوفية وأول زائر يأتي اليّ المشير عبد الرحمن سوار الذهب ويزعل ان أتى يوم 7يناير وهو غير موجود او عيد القيامة فيبعث اليّ برسالة فيها كلام كثير فهو رجل متحدث لبق ، ويأتي اليّ كذلك مولانا قريب الله والأدارسة ، صديقي الادريسي الذي توفى قبل أيام الى رحمة مولاه كان يعزني جدا ، اول مرة أزوره في العيد طلب من ابنه ان يصورنا مع بعض في بيته باعتبار انها مناسبة تاريخية فانتابني احساس بعد رحيله كأنه كان يحس بأنه راحل من الدنيا وأراد أن يسجل هذا الحدث الذي شهدته ، أيضاً في الأعياد كان يأتي اليّ عبد الله بدري ، ولم أكن أعرف أنه من الاسلاميين ، استمر لمدة 13 سنة يزورني كل عيد ويأتي ومعه بنتين صغيرتين ( حفيداته ) هذا الرجل كان أفقه واسع جداً الى أن توفي كنت لا أعرف بيته لأنه كان في الاعياد يأتي ويعيد علي بعد مجيئه من الحج ، عرفت بيته بعد الوفاة وذهبت للعزاء ، وطلبوا مني أن أتحدث وأنا أعرف عنه ما لا يعرفه أحد منكم أعرف أنه رجل يؤمن بحوار الأديان وتعايش الأديان لأن أفقه الواسع جعله يأتي بحفيداته اليّ ويجلسوا معنا ويأخدوا هدايا بابا نويل وهذا يعني أنه يريد أن يوضح لهم انهم ينبغي أن يرثوا منه أنه ليس اسلامي متشدد وانما هو مسلم ويحب غير المسلمين وهذا شئ كبير جداً ، وهذا يجعلنا نقول من ناحية هذا الموضوع نحن في أمان لكن لابد أن نحافظ على هذه الوحدة ونحن بكل أسف في هذا العصر نحن شهود ولكن ليس مشاركين الأشياء غير الجميلة ننسبها الي الحكومة والجميلة ننسبها الينا ، لم أكن أتمنى أن أكون شاهداً على انقسام السودان هذا أوحش ما رأيت وافراز ردئي سببه نظم الحكم في البلاد الحكام لم يعرفوا الكيفية التي يكسبوا بها الجنوبيين ، وبكل أسف ظل لعهد قريب الجنوبي ليس في مستوى غيره ، الجنوبي لم يجد نفسه وسط المجتمع رغم أن الجنوبي أتى وعاش وسط الشماليين وبشكل جيّد الا ان الذي حدث في هذا العصر يقلقني ويؤلمني وجرح مشاعري وكل ما أكتب أقول أن السودان وطن المليون ميل لا أعرف أن أقول وطن ايه الآن ، وما كنت أتوقع أبداً أن موضوع مثل الانفصال يرمي للناس لتقرر فيه مصيرها هذا موضوع غريب جدا واي شخص قدم للناس ينقسم الناس حوله الى قسمين ، هذه أكثر مسألة تألمت منها في حياتي بعد ذلك انا أحب السودان والسودانيين ولا أتواني في أي دعوة تقدم اليّ فيه ، حتى دعوات الأعراس البيها ، في البداية كنت أدعى للعشاء ظناً من البعض أنني لا أدخل المسجد ، لكن كنت أقول أنني سآتي الى الجامع لأن الله ربنا جميعاً وأحضر مراسم العقد ، ومن ضمن الطرائف ذات مرة بعد تكملة المراسم قدم اليّ الميكرفون لأتحدث فقلت مبروك ، فهم شعروا انني واحد منهم وكانوا يريدون مشاركتي ، جاء اليّ بروفسير بركات الحواتي وقال لي يا أبونا بنتي تزوجت وانت لم تكن موجوداً قلت له مبروك قال لي لا انا زعلان قلت له ليه انا كنت سأعقد لها قال لي لابد أن تأتي بيتنا وتعمل لها صلاة تبريك ، مشيت فعلاً وكان زوجها ابن الزعيم عبد الله خليل فجلسنا مع بعض مدة ثلاثة ساعات ، هذا البروفسير يدير حوار حول الأصول المسيحية في المجتمع السوداني ، دخلت الجامع كذا مرة وانا أشارك المسلمين في أعيادهم ، وأذكر كذلك الباحثة نازك هلال أعزها جدا وكنا نلتقي في جامعة القاهرة اتصلت عليا وطلبت مني أن أحضر احتفال زواجها ، وانا عادةً اجلس في الحفلة لمدة بسيطة جداً ، مشيت وباركت زواجها ووقفت أمام زوجها وقلت له يا ولدي مجئ الى هنا معك بالخسارة قال ليه قلت طالما انا هنا في هذا الفرح في بعض شروط لابد أن تسمعها ، طبعا العريس أول يوم يكون متحمس جداً ومستعد يكتب أي تعهد ، كان شروطي اولا ما تتزوج عليها الاسلام يعطيك الفرصة لكن انا لا أعطيك ، ثانياً ما في طلاق وكان يقول حاضر انا موافق ، بعد مدة اتصلت علي العروس نازك وقالت لي أريد أن أحضر اليك لأشكرك على حضورك قلت لها هذه المسألة عادية وانا حضرت كثير من الزيجات واصبحت علاقتنا اسرية وفق هذه المبادئ الجميلة ، من ضمن الطرائف أيضاً جاء اليّ ذات مرة بخبر اعتقال بشوالزبير ( رئيس الكنيسة الكاثوليكية ) كان وقتها الرئيس البشير يريد أن يستقطبه فأراد أن يصطحبه الى كينيا كان ذلك يوم الخميس والسفر يوم السبت ، سألت عن السبب قالوا ما عارفين ، قالوا لي هذا الرجل عنده سكري ونحن خائفين عليه لذلك لابد أن تخرجه ، ذهبت قابلت المتحري ، سألته قال لي انا بنفذ واجبي قلت له هذا الشخص مسافر مع الرئيس يوم السبت واليوم الجمعه فقال لي الا تأتي بأمر من القاضي الذي أصدر أمر القبض ، قلت له سأحضر لك أمر من رئيس القضاء ، مشيت لرئيس القضاء وكان عبد الله العبيد من ود مدني وكان يوم الخميس في مدني فذهبت لنائب رئيس القضاء وكان مولانا ابو قصيصة ، دخلت منزله وجدت بنت صفيرة قال لي هذه البنت بنت بنتك التي حضرت زواجها وكل القضاة قالوا هذا زواج مسيحي لأنه حضره فيلب ، فقلت له انت كسبان قال كيف قلت له بنتك هذه طلقت قال لا زوجها تزوج عليها قال لا فقلت له انت عايز ايه اكثر من هذا ؟ المهم مولانا أبو قصيصة كتب ورقة بالافراج عن ابونا البشر رئيس الأساقفة أخذت الورقة وذهبت الى المتحري والمحامي كان ابل الير وهو كان النائب الأول لنميري وكان له اتصالات لكن لم يستطع أن يعمل شيئاً وخلص الموضوع وخرج من السجن نحن خففنا حدة كارثة كانت ستحدث أنا مشيت يوم الجمعة الحراسة وجدت السفير الايطالي هناك ووجدت الأقباط يقولون ان السفير قال كذا وكذا فطفينا هذا الموضوع في لحظته .. كما تحدث الأب فيلو عن القطائع التي حدثت في المشهد السوداني السياسية والثقافية والاجتماعية وغير ذلك والتي كان شاهدا عليها قائلاً: اولاً أبدأ بموضوع الشريعة الاسلامية التي طبقت في عهد الرئيس نميري انا كمفكر أؤمن أنه من حق المسلمين أن يختاروا الشريعة الاسلامية ، وانا أيضاً كمفكر أرفض تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان انا ضد هذا التطبيق لأسباب !! ونواصل